لم يخط الشاعر الحطيئة هذه العبارات للعلم فقط , ولم يعط نفسه الحق في أن يصفع بعض الشعراء , إلا لأنه كان يكره سماع الشعر الرديء , ولم يمنحنا نحن أيضاً هذا الحق إلا ليقينه أنه سيأتي زمن يفرخ ويتكاثر فيه مدعو الشعر, وهم شطار قادرون على تسويق أنفسهم , على أي حال ليسوا هم الملومين , وإنما من نصبوا أنفسهم نقاداً ورفعوهم رغم علمهم أنهم لا يستحقون متناسين أن الشعر الرديء يموت قبل أهله ويبقى الجيد منه وإن مات قائله.
وهو ما ينطبق على الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي أصبح كبيراً لأنه كان يشعر حتى النهاية بأنه لا يزال يتعلم المشي على الطريق الطويل الى قصيدة لم يكتبها بعد, أما ما ذكرني بقول الشاعر المخضرم , فهو المقال الذي قرأته مؤخراً في إحدى المجلات المحلية الصادرة عن جهة رسمية , وفيه يتحدث كاتبه عن ديوان صدر حديثاً لمن أسماها مشروع شاعرة, مشبهاً إياه بالديوان الاول للشاعر نزار قباني صاحب الحضور الاكبر في الوجدان العربي والذي أصبح ظاهرة شعبية من أول قصيدة كتبها, وذهب أبعد من ذلك فرآها كرائدة الحداثة الشاعرة العراقية نازك الملائكة وهي أيضاً تكمل ما بدأته أشجع امرأة في التاريخ العربي الشاعرة الاندلسية ولادة بنت المستكفي , لكن الكاتب الناقد عندما أسبغ على مشروع شاعرة من باكورة أعمالها صفات ثلاثة من عمالقة الشعر العربي أغفل أن الديوان لم يعد لها من لحظة طباعته ونشره , وأن الحكم في النهاية يبقى للزمن!!.