تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ملعب بور سعيد والفضائيات الدراكولية

فضائيات
الأربعاء 15-2-2012
جوان جان

انشغلت الفضائيات المصرية في الأيام الأخيرة –وما زالت- بحادثة ملعب بور سعيد التي ذهب ضحيتها أكثر من سبعين قتيلاً في أحداث شغب أثناء مباراة لكرة القدم من الدوري المصري،

قام خلالها بعض المشجعين بإرسال زملاء لهم إلى العالم الآخر على كفوف الراحة.. والواقع أن انشغال هذه الفضائيات الكبير والواضح بهذه الأحداث يطرح أكثر من سؤال حول دور الفضائيات العربية بشكل عام في محاصرة (الثورات) العربية وإلحاق الأذى بسمعتها (العطِرة) ورائحتها النفّاذة التي أزكمت الأنوف وأغلقت العقول .‏

ليس من الواضح بالضبط السبب الخفي الكامن وراء اهتمام الفضائيات المصرية بهذه الأحداث التافهة التي لا قيمة تُذكَر لها أمام إحساس الشعوب العربية، وشعوب العالم الثالث عموماً بحريتها وقدرتها على فعل ما تشاء بمن تشاء وفي أي وقت وظرف ومكان تشاء، فماذا يعني مثلاً مقتل سبعين أو حتى مئة شخص بسبب مباراة لكرة القدم مقابل شعور مَن قاموا بعملية القتل وإزهاق الأرواح بممارستهم للحرية؟ بل وماذا يعني مقتل مئة شخص في كل مباراة من مباريات الدوري في دول العالم الثالث مقابل شعور الملايين بأنهم يمارسون حريتهم حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل وإزهاق الأرواح، هذه الأرواح التي ينبغي أن تكون سعيدة وراضية وهي تتوجه إلى بارئها باعتبارها أوضح مثال على ممارسة الحرية في بلداننا التي تعاملت مع مفاهيم الحرية كما يمكن أن يتعامل فيل هائج مع شبكة من خيوط العنكبوت .‏

إن سلوك الفضائيات المصرية وهي تحاول تسليط الضوء على أحداث شغب ملعب بور سعيد يبدو سلوكاً مشبوهاً وغير مقبول لأنه من شأنه أن يفتح العقول على كيفية استيعاب شعوب عالمنا الثالث لمفهوم الحرية، ذلك أن على الدول التي نالت (حريتها) مؤخراً أن تتغاضى عن كل حوادث القتل والتخريب والإجرام التي أخذت تنخر في بناها تحت يافطة الحرية لأن ذلك سيؤثر سلباً على صورة (الحرية) أمام الشعوب التي لم تنلها بعد ولم تتنعّم بأساليب القتل السريعة والمضمونة التي تتنعم بها اليوم الشعوب العربية التي نالت (حريتها) في اختيار طريق الموت .. مؤخراً .‏

وأما أولئك المعلّقون والمحللون المصريون الذين يطلّون عبر فضائيات بلدهم ويحاولون أن يبثوا الوعي في مجتمعهم حول خطورة الفهم الخاطئ لممارسة الحرية فينبغي أن يتم الحجر عليهم لأنهم غير مدركين أنهم بعملهم هذا إنما يساعدون على أن تتخطى مجتمعاتهم مزالق القتل والتخريب، وتخطّي المجتمعات العربية لهذه المزالق من شأنه أن يحوّلها إلى مجتمعات جامدة وغير فعالة في إغناء نشرات أخبار الفضائيات الدراكولية التي تعيش اليوم على الدماء العربية، هذه الدماء التي تبدو سعيدة ومبتهجة وهي تغذّي هذه الفضائيات بأسباب استمرارها .‏

jaun@scs-net.org

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية