تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشعب الفلسطيني يختنق .. والكونغرس الأميركي السبب!!

مجلة تايم الأميركية
ترجمة
الأربعاء 15-2-2012
ترجمة ليندا سكوتي

وقف جواد التميمي على باب متجره المطل على الشارع الرئيس وسط رام الله قائلا:«لا أصدق ما تشاهده عيناي، وأسأل نفسي إن كنت حقا في مدينة رام الله!» ويأتي تساؤله هذا على الرغم من أن المشهد العام للمدينة كان عاديا

ولم يتغير عما كان عليه فالأرصفة تعج بالمارة الذين تزكم رائحة الشواء أنوفهم، وحافلات نقل الركاب تتأهب للحركة كل في دوره. فأين يكمن الاختلاف الذي جعل التميمي يشكك بوجوده في رام الله؟. لكنه لا يلبث أن يستدرك هواجسه ليقول «لم أشاهد من يحمل متاعا اشتراه، ولم أشاهد من يتوقف لشراء ولو شطيرة، كل ذلك حدث جراء الضغوطات التي يمارسها الكونغرس الأميركي على السلطة الفلسطينية».‏

كنت أتمنى أن أشاهد فلسطينيا واحدا من أصل عشرة يحمل حقيبة تسوق أو يشتري أي شيء، أو يقوم بعمل يدل على وجود حركة تجارية، كل ذلك الوضع المزري حدث على خلفية إحجام أعضاء مجلس النواب الأميركي عن إقرار المساعدة البالغة 147 مليون دولار للسلطة الفلسطينية. لأن أعضاء المجلس من الجمهوريين اتخذوا قرارهم بمعاقبة السلطة الفلسطينية إزاء تقديمها طلب انضمام لعضوية الأمم المتحدة في العام الفائت. وفي الحين الذي ينظر به الفلسطينيون بأن طلبهم فات أوانه نجد أعضاء الكونغرس يتصرفون بذات الصفاقة التي تتصرف بها الإدارة الإسرائيلية.‏

إن اقتصاد المساعدات (الذي تعتمد عليه السلطة الفلسطينية) يتم تمويله من قبل الدول الغنية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي بلغ إجمالي ما منحته للضفة الغربية منذ عام (2007) /4/ مليارات دولار وذلك بغية تشجيع السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس زعيم حركة فتح التي جعلت حركة حماس مرغمة على البقاء منكفئة على نفسها في قطاع غزة. وفي حين بقيت إسرائيل موالية الحصار الساحلي عليها بهدف إضعاف شعبية حماس، أغدقت تلك الدول ملايين الدولارات على السلطة الفلسطينية الأمر الذي جعل من مدينة رام الله الواقعة شمال القدس تأخذ مظهر المدينة المزدهرة حيث تشاهد تلالها مزينة بالأبنية الجميلة والمطاعم الحديثة وخاصة في الجزء الشمالي من المدينة الذي يتلقى الدعم المالي الكبير من وكالات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية.‏

يتلقى الفلسطينيون الدعم المالي من الولايات المتحدة عبر منظمات غير حكومية تحت أهداف مختلفة، فتارة من منظمة تسعى لبناء النظام القانوني الفلسطيني، وأخرى لتشجيع المساواة أو لمساعدة المرأة في أخذ دورها. على الرغم من أن كل برنامج مساعدة من تلك البرامج جدير بالبحث والمناقشة نجد في الجهة الأخرى من يسعى لاقتناص ما يرد من أموال لتدخل جيوب بعض المواطنين الانتهازيين من ذوي التوجه الغربي والذين نجدهم يعملون ليل نهار من أجل مصالحهم، ويبدو بأنه حتى هؤلاء تم التخلي عنهم في الوقت الحاضر.‏

ثمة مصدر دخل آخر للفلسطينيين يتمثل برواتب الموظفين الحكوميين التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني. ولا ريب بأن الفلسطينيين قد توفرت لديهم الخبرات والقدرات اللازمة لإدارة أعمالهم لأنهم مارسوا الإشراف على بعض النواحي الاقتصادية في البلدان التي رحلوا إليها كلاجئين مثل الأردن والسلفادور. لكن الضفة الغربية ليست بالمكان المثالي لاستثمار تلك القدرات لأن القوات الإسرائيلية تسيطر على الحدود، والسلطات المدنية الإسرائيلية تهيمن على الموانئ، كما أن واقع المستوطنات يحول دون الوصول إلى 40% من الأراضي. وفي أحيان كثيرة تعمد الحكومة الإسرائيلية إلى وقف تحويل الإيرادات الضريبية والجمركية التي جمعتها لصالح الفلسطينيين وفقا لمعاهدة تمت معهم بهذا الشأن.‏

عندما كانت الأموال تتدفق على الضفة الغربية شهد المواطنون نوعا من الازدهار الاقتصادي الذي مكنهم من اقتناء سيارات وبيوت. لكن وقف صرف الرواتب أدى إلى تفاقم الأعباء المعيشية وتراكم الديون عليهم حتى اضطر البعض منهم إلى بيع ما لديه من أراض أو حلي بغية تسديد ما يترتب عليه من ديون.‏

درج الناس في مثل هذه الأحوال إلى الإلقاء باللائمة على الحكومة، لكننا لم نقف على احتجاج بهذا الشأن، ربما لأن رام الله تعتبر معقلاً لحركة فتح الحاكمة، أو تحسباً من عملاء المخابرات الذين يتصيدون ما يقوله الناس. لكن مع ذلك فقد خرج البعض من المواطنين يقرعون الأواني الفارغة في شوارع نابلس احتجاجا على زيادة الضرائب التي فرضت بهدف سد العجز بالميزانية الذي نجم عن وقف المساعدات المالية. كما وأن الطلاب أضربوا احتجاجا على ارتفاع الرسوم الدراسية التي فرضتها السلطة بغية توفير دخل إضافي تتمكن بموجبه من الإنفاق على التعليم لأنها لم تجد مناصا من إغلاق ثلاث جامعات في الضفة الغربية نظرا لنقص في التمويل اللازم لها.‏

من دواعي الاستغراب، أن نجد الدول المانحة التي تدعي رغبتها بدعم المعتدلين في الضفة الغربية والمؤسسات الحكومية التي قال عنها سلام فياض رئيس الوزراء في حكومة عباس بأنها تمثل «خطوة نحو إقامة الدولة» تلجأ إلى وقف مساعداتها لأن السلطة الفلسطينية حاولت اكتساب العضوية في الهيئة العامة للأمم المتحدة ولا ريب بأن تلك المحاولة وما نجم عنها كانت السبب الرئيس في الأزمة الفلسطينية الحالية.‏

من الأمور المستهجنة أن نجد الكونغرس، مثله مثل إدارة أوباما، يطلب من عباس التخلي عن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية وتركيز جهوده على المفاوضات مع إسرائيل، تلك المفاوضات التي مضى على استمرارها عقدان من الزمن دون أن تحقق نتائج ملموسة والتي بدت وكأن المطلوب منها أن تقتصر على فلسطينيي الضفة الغربية دون سواهم حيث نجد أن الكونغرس يهدد عباس بوقف المساعدات إن لجأ للمصالحة مع حركة حماس.‏

يقف خالد، شقيق جواد التميمي، ملقيا بنظراته على المارة ويقول ليس لهم من همٍ سوى تحقيق الوحدة بين الضفة وغزة، والحصول على رواتبهم في كل شهر. ويستطرد: «إن الشعب يعيش ضائقة فعليه تكاد أن تخنقه».‏

 بقلم كارل فيك‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية