الندوة التي تناولت في محورها الثالث «الحداثة في الشعر العربي المعاصر» و«ثيمات الحداثة في الرواية السورية» و»الحداثة والقصة القصيرة».
تناولت ذلك، في جلسةٍ أدارها الأستاذ «سعد القاسم».. الإعلامي والتشكيلي الذي قدَّم لأساتذة محاضرين، كان أولهم:
الحداثة تعني العصرنة.. الانتماء للعنصرِ الحالي فكراً وذوقاً
نوجزُ، ومما استفاض الكاتب الدكتور «أحمد علي محمد» بالحديث عنه في موضوع «الحداثة في الشعر العربي المعاصر»، وبعد إشارته إلى دور شعراء مجلة «شعر» اللبنانية في حركة الحداثة الشعرية.. نوجز بقوله: «الحداثة تعني العصرنة، أي الانتماء للعنصرِ الحالي فكراً وذوقاً، بما يتَّسق والحال العلمية التي آلت إليها الحضارة، ولقد انبثقت حركة الحداثة في الشعر العربي، من جهود الشعراء الذين تمثَّلوها بشكلٍ صحيح، وهم الرواد أمثال «بدر شاكر السياب» و«يوسف الخال» و«أدونيس» و«أنسي الحاج» وغيرهم ممن أسهموا في رفدها بما أدى إلى تحديث التركيب الشعري، واللغة الشعرية التقليدية».
هذا ملخص ما بحثه «محمد» الذي تحدَّث عن كيفية نشوء مصطلح الحداثة، وعن تغلغلها في الفكر الأوروبي منذ اخترع «غوتنبرغ» المطبعة، وصولاً إلى النصف الأول من القرن العشرين، حيث ساهمت فلسفة «جاك دريدا» بإنهائها..
تحدث أيضاً، عن تطور قصيدة النص المفتوح لدى أدباءٍ شباب ينشرون على الشابكة «القصيدة الرقمية» وباختلاف تسمياتها «الومضة، التوقيعة، الهايكو»، ساعين بذلك لإعادة إنتاج أفكارٍ تشكّل تحولاً من الحداثة إلى ما بعدها..
«مراش» و«الجابري».. شكلا التماعاتٍ في الرواية السورية
ننتقل إلى «الحداثة في الرواية السورية».. الموضوع الذي دلَّ الكاتب الروائي «نذير جعفر» على مافيه من إرهاصاتٍ، قائلاً وبعد تطرُّقه إلى تمييز «باختين» بين الملحمة والرواية التي انفتحت على الواقع المتغير وما فيه من رهانات: «بدأت إرهاصات الحداثة في الرواية السورية مع «فرانسيس مراش» حيث غادر من حلب العثمانية إلى باريس الثورة والفكر والاتجاهات الفلسفية.. غرق في الكتابة متأثراً بالغرب، لكنه لم يتوقف لدى هذا التأثر، فكان مجدداً وساعياً إلى التحرر من القوالب البلاغية التي كانت سائدة، وهو بذلك اكتسب الريادة في الحداثة».
أيضاً، نوّه «جعفر» إلى الإرهاصات التي توجد لدى «شكيب الجابري» الذي عاش في ألمانيا وتأثر بآدابها بطريقة جعلته جريئاً في طرح القضايا المحرّمة، وهو ماحرَّر لغته من الأنماط البلاغية السائدة أيضاً.
نوَّه إلى ذلك، وإلى أن هذه الإرهاصات، شكلت التماعات في الرواية السورية، وتحولات عميقة في تراثنا، وتقنيات روايتنا.
حداثتي أن أعبِّر عن نفسي وشعبي.. بكلِّ التقنيات المتاحة
ختم الإعلامي والكاتب «حسن م. يوسف» محاور ندوة «الحداثة والأدب» بموضوع «الحداثة والقصة القصيرة» متجنِّباً التعريف، ومشيراً إلى أن هذا التجنب، يعود إلى إيمانه بمقوله فيلسوف القرن السابع عشر «سبينوزا»: «كلُّ تعريفٍ نفي».
يرفض التعريف، ليقوم وبعد سرد سيرته الذاتية، بالإشارة إلى أن القصة قد ولدت مع ولادة المجتمع البشري وتطوره، وبأنها مستمرة باستمراره.. أشار إلى ذلك، وإلى حكايته مع أول قصة كتبها وشكَّلت انطلاقته.. الانطلاقة التي كانت بعد تجاربٍ قصصية عديدة، حاول فيها مبكراً: «باكراً.. حاولت في تجربتي القصصية، أن يكون تطور الإنسان ينبع من بيئته، ويحيل ماضيه إلى حاضرٍ فكريٍّ-ثري. إنها دعوة لحداثة أخلاقية-إنسانية-فكرية، في زمنٍ اختلط فيه الجيد بالرديء.»
إنه ما انتهت به محاضرته التي ختمها: «حداثتي أن أعبِّر عن نفسي، وخواص شعبي، مستخدماً كل التقنيات المتاحة».