وفي ايلول تعطيك نبض الحرف لا يباسه مها فاضل الشاعرة المترفة حزنا وغيابا اكثر من الحضور ترحب بك زائرا لابداعها في ايلول اليست هي القائلة في ذلك:
أيلول فقط إذاً من أين يزحف البرد ؟
وكيف يتعرشُ الصقيع على أغصان الروح ؟
صديقي يقول لازال هناك متسع لدفء الضلوع
ضاعت ملامح الفصول وتماهت في بقجة الزمن العجول
هنيهة يا صديقي وستذرو آثارنا رياحٌ وفلول
لكنك انت ايها القارئ حين تدرك ان قبض الريح اسهل من ان تدرك المعنى المخاتل لما تقوله تبحر ثانية لانها تضع على طاولتها كل المعاني وتفردها دفعة واحدة تشدك اليها تظن انك القيت القبض عليها فاذا بها تختال بمكان اخر تفرشه سندسا قرمزيا وتوريه بزهر الرمان لكنه لن ينضج بين يديك ولا يستحق مبضعك ان يلتقطه تقول فاضل: فيما أنت لائذٌ بالزوايا العتمة يتربّع الآخر في صدر المكان يقص الحكايا والأخبار عن سالف عصرك والأوان ناهيك عن الجواري والقيان فيما أنت ضحلٌ انبثق الآخر عمقاً بلا قرار فيما أنت مستكين نبت الآخر جذراً قاطعاً شق رحم نيسان فيما أنت غائم كان الأخر الصحو في أوجه وفيما أنت غائب أتحت له وجه الحضور فيما أنت نائم امتلك الآخر حق البروز فيما أنت ضحلٌ اندلق هو سيلا عارماً جرفك أنت وحقيبة آثارك الى بركة الركود وحلٌ ووحلٌ حتى آخر الجنون وهي الشاعرة التي تسكب ندى الكلمات لتبوح اليك بما لايمكن ان يكون الا ندى من عبق الوحي العبقري تسترق منك لحظة انك غارق في التقاط المعنى ولكنك حقيقة تذهب لتسبح في بحر المعنى فاذا بك امام صوفيه لاهي بوح حزن ولا ترف فرح لكنها حقيقة من نبض الشعر تقول فاضل:
كُلُّ زرٍ هاربٍ من يُخاتلني بمساكبِ عطور
فَأشمّ وأشمُّ وأغور
كَدَرويشٍ دارَ ودارى ويدورْ
يُدغْدِغُ أنفي وأَنْفي...
عَبْقُ أريجه مَساربُ نورْ
فَينسلُّ وَ يَسْتلُّ وأثور..
يا عُنقَهُ يا مِرجَ زهور..
غابةٌ ما.. حملت أشجارها على ظهرِها
هاجرتْ صُعداً
نحو مطلعِ الشمسْ
لم يبقَ ثمّةَ مايربطها بهذي الأرضْ
في غيابكَ أضلعي ولفاضل مع غياب الرجل حكاية ليست حكاية انثى ورجل بل هي الوجود الاول وما يحمله من دلالات ومعان كيف لها ان تحمله نبضا او تذكارا وهي التي كونته وكانها تنتقم من البدوي او من نديم محمد فيما باح به للمراة ومن الام وامل هي لا ترى الرجل الا مندثرا لكن اين اندثاره من عبقها تقول:
تكاملت وتوازى مرَبّعي
غيابكَ اللامرئي
أراني أبعادَ حياةٍ منسيّة
فاستطالتْ وتكوّرت
وتربّعتْ فَتَرَبعّتُ على نفسي
مباركٌ اندثاركَ من هواءِ كوكبي
رَبِحتُ كلِّ الجغرافيا الممكنة
تلوّن تاريخي الآتي وازدهرَ بوحي
فولدتُ من جديدْ
الولادة الأجمل
وتَشَكّلَ الوليدْ وكما الشعراء الرومانسيون الحالمون بمساءات وردية وقهوة لا يعرف طعمها الا من كابد كما ابن زريق البغدادي تفتح شهوات المساء على نوافذ البحر وتهمس اليه قائلة:
قهوة مسائية...
وقارئة فنجان محتالة تنطحت لتقرأ فنجاني..
تنبأت لي بالأجمل...
والآتي الأفضل....
إلى الآن لم تطالعني إلا الويلات والكوارث...
إلى أن بزغت عينيه !! صدقتِ والله أيتها المحتالة..
عانقيني... أسرَّ لها فانداحتِ الأنوارُ والسحرُ فاض عانقيني...
بطيش ٍ توسلها أينعتْ شهبُ الليل بياضٍِِ ٍ في بياضْ عانقيني..
احمرَّ ثغرُ المساء افترَّ عربوناً بلهيبٍ اللقاءْ....
مرّةً أخرى تخذلني
أنتَ وكل الوقتْ مرادف الأرق
كأنك رهاني الخاسر
لستَ بديلاً ولستَ الأصلْ
ثمّةَ ما يشي بالوشي
إذ لا بصمات تَشي
تعوزني بضعةَ أعينْ
لأتملّى وأنتشي الكرامة لا تصرخ
بل تئنُّ.. وتَئنُّ.. وتَئن
إلى أن تستوفي الدَيْن وكما ان الفرح ليس مهنةالماغوط ليس هوابدا تحمله لغيرهافتنسى ان الفرح حضور وان للغاياب احزانه تقول فاضل:
كثيرٌ من فرح وكثيرٌ من رَهف
بعضٌ من بُكاء وبعضٌ من شغف
هيَ الأنثى: لؤلؤٌ صريحٌ والباقي مخبوءٌ في الصَدَف
يومٌ جميل يومٌ حارّ وفراشات سكرى
وأنتَ أنتَ مقرورٌ للأبد تصطلي
بوهجِ التراب تعبركَ الأقدام جذلى
بالشمس بالحياة وشمسكَ داخل الكفن
ترتجفُ صقيعاً تلتصق بكَ يا للسخرية
تطلب منكَ الدفء وهل قلمها مخضب
بغير مداد الانتظار اما طال
وقد حان له ان ينزف دمه على بياض الورق
في انتظار عودة القلم من ضلالته
ووصايا الأقدمين
نفضت الورقة هراءها وتعرت بحرية سجين
من حبرها وهي في غير نصوصها الدافئة تخاتلك لتقدم لك باقة نثر كانها من حقول البنفسج الحزين وهذا شيء من نرجسها النعسان تقول:
هوامش، شروحات وشاعر سقط في جوف كمين...
القط الذي كان يتشمّس على الجدار
كان يبدو هانئاً قرير البال
يفكر بآخر قطة صادفها وآخر سمكة رآها
تلمع القط الذي كان يتبختر كان ملكاً
على طول الجدار أزيز رصاصة ضلّت السبيل
جعلته يقفز رعباً
يتهاوى وعلى اسفلت الشارع الأسود
كانت الشمس آخر رؤياه
ملكاً كان على قطط الجوار
كلمة !تعثرت برصيف جملة..
اتكأت على زاوية شفتيك..
ثم فرت هاربة من الحوار..
كغيوم ملبدة ثقيلة تجمع الصمت بيننا..
ولم يهطل.. حجب لون عينيك...
عودي أيتها الهاربة...
عودي تائبة...وأكملي الجملة التائهة...
لحفظ ماء الوجه على الأقل...
فقد تجمد بخار العاطفة.. كتمثل معدن لن يذوب....
عندما شهقت تلك المرأة يوماً لم يكن بنيّتها الموت
وإنما أشياء أخرى أقلها شأناً الفرح
وأكثرها طموحاً الوصول للضفة الأخرى
وبين الفرح والوصول طريقٌ موصول....
إذا لم أعتنق حبك كنت كافرة العصر
يُشار إليها بالبنان اجتازها الطوفان ولم تتبلل...
كجارتين لحوحتين...
تلاحقك عيناي... تلتهمان أدق التفاصيل...
نهمتان لا تشبعان...ولا توجزان....
نفس الصابون يستحم به الجميع...
لكنه حين الذوبان على كتفيك...
تجعله فريا لا يتكرر ولامثيل لعطره من عبير....
فريدا..
لذراعيك نكهة الخشب العتيق..
وأنا لوحة منسية بلا إطار
دبيب أناملك...دبيب نمل مثابر...
على لجين كتفيّ....المترعتين بالشيفون العاشق..
وأنا أذوب...الشيفون خصم عنيد لك..
يتمسك بكتفيّ ولا يذوب..
سرقني الوقت...ماذا أرتدي لقبلتك الأولى...
أرتدي شفتيك...ووشاحي سيكون من نسج يديك...
بي توق لربطة عنق لم اعقدها...
لأهداب لم أداعبها...لتفاصيل لم أرتكبها..
لفيضان لن يجرفني...لهيجان لن أعيشه..
من قال وأعاد القول.. أن القناعة كنز لا يفنى..
هي كل الفقر وكامل القفر...
قال له هل غسلت يديك من دمي
نظر الآخر الى رأسه المستكين بأصابعه مبتهجاً
أيتحدث رأس يطير؟
هاله مارأى نبتت للرأس جذور عملاقة
التفّتْ والتفّتْ طمرت صاحب اليد
غير المغسولة في أعماق الخزي والعار
في أعماق الجحيم المشتعل
أما الرأس استحال غابة أولى
ومن أحشائها انبثقت دفقة حياة خُلق من جديد
كان نزقاً القمر الجميل لملم ضياءه
ليرحل بحقيبة ملأى بالنجوم
وكان يراوح الخطى آملاً أنني سأستبقيه
ليس غروراً ولكني أفضل ألقه من بعيد
رماده الفضي يؤجج نار المشتاقين فيشعّ أكثر وأكثر..
في لحظةٍ معه استعار شفتيَّ
همس أعذب الكلام هو لم يسمع
ولا أنا في هذا المدى الاخضر
كان بهاء الكلمة في هذا الحقل الندي
حاولنا ان نجمع باقة من رحيق الكلمات
ما بين مزاوجة الشعر بالنثر والحزن بالفرح
والقراءة السريعة لعبق الابداع
ويبقى لمن يتذوق الكروم
ان ينتظر خمرة الشعر في بهائها
ودنانها لعله الاقدر على رشفها من دنانها
لا من خوابي مستعارة
فالشاعرة التي تقول: إنها تجدل من الحبق
ومن ضوء الصبح مفرداتها
حري بنا ان نرشف من كؤوس الصبح
بوح كلماتها وعطر ابداعها..