تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تحولات كبرى وليست حالة تدوير زوايا

شؤون سياسية
الثلاثاء 1-10-2013
بقلم: د. أحمد الحاج علي

يقولون في مصطلحات سياسية دارجة، هناك استدارات حدثت في الموقف أو أن هناك حالة تدويرالزوايا، للتأشير بذلك على تغير أوتغير في الموقف السياسي في لحظته الراهنة ويتركون هذه المصطلحات سائبة مفتوحة على كل الاحتمالات في التفسير ولهاأطر مطاطية رخوة،

ولكن بالمجمل فإن هذه المصطلحات تشيرإلىتغير مايحدث في موقف هذه الجهة أوتلك، ولا بأس في ذلك ليس الأمرخطيراً إلى هذه الدرجة ولكنه أمر يبدو مبتوراً إما من مقدماته أو من نتائجه.‏

وإذا ماذهبنا بهذه التعابير إلى حالة الصراع في سورية وعليها فإن المعنى يتوضح برؤية شفافة وبتحديدات لها معادل مكشوف في ذهن المتابع أو الناقد أو المحلل، في سورية كان الهدف العدواني مركباً عنوانه الأساس تدمير الوطن السوري بمعنىنسف كل الحقائق التاريخية والقيمية والموقفية وأخذ سورية بكليتها من مركزالتأثير الحضاري إلى حيث تكون منطقة محدودة تابعةلاتصلح إلا كسوق استهلاكية للسياسة والبضائع المسمومة، وكذلك تغيير كل المعالم والإنجازات التاريخية لسورية على المستوى الوطني والقومي وفي صلب ذلك الموقف من العدو الصهيوني والموقف من قوانين الصراع مع العدو الإمبريالي الرجعي بما يعني أن يحدث تحويل قسري للوطن السوري ليس على مستوى القرار والنظام السياسي فحسب ولكن على مستوى بنيوي يشمل هذه المرة القرار والنظام.‏

بالتأكيد والذاكرة الشعبية ومنظومة المواقف والأدوار الحضارية ودور سورية المزدوج في كونها محطة إيواء كريمة للحق العربي المطارد من مكان لآخر كونها منطقة إشعاع على المحيط العربي والإقليمي بكامله بمايعنيه هذا الإشعاع من مشروعية وخبرة في مواجهة أمواج المستعمر على مر التاريخ والعصور، ونعود للفكرة بأصلها في الاسدارة أو التدوير لكنا نعمق هذا المفهوم لنصل إلى مرحلة أن ذلك يعني مؤشراً على التحولات الجارية فينا وعند غيرنا والتحولات تتضمن حيوية السياسة وبراغماتية التعاطي السياسي الذي يخدم الموقف النهائي بالتأكيد ولاتحدث هذه التحولات إلا إذا توفرت فيها شروط ثلاثة أولهاتوفر حجم في الموقف على الأرض وفي الميدان كما في حيثيات الوعي من شأنه أن يقدم الصورة الواضحةعن مواجهات ناجحة وإرادات صلبة ومقدرة على العطاء لاتتوقف ولاتنضب من الصبرعلى الحصارومن تقديم الشهداء مع كل يوم، هنا في هذه المنطقة تتخلق التحولات في الموقف والفرق كبير ونوعي بين قوة تدافع عن نفسها وتدفع الموت عن وجودها وبين عصابات وجماعات مسلحة مأجورة ومأزومة وهي في الأصل عدو الله على الأرض كما هي عدو الإنسانية على ذات الأرض، هناك يكتسب التحول مداه وقيمته من خلال المنابع التي يصدر عنهاوبالتأكيد هنانسق من التعبيرأو الاستثمار السياسي الإيجابي لمنطقة التحول هذه، وثاني الشروط أن يتم التعامل ومع الذات الوطنية ومع القوى الخارجية عبر جسر من اليقين المطلق بكافة الوطن وبمعرفة دقيقة لاصطفاف القوى الخارجية المعادية والممتدة عبر أذرعتها الإرهابية إلى الداخل السوري.‏

لقد جرى اللعب والتلاعب في هذا الشرط وتم إقحام الدين الإسلامي في معركة القتل والذبح في مسعى واضح لتزويره وإفراغه من مضمونه ولتقديمه للعالم كله على أنه منبع لايضخ إلا سفك الدم ونكاح الجهادوالارتماء بأحضان الأجنبي، كما تم تصوير الأمر على أنه ربيع سوري يندمج في خطة الربيع العربي التي كلف بقيادتها وتمويلها من هم الفساد بعينه والتخلف بعينه والذاكرة الخواء بعينها ومعروف أن ذلك يتوفر حصراً في عائلات دول الخليج الحاكمة الآن، هؤلاء لامثيل لهم في الكفر والنفاق وإدارة الظهرللشريعة الإسلامية بجلافة غير معهودة بادعاءات لاتتوقف عند حد من الكذب والخداع، أماثالث هذه الشروط فهو اجتماع عنصرين في المواجهة الكبرى هما الإرادة الصلبة والإدارة الحية والواقعية لمجمل المعارك في الصراع، ويشهد العالم كله الآن أن هذا الشرط هو في أقوى حالاته وأبهى حالاته في الوطن السوري،لقد انبعثت الإرادة السورية بعدأن تخلصت من الضباب والتلوث والاختلاط وظهرالصراع على أنه مابين الحياة الوطنية الكريمة والموت القادم من ا لغرب ومن زوايامظلمة في أنحاء المعمورة، وواكب ذلك هذا المنهج وهذاالنسق في إدارة أحوال الصراع عسكرياً في الميدان وسياسياً في بقاع الأرض ودبلوماسياً في المؤسسات الدولية ومايلتحق بها، إن توفر هذه الشروط الثلاثة يؤدي حكماً إلى إنجاز التحول ليس في نطاق الذات الوطنية فحسب بل في نقل تداعياته وفرض تأثيراته على العدوفي الخارج والداخل.‏

وهنا نشير إلى أن هذا العدو الخارجي هو في المحصلة إرهاب دولي منظم له مواقع خارج الحدود من خلال دول كبرى مثل أميركا وله مواقع في الداخل العربي تمتلك الحقدوالجهل والمال وليس لهامن وظيفة سوى أن تكون لاحقة بالدور الاستعماري مختصه بالعمل الهمجي في هذا الدور الاستعماري وهنا يصبح من قبيل تحصيل الحاصل أن نفهم طبيعة العصابات في الداخلالسوري باعتبارها ذيولاً لاتمتلك إلاأن تؤدي وظيفتها الغريزية في القتل وتثبت ذاتها في الإرهاب وتقبض الأثمان البخسة بالدولار والدنيار والريال، وباستطلاعات موضوعية نرى أن الصراع في أحدأهم مستوياته هو بين التحولات هم يريدون تحولا ًبنيوياً في الوطن السوري لصالحهم وتبعاً لمشاريعهم والوطن السوري يريد تحولاً حياًوحيوياً في مكامن القوة والمشروعية فيه وانبعاث طاقة هذه المكامن في المعارك الشاملة التي تشهدها بقاع متناثرة في هذا الوطن، ومن هنا فإن القوى المعادية تستديرأوتدور زواياها لأنهامعتدية ولأنها في النهاية تنقلب على ذاتها وعلى خدمها في اللحظة الحرجة كما نرى الآن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية