تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفنان الراحل أحمد مادون... الأجواء التدمرية والتنويع التقني

ثقافة
الجمعة 31/10/2008
أديب مخزوم

افتتح معرض استعادي للفنان الراحل أحمد مادون في خان أسعد باشا, متضمناً مجموعة لوحات متنوعة في تقنياتها وأحجامها وتعطي المتابع فكرة عن مراحل تطور تجربته الفنية,وصولاًإلى لوحاته الأكثر تمثيلاً لأسلوبه وشخصيته وبصمته الفنية .

ويمكن اعتبار المعرض بمثابة بطاقة حب لتدمر المدينة الاثرية التي شهدت ولادته وتفاعل معها خلال رحلة حياته القصيرة (1941-1983) فهو ابن تدمر بامتياز, سحرته المدينة القديمة بأقواسها وأعمدتها وتيجانها وحكاياتها التي ترسخت في ذاكرته الطفولية منذ البداية .فقد ترعرع في أحضانها, وجسد في لوحاته بقايا أشلاء معالمها الاثرية التي تسعد أجواء الازمنة الهاربة والحكايات الاسطورية.‏

وعلى الصعيد التشكيلي قدم في لوحاته مختلف العناصر من انسانية وحيوانية ونباتية , كما قدم رموزاً مأخوذة من الحياة الشعبية أو مستعادة من ذاكرة مشحونة بالكثير من صور الاشكال الاثرية والصحراوية , وذهب لصياغة تكوينات تشكيلية اقتربت في بعض لوحاته من الاداء التجريدي, حيث تتماهى عناصر الاشكال والرموز وتتداخل فيما بينها, فتحمل إلى المشاهد رؤية بصرية تختلط فيها التكوينات التشكيلية الحديثة مع الاشارات المحلية والحضارية.‏

هكذا سجل في لوحاته قصائد حب تشكيلية لتدمر المدينة التي أحبها وتفاعل مع هواجسها وأحلامها الفنية, التي عمقت في فنه, هذا الحنين الدائم الى الطفولة والوصول إلى اللوحة الحكاية المفتوحة على تداعيات معطيات الازمنة الغابرة والتي عرفها وأحبها منذ سنوات طفولته وفتوته.‏

فهو ينتمي في أحساسيسه كلياً إلى المناخية التدمرية القديمة ,رغم حبه العميق للمظاهر العفوية الحاملة إيقاعية التلوين التلقائي الحديث والتي دفعته نحو صياغات الرموز التاريخية في احتمالاتها الدلالية والتعبيرية والتجريدية وحملت هواجس الارتباط بالماضي والحاضر معاً.‏

ولقد اتجه في أحيان كثيرة إلى تعبيرية مؤسلبة للوجوه قارب فيها أجواء لوحات بيكاسو وكان يبحث عن علاقة جديدة شديدة الارتباط بأحاسيسه الداخلية ,رغم انتقاله من المعالجة اللونية الشفافة, الى استخدام المادة بكثافة واضحة من خلال تسطيح اللون وتسميكه.‏

ولقد كان يعمل على اضفاء ذلك الجو التقاربي الذي منحه فرادة وخصوصية واسلوبية , رغم التفاوت التقني في معالجة لوحاته. وما هو بارز في لوحاته, تلك العفوية التي تفيد في تحريك الاشارات والرموز والاجواء المحلية, وتضفي انفعالاً مباشراً من خلال بعض اللمسات اللونية السريعة. غير ان هذه الانفعالية ( وبخلاف ما ذهب اليه بعض نقاد الفن عندنا) لاتنسحب على جميع اعماله, لأن بعض التكوينات تبدو حادة ورصينة في أماكن كثيرة من لوحاته. وبالتالي فهي تضفي نوعاً من الوعي على انفعالات الداخل, وهو أيضاً عندما كان يكثف التركيب الطبقي للون في بعض لوحاته, ويجعله متقشفاً وشفافاً في بعضها الآخر فإنه كان يخدم هذه المفارقة.‏

وهذا يعني ان صياغاته التشكيلية, كانت تعكس التقلبات الخفية والعلنيةلاحاسيسه الداخلية من خلال تبدلات الايقاع اللوني والتقني في فراغ السطح التصويري.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية