لقد عملت هذه المؤسسات وعبر استراتيجية تحويل الاهتمام والعمل على إحداث الصدمات من قبيل تخفيض التصنيف الانتمائي لتسع دول أوروبية من بينها فرنسا وإيطاليا والبرتغال والنمسا وإسبانيا حيث إن منطقة اليورو تبدو وكأنها كلها مستهدفة، وتتجه نحو الانهيار.
سابقاً ومنذ عشر سنوات، تعرضت وكالة( ستاند آند بورز) للانتقاد بسبب عجزها عن التنبؤ بانهيار شركةenron أو تعمدها تمرير مخطط إفلاس هذه الشركة.
enron كبرى شركات الطاقة الأميركية على الإطلاق والتي تم إنشاؤها عام 1985 كان يعمل فيها 20000 موظف تم تسريح معظمهم بعد فضحية انهيارها عام 2001 نتيجة تلاعب مديرياتها في قوائمها المالية ومعروف أن هذه الشركة العملاقة كانت تمارس ضغوطاً على بوش الابن حيث أنه سمح لها بتعين المسؤولين الفيدراليين في مجال الطاقة لأن قواعد اللعبة تفرض أن تمسك فئة قليلة بمصير الملايين في مجتمعاتها لا بل أن تجلد ظهور ملايين أخرى في البلدان النامية.
كذلك تم توجيه الانتقاد لها ولنفس السبب عند إفلاس بنك lehman brather رابع أكبر مصرف في الولايات المتحدة وأيضاً بنكglobalm.f نتيجة ردود الأفعال القوية إزاء الصدمة النفسية التي أحدثها إعلان إفلاس هذه البنوك ونحن على بعد زمني صغير نسبياً من الانتخابات الرئاسية.
إنها حرب نفسية موجهة ضد بلدان منطقة اليورو عبر المؤسسات المالية الأنكلوساكسونية ومنابرها الإعلامية وفق ما يرى(لورانس بريسول)و(إيمانويل تودو) الباحثان الاقتصاديان خارج منطقة اليورو، وعلى الضفة الأخرى للأطلسي، فالولايات المتحدة التي تعد القوة الأولى عالمياً مالياً وعسكرياً واقتصادياً تعاني من متاعب ومشكلات هيكلية بل ومالية أيضاً إذ أعلنت أن حجم ديونها يبلغ 0150000000000000.
إن التنوع النقدي في التبادلات التجارية والبترولية بين الدول وفي ظل هذا الدين الضخم، ربما سرع من انهيار نظام الدولار النفطي، وهذا ما جعل الولايات المتحدة تحتل التصنيف الرابع من حيث سداد ديونها وفي هذا السياق فإن جنرالات البنتاغون ذوي الهيمنة العسكرية والمالية لا يمكنهم قبول فكرة التخلي عن استخدام الدولار في صفقات النفط التي تبرمها إيران مع الدول الأخرى ما يشكل تهديداً لهذه السياسة ولذلك فإن جنرالات المال والسلاح في البنتاغون يخططون اليوم لضرب إيران وشن حرب نفسية واقتصادية ومالية واستراتيجية ما تطلب تحريك حاملتي الطائرات uss carl vine sonوusibraham linclon .
منذ غرق المدمرة الأميركيةuss maine في ميناء كوبا عام 1898 في ظروف غامضة أثارت الكثير من الشكوك والتساؤلات بخصوص خلفيات الحدث ومن هم مرتكبوه والولايات المتحدة تبدع وتتفنن في استخدام الفكرة الشيطانية ذاتها ولكنها تعيدها بإخراج جديد، فغرق المدمرة استثمر إعلامياً لتأجيج الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على إسبانيا التي كانت تحتل كوبا في ذلك الوقت وكانت تلك الحرب القصيرة رائعة حسب وصف الرئيس الأميركي آنذاك(تيد روزفيلت)، دحرت فيها القوات الأميركية القوات الاسبانية وبسطت نفوذها على كوبا.
السيناريو ذاته أعيد عام 2001 لكن هذه المرة ليس في البحر بل في قلب نيويورك حيث تم تدمير برجي التجارة وبالطبع كان الاتهام معداً سلفاً وتم إلصاق الجريمة بالقاعدة.
يرى الباحث سايمور هيرتش أن ديك تشيني وزير الدفاع الأميركي الأسبق كان يخطط لشن هجوم على بوارج الأسطول الخامس الأميركي ومن ثم اتهام إيران بتدبير الهجوم لخلق المبررات لشن حرب على إيران وما التهديدات الأميركية والإسرائيلية لطهران إلا حلقة من حلقات الضغوط على هذا البلد الذي يسعى للخروج من نطاق سيطرة الدولار النفطي.
بالتأكيد إن إسرائيل وأنظمة الخليج النفطية تؤيد هجوماً على إيران لأنها تقوم على ذات الفلسفة الرأسمالية التي تتأثر بانهيار الدولار ويبدو أن ذلك ليس ببعيد فالصين صارت تسدد قيمة وارداتها النفطية من إيران باليورو في الوقت الذي تبدو فيه واشنطن غير قادرة على التأثير في السياسة الصينية.
ومعلوم أن العلاقات الإيرانية الصينية تعود إلى العصر ما قبل الإسلامي أي إلى القرن الأول قبل الميلاد والوضع مشابه في الهند، التي تسدد هي الأخرى قيمة نفطها المستورد من إيران بالروبية وكذلك هو حال روسيا التي وقعت اتفاقاً مع إيران لشراء النفط بالروبل أو بالريال الإيراني واليابان على نفس الطريق تسير.
إن هيمنة الدولار كعملة قوية في الاحتياط العالمي كان شيئاً مؤكداً ولكن هذه القوة تسير إلى زوال بعد أن كان التبادل التجاري يتم فقط بهذه العملة.
كتب المحلل بيتر دول سكوت إن قضية النفط مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدولار لأن هذه العملة مرتبطة بقرار منظمة الدول المصدرة للنفط opec بتحرير المشتريات والصفقات النفطية بالدولار.
يقوم اقتصاد الدول العربية النفطية في الخليج على نظام البيترو دولار الذي يرتكز في جوهره على اتفاقيتين سريتين تعودان للسبعينيات من القرن الماضي: الاتفاق الأول يؤمن للسعودية دوراً مهماً في قوة الدولار والثاني يرسخ بيع النفط بالدولار، وبهذين الاتفاقين تضمن الولايات المتحدة استمرار اقتصادها قوياً ولو طرأ هبوط على أسعار النفط بينما تقع تبعات ذلك على اقتصادات الدول الأقل تطوراً.
عندما حاول كل من العراق وليبيا تحدي نظام الدولار النفطي والخروج عن نطاقه شنت الولايات المتحدة حرباً مدمرة على كليهما، واليوم تقف إيران الموقف ذاته فهل ستنجح في ذلك؟
بقلم: مكسيم شيس