|
54 عاماً على الثورة الجزائرية..يوم منحت الارض سرها للشهداء شؤون سياسية (أما نحن العازمون على مواصلة الكفاح, الواثقون من مشاريعك المناهضة للإمبرياليين, فإننا نقدم للوطن أعز مانملك). قبل أربعة وخمسين عاماً نهضت فوق أرضنا الجزائر زنود طالعة من عبق الأرض لترفع فيها لواء ثورة جديدة على أرض الجزائر, بلد الكرامة والشهداء والتاريخ المجيد فكان مشهد اندلاع الثورة, ساحة مجد وجهاد ولدت نتيجة لانخراط أبناء الشعب في الثورة, مثلما عرفت قوافل الشهداء على امتداد أرض الجزائر وارتفعت فيها رايات الوطن لتقول للغاصبين: إن أرضنا لاتطيق الضيم وشعبنا لاتنكهه ساحات الوغى. فبعد مئة واثنين وثلاثين عاماً من ليل الاستعمار الطويل, وبعد أجيال حملت في ذاكرتها صور الحرائق والقهر, احتضن جميع الجزائريين والجزائريات الصبر معتصمين بحكمة لايعرفها إلا الذين يحسنون إعطاء الكلمة شرفها والعهد قدسيته, ويقدرون على رفض الاستلاب والتذويب.. بعد كل هذا الحصاد المر, هب الشعب الجزائري ليرفع ظلم الاحتلال مستحضراً تاريخ مجد طويل عماده العرق والدم والشهداء, لقد كان طريق الثورة شاقاً ومزروعاً بالأشواك والنيران وهول المذابح التي ارتكبها المحتل الفرنسي البغيض ضد أبناء القرى والمدن والجبال, إلا أن الثورة نهضت مثل شعلة مقدسة عرفت كيف تعبد الطريق نحو الحرية والاستقلال, ذلك الطريق الذي أضاءته دماء المليون ونصف المليون شهيد من أبناء الجزائر, شهداء أبرار نالت بلادنا مجدها الخالد, والآن حين يسير أبناء الجزائر في طريق الرفعة والبناء يدركون أن هناك من قدموا أرضاً نظيفة وسماء خالية من رماح الغاصبين ونهارات كالمرايا موردة بدماء مناضليها الشرفاء. لقد شاركت جميع فئات الشعب الجزائري في الثورة رافعة شعار الشهادة أو النصر, وكانت هناك دائماً أمثلة حية على ذلك ومن هنا فإن وثيقة أول أيلول لم تستثن المرأة الجزائرية حين دعت الشعب الجزائري كله لمؤازرة جبهة التحرير الوطني, ومد يد المساعدة لنصرتها ضد الاحتلال الفرنسي والامبريالية.. ولقد كانت علامات بارزة في ذلك اليوم الذي لاينسى في تاريخ نضال المرأة الجزائرية حين بادرت الفتيات في 19 أيار 1956 إلى التخلي عن مقاعد الدراسة والالتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني الجزائري استجابة منهن لنداء الأرض ونداء الثورة وإدراكاً من أمهات المستقبل لقيمة الوطن بلا مستعمرين, ولعل الأهم من ذلك هو ذلك الوعي الذي أظهرته الثورة لدور المرأة الجزائرية في معركة الاستقلال دفاعاً عن بلدها الجزائر, ولاينسى التاريخ مئات من أسماء المجاهدات الجزائريات اللواتي ضحين بأرواحهن واجترحن بطولات لا تقل عن بطولات الرجال في ساحات المواجهة ضد المستعمر الفرنسي البغيض. هناك قصص مازالت تروى عن بطولات النساء الجزائريات, فمنهن من كانت ترابط في الشوارع والأرصفة راصدة تحركات العدو, ومنهن من حملت العتاد والألبسة والتقارير عابرة مختلف الحواجز العسكرية والمعنوية, ومنهن من كانت تخفي السلاح طي جلبابها وكذلك المتفجرات لتقلها حيث تنفجر بجنود المستعمر, ومنهن من كن يعملن كرابط اتصال وتبليغ بين خلايا الثوار في المدن وشددن الرحال إلى الأرياف وا,لجبال ليشاركن في المعارك بشكل مباشر فيستشهدن أويؤسرن أو يصبن, وهناك من الجزائريات من دفعت بأسرتها في أتون المعركة وبكتهم بزغاريد الحماسة, وكانت نجمة أضاءت على مر السنوات الثورة في سمائها أمثال مجاهداتنا الجميلات, )جميلة بوحيرد وجميلة بو باشا وجميلة بو عزة ومريم بوعتوره ومسيكة وحسيبة بن بو علي( وكلهن بطلات, حتى أصبحت المرأة الجزائرية نموذجاً تحتذي به المرأة العربية وصورة مذهلة وموضوعاً كفاحياً للأدب الجزائري والعربي في كل مكان حتى أصبحت الثورة الجزائرية مصدر إلهام ومثلاً يحتذى به لمسيرة الكفاح العربي في أسلوب النضال وبذل الدم والروح فداء لحرية الأمة والأوطان. شمس الأول من تشرين الثاني 1954 كانت أكثر سطوعاً إذ أشرقت على الجباه وامتدت على ربوع البلاد, وكان اسم الثورة آنذاك عنواناً لكل أسماء الجزائر ولصور تاريخنا ثورة أتت لتفتح أبواب الحرية التي غيبت عن الجزائريين طوال مايقرب من قرن ونصف القرن.. تسند ظهرها إلى سياج من الورد في ساحة الشهداء العظماء, ترقب مواكب مليون ونصف المليون من أرواح الشهداء مانحة بلادنا مجدها الخالد. ذلك هو اليوم الوضاء في تاريخ العروبة وتاريخ الجزائر, سيبقى مختزناً أسرار عظمة أرض الجزائر وشعبها وقدرتها على الاستمرار بالحياة رغم كل المصاعب والعقبات ورياح التآمر التي تستهدف ضرب الجزائر وتمزيق وحدة أرضه وشعبه وحرفه عن دوره القومي. وإذ نحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة أول تشرين الثاني 1954 العظيمة, فإننا من دمشق بوابة التاريخ والأمجاد ومن سورية نتطلع اليوم أيضاً إلى بيارق الضوء التي تشع من دمشق لتكون منارة الحق القومي وقلعة الأهداف الوطنية والقومية المجسدة بكل بهائها بقيادة الرئيس بشار الأسد ونهجه الوطني والقومي المحصن بالوعي العميق لقضايا الأمة والوطن والمدافع عن العزة والكرامة العربية. أمينة فرع سورية لاتحاد النساء الجزائريات
|