أعلنت صالة كريستي للمزاد، أن نموذجاً مصغراً لعمل نحتي للفنان بابلو بيكاسو أهدي لمدينة شيكاغو قد يباع بما يصل إلى 35 مليون دولار عند طرحه في مزاد الشهر المقبل، وهو رقم قياسي بالنسبة لأعمال بيكاسو النحتية.
ولم يزر بيكاسو شيكاغو قط، لكنه أعجب بالمدينة وأهداها عملاً من الصلب طوله 15 متراً، واستكمل العمل النحتي لبيكاسو عام 1967 ووضع في ساحة دالي بلازا بالمدينة.
ونحت بيكاسو نموذجين مصغرين للعمل أرسل أحدهما إلى شيكاغو ليصنع العمل في حجمه الكامل على أساسه، وهذا النموذج معروض حالياً في معهد الفن بشيكاغو، واحتفظ بيكاسو بالنموذج الثاني.
وكان النموذج الثاني الذي سيعرض للبيع ملكاً لمارينا بيكاسو حفيدة بيكاسو قبل أن ينتقل إلى مجموعة المقتنيات الشخصية لتاجر الأعمال الفنية جان كروجير.
وقالت شارون كيم، المديرة الدولية للفن الانطباعي والحديث في صالة مزاد كريستي، إن تقدير ما قبل البيع يستند إلى أسعار حققتها أعمال مشابهة لبيكاسو.
وذكرت كريستي أن أعلى سعر حققه عمل نحتي لبيكاسو كان 29.1 مليون دولار وكان لرأس امرأة عام 2007.
وقررت كريستي عرض النموذج فىيشيكاغو حتى تحتضن المدينة العمل الأصلي والنموذج في آن واحد.
ويجذب هذا العمل السائحين والأطفال الذين يحبون التزحلق على مقدمته، لكن الناس في شيكاغو مختلفون حول ما يمثله.. هل هو امرأة أم حصان أم حشرة كبيرة؟
وقالت ليزا ريلي (42 عاما) من ضاحية غرايسليك في شيكاغو: «أعتقد أنه أشبه بالقرد.. إنه رائع.»
***
في «نداء الوقواق» رولينغ «تستعير» من الكوني عنوانه ومن كاتب مغمور اسمه
رواية «نداء الوقواق» التي صدرت في لندن، في شهر تموز الماضي، هي من نوعية روايات فن الجريمة، أو رواية بوليسية مفعمة بأجواء الخيال التقليدي السّاحر، والحوارات العميقة. وقد حققت هذه الرواية التي تتصدر حالياً واجهات الصحافة الثقافية أعلى مبيعات على المستوى العالمي، إذ بيع منها حتى الآن ما يزيد على ثمانية ملايين وخمسمئة ألف نسخة باللغة الإنكليزية، في غلاف فني. وما زالت الرواية تتصدر قائمة نيويورك تايمز للرويات الأكثر مبيعاً، سواء للنسخ الورقية، أو الإلكترونية. ما يبعث على الاهتمام بهذه الرواية غير موضوعها البوليسي ذات النزعة الإنسانية، أنها نشرت تحت اسم مستعار هو «روبرت جالبريث»، وهو الاسم الذي استخدمته الكاتبة العالمية صاحبة سلسلة «هاري بورتر» جيه. كيه. رولينغ، التي أكدت في تصريحات نشرتها صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أنها تعمدت نشر هذه الرواية باسم مستعار «من أجل التّحرر من القيود، وردود الأفعال النقدية، التي ربما لا تكون في محلّها الصحيح»، وقد كان لهذا التصريح دوّيه الإيجابي، على المكتبات ودور النشر والجمهور، فقد زادت مبيعات الرواية بشكل ساحق، وبخاصة في إنكلترا، كما أن «نداء الوقواق» وفي ترجمة ثانية «استدعاء الوقواق» وفي ترجمة ثالثة «صياح الوقواق» حصلت على المديح والثناء من جانب كتّاب روايات الجريمة، كما أشاد عدد كبير من نقاد الأدب حول العالم بالكاتب باعتباره قوة جديدة في هذا النوع من التعبير الأدبي، الذي لا يخلو من المفارقات التي تذهب بعيداً في تفاصيل البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة في الولايات المتحدة.
الكاتبة الأصلية للرواية أعربت عن أسفها لاكتشاف هذا التمويه وحقيقة استخدامها لاسم مستعار، وقالت في بيان نشرته في صحيفة «لوس أنجلوس»: «كنت أرغب في الحفاظ على هذا السّر لفترة أطول من ذلك، لأن وجود روبرت جالبريث كان مثل تجربة التحرير، لقد كان من الرائع أن تنشر كتباً بدون ضجيج أو توقع، وتحقيق متعة خالصة، لتحصل على ردود أفعال باسم مختلف». أما عنوان الرواية كما نرى فهو لافت للانتباه ويحمل دلالاته، فطائر الوقواق كما هو معروف يقطن في أوروبا، ويميل لونه إلى الرمادي، ويتمتع بصيحة خاصة ذات نغمتين، ومن الغريب أنه يحبذ وضع بيوضه في أعشاش غيره من الطيور.
جيه. كيه. رولينغ هي كاتبة إنكليزية ترجمت أعمالها لأكثر من 74 لغة ووزعت أكثر من 450 مليون نسخة من رواياتها، حاصلة على وسام الشرف البريطاني، وحائزة أيضاً على جائزة الحرية لمدينة لندن التي يعود تاريخها إلى 775 عاماً، وقد تم اختيارها من قبل لجنة تحكيم، قررت منحها هذه الجائزة تقديراً للخدمات الجليلة في مجال تطوير الذائقة الثقافية لدى أطفال وشباب العالم، وبهذه الجائزة المهمة تنضم رولينغ إلى قائمة من الشخصيات المعروفة التي حصلت على هذه الجائزة مثل الملكة إليزابيث الثانية وديانا أميرة ويلز الراحلة، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشيرشل، ورئيس جنوب أفريقيا الأسبق الحائز على جائزة نوبل للسلام نيلسون مانديلا. ومن المعروف أن رولينغ بفضل موهبتها النادرة وأجوائها الخصبة حققت نجاحاً وافراً في ثنائية الأدب والفن، بعد أن تحولت سلسلة هاري بوتر إلى أفلام، وبعد أن تحولت روايتها الأولى للراشدين بعنوان «مقعد شاغر» إلى مسلسل تلفزيوني من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية التي ستبدأ بثه مطلع العام القادم.
ومن التداعيات أن تتطابق الأسماء والعنواين في عالم الأدب والفن والفكر، فقد أصدر الكاتب الليبي إبراهيم الكوني من جيل الرومانسية الجديدة في الرواية العربية (نال جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى من الحكومة السويسرية، كما فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2008) رباعية بعنوان «رباعية الخسوف»، وتضمنت روايات: «البئر»، «الواحة»، «أخبار الطوفان الثاني»، و»نداء الوقواق»، والأخيرة التي صدرت عام 1989، كما يبدو لنا من عنوانها تتماهى مع رواية رولينغ، وكاتبها المستعار روبرت جالبريث. والدارسون لأعمال الكوني يرون أنه يمارس في نصوصه لعبة المزاوجات، فالمكان خيالي/ تجريدي، والزمان أسطوري/ واقعي، مما يجعل الدخول إلى مروياته، والخروج منها انتزاعاً، وأشدّ صعوبة. و»نداء الوقواق» العربية خاتمة رباعية «الخسوف»، فيها تتجمع عواطف الأحداث وبؤرها بعد توزعها في أوان موشور واسع. فهل يبدو أن هناك تماهياً إنسانياً ما بين الروايتين؟ ربما تكون ثمة تماهيات، فالكوني بنى موضوع روايته على الأسطورة، من خلال بناء المكان في السرد، ورولينغ بنت روايتها على حدث مفترض، من خلال خيال واسع، لكن كليهما لعب في خانة (نقد الحالة الاجتماعية والسياسية) كل على طريقته.