الحراك الثقافي في سورية من نبض الحياة والناس وغير معقد شأنه شأن أبنائه والهموم التي يتنفسها الناس، موضوعاته وفعالياته يعبر عنها برؤى سهلة على المتلقي، يعطي الأشياء الصغيرة حجمها وحقها، الكل على سجيته يعبر بموسيقا هنا ورقص هناك وأغان تحكي حال الناس، ولقاءات شعرية وفكرية لا يتعثر أحد بنطقها تأتي على السجية بأبجديتها وقواعد نحوها وصرفها دون أن يقلق مضمونها راحة المتلقي، لأنها وببساطة تخاطب مثقفاً صنعته الحياة في سورية.. صنعته كل أشكال الممانعة والصبر.. صنعته حالات الشبع والجوع، العافية والمرض، والاحتيال على كل الظروف الصعبة ليعيش الحلم في كل يوم ويعيش الواقع مع كل نفس, المشهد الثقافي المتجذر في سورية لم يمكّن أعداءه منه ولم يهدد أمن وأمان سورية بفضله أحد، فالصمود بقي عنوان النضال لتسع سنوات وبقي السوري بثقافته ينفض الغبار عن كاهل المدن المدمرة وعصي السوري على كل من تآمروا وراهنوا على ثقافته وفكره وعقله..
مازال الطفل الصغير يغني.. وبقيت الأم تهدهد رضيعها بحكايا وقصص وأشعار ترددها عن السلف، وبقيت وأقراني نتزاحم لتقديم كل ما هو بهي في الفن والموسيقا والأدب..وبقي من يسيل قلمه فكرا وإبداعا يفرقع كل رصاص العالم، وبقي من يسيطر على دمعه وألمه ويفتح ذراعيه للحياة معلنا أن لا يأس مع الحياة في سورية..