حيث تم التقاط كلام مسجل على شريط للسيناتور أوباما، وهو يقول لجو ويرزيلباتشر: «نحن بحاجة لتوزيع الثروة على أكبر عدد ممكن»، وهو ما وصفه السيناتور الجمهوري جون ماكين، المنافس لأوباما في تلك الانتخابات، بأنه كلام يشبه ما تقوله الاشتراكية .
ولم يقتصر الأمر على ماكين، بل راح المحافظون يرددون تلك التهمة، واتهمه السيناتور جونا جولدبرج بمحاولة تأميم أكبر شركتي سيارات أميركيتين، والترويج لاستيلاء الحكومة على الرعاية الصحية، وانتزاع السيطرة على وول ستريت من أيدي المديرين. طبعا، لم يكن هذا الكلام صحيحا . وقيام أوباما بوضع البنوك تحت السيطرة الحكومية، ثم بدء برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة الذي تم بموجبه تنفيذ حزمة الإنقاذ الأولى، والتي قد تكون حملت مسحة اشتراكية، لم يجعل أوباما أكثر اشتراكية من بوش الابن ووزير خزانته هانك بولسون الذي دشن عملية الإنقاذ المالي. كما أن أوباما رفض تأميم البنوك.
أما برنامج اوباما حول الرعاية الصحية، فهو مستمد من أفكار مؤسسة هيريتيج فاونديشين ، ولا يختلف عن نموذج الإصلاح الذي اتبعه ميت رومني حاكم ولاية ماساشوسيتس الجمهوري. ولم يكن هذا البرنامج «مؤامرة بولشيفية» كما يدعي خصوم أوباما. وأخيرا، فإن مشروع قانون دود - فرانك الإصلاحي الذي وافق عليه أوباما وتحول لقانون عام 2010، ينظم وول ستريت ولكنه لا يتحكم فيها. والكذبة الثانية ان اوباما هو أداة في أيدي وول ستريت.
صحيح أن الرئيس أنقذ البنوك وترك مديرها يواصلون الحصول على الملايين كرواتب ومكافآت دون استخدام الحوافز المالية التي كانت بحوزته عام 2009 في إعادة هيكلة المؤسسات المالية ومحاسبتها على تدمير الاقتصاد، لكن لا يوجد دليل على أنه فعل ذلك لأنه كان تحت سيطرة وول ستريت، حيث طبق برامج مثل «قياس الجهد» التي وضعها وزير خزانته لقياس أداء البنوك، وعمل من أجل إنشاء «مكتب الحماية المالية للمستهلك»، ووقف وراء «قاعدة بافيت» التي تستهدف منع فرض ضرائب على مديري البنوك وغيرهم من أصحاب الدخول الكبيرة أقل من الضرائب التي يدفعها المواطنون الأميركيون العاديون. بل فرض ضريبة اضافية بقيمة خمسة في المائة على الاثرياء،ولم يعتمد على وول ستريت في تمويل حملته الانتخابية مثلما يفعل السياسيون الجمهوريون بل والديمقراطيون في معظم الأحيان. والكذبة الثالثة ان اوباما متحدث لبق وخطيب مفوه.
لاشك أنه خطيب مفوه، ولكن القول بأن ذلك يرجع لأنه يقرأ من نص مكتوب بواسطة جهاز قارئ النصوص، هو ادعاء سخيف، علما انه يكتب أجزاء كبيرة من خطبه بنفسه. كما أنه كثيرا ما يلقي خطبه ارتجالا، ويحرص بالدرجة الاولى على أن يكون خطابه موضحا لأهدافه وسياساته. والكذبة الرابعة بأن خطة التحفيز التي طبقها أوباما قد فشلت. لقد بات هذا الموضوع مكررا لدى كل الجمهوريين بدءا من جون بوهنر إلى كارل روف إلى رومني مؤخرا. فالاعتراض على أجزاء من خطة التحفيز، والاعتقاد أنها فاقمت العجز شيء، والقول انها فشلت تماما شيء آخر.
ومع انقضاء العام الأول أكدت ثلاث مؤسسات أبحاث أميركية كبرى، هي «إتش آي إس جلوبال إنسايت» و«ماكروإيكونوميك ادفيزر» و»موديز أكينومي»، أن خطة التحفيز التي عارضها الجمهوريون في الكونجرس، كانت تستهدف خلق 2.5 مليون فرصة عمل. بل أن مكتب الميزانية في الكونغرس رأى أن حزمة التحفيز خلقت بين 1.4 مليون و4 ملايين وظيفة. والواقع ان أهداف حزمة الإنقاذ التي ادعى الجمهوريون أنها أقل مما يجب، كانت هي أقصى ما تمكن الديمقراطيون من الحصول عليه.
والكذبة الخامسة هي ان اوباما رئيس ضعيف، حيث يصر كبار الجمهوريين، مثل رومني وكريستي، على أن أوباما ضعيف وأنه يفضل التراجع والسكوت انتظاراً لقيام شخص ما بالتقدم، وهذا أمر غير حقيقي. ثم إن القول بأن «قانون العناية المتاحة» يعكس نقصاًفي القيادة، يشبه القول أن حرب العراق تثبت بأن بوش لم يكن قائداً. فلا يجب بحال الخلط بين القيادة في الاتجاه الخطأ، وبين عدم القيادة من الأساس. ناهيك عن أن اوباما أثبت أنه قائد جسور، حيث بادر بطرح موضوع الرعاية الصحية، وأمر بشن الغارة الجريئة على مجمع بن لادن رغم معارضة مستشاريه في الحالتين. أما بالنسبة لمن يقولون إن هناك حنيناً لسنوات كلينتون، فإنني عند حديثي مع كبار المسؤولين ممن عملوا مع الرئيسين، كان الرأي الذي سمعته منهم أن كلينتون كان رئيساً خلاقاً أما أوباما فهو رئيس حازم خلال الازمات.
بقلم :جوناثان التر