حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان الحكومة السورية انضمت طواعية إلى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية قائلا لا يهم ما هي الاسباب التي دعتها إلى ذلك بل المهم هو النتيجة حيث طلبت الانضمام إلى المعاهدة قبل اتخاذ القرار وليس خلال شهر من الزمن كما جرت العادة كما انها طلبت الانضمام مباشرة وبدفعة واحدة وقدمت البيانات عن مخزوناتها من الاسلحة الكيميائية بسرعة وقبل الفترة المطلوبة كي تصبح رسميا عضوا في الاتفاقية.
وقال لافروف في حديث لصحيفة كوميرسانت نشر الليلة الماضية اننا نحاول عدم الدخول في تفسيرات القرارات المبرمة لانها تتحدث عن نفسها ومن يتعرف عليها سيفهمها من ذاته اذ أن هناك تقليدا في الدبلوماسية ينم عن أنه بعد التوصل لاتفاق في الاراء بين الاطراف فان كل طرف يلقي الظل في تفسيراته على الشيء الذي يعتبره ضروريا.
وأضاف أكدنا من جانبنا أن القرار لن يتخذ اذا تضمن الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة اذ تكمن في ذلك الدسيسة ويجب الا يكون في ذلك أي غموض مشيرا إلى أن أصعب شيء في تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي حول الاسلحة الكيميائية في سورية هو في مسألة عدم السماح بتعطيله.
وقال لافروف ان لدي روسيا الاسباب الكافية للاعتقاد بأن الحكومة السورية ستحاول تجنب مثل هذه الاخفاقات وأن روسيا ستعمل على اثارته مجددا ان حصل أي تعطيل له ولكن بالنسبة للتعطيل الذي قد يحصل نتيجة لاستفزازات ما فان الدور الرئيسي هنا يعود إلى شركائنا الغربيين وأقرب حلفائهم في الخليج وفي المنطقة ككل والذين يتعاطفون مع المعارضة ولهم تأثير عليها موضحا أن التأثير ليس على جميع الفصائل فيها اذ أن هناك مجموعات ارهابية لا تأثير لاحد عليها سوى تأثير القاعدة.
وشدد لافروف على أن المهمة الرئيسية التي أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين بعد مباحثاته مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في سان بطرسبورغ ينبغي القيام بها من أجل تعطيل مفعول ذلك الجزء المتبقي من الاسلحة الكيميائية في العالم ووضعها تحت الرقابة الدولية وتدميرها لاحقا.
وأشار إلى ان الجانب الروسي أكد على ضرورة أن يحدد قرار مجلس الامن الدولي الجهة المسؤولة عن تدمير السلاح الكيميائي وعن الاجراءات الامنية لحماية طاقم الافراد الذين سيعملون هناك وهذه المهمة تقع على عاتق الحكومة السورية في المقام الاول اذ انها المسؤول الاساسي عن فرض الامن على أراضي دولتها مبينا ان المسؤولية تقع أيضا على المعارضة حيث يطلب اليها التعاون في كل العمليات التي ستجري في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وأكد لافروف أن القرار يحذر من وقوع الاسلحة الكيميائية في أيدي جهات غير حكومية وينبه الدول المجاورة لسورية من عدم السماح لمحاولات استخدام أراضيها لتوريد الاسلحة الكيميائية إلى المعارضة.
ونفى لافروف أن يكون القرار يلزم أحدا ما بشيء ما أو أنه يدل على أن مجلس الامن الدولي استفاق أخيرا مؤكدا أنه جاء استجابة للاتفاقات التي تم التوصل اليها مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري بتاريخ 12 و14 اب الماضي في جنيف والتي اعتبرت أن الجهة المخولة بتنفيذ هذه الاتفاقات من حيث المراقبة والجرد وطرق الاتلاف هي منظمة حظر الاسلحة الكيميائية وقد اتخذت هذه المنظمة قرارها المهني قبل ساعات من التصويت في مجلس الامن الدولي.
وأشار إلى أن العودة إلى مناقشة المواضيع بعد الاتفاق عليها في جنيف أملتها ضرورة تضمينها للمصطلحات المستخدمة في لغة الامم المتحدة من جهة ومن جهة ثانية محاولات الامريكيين التلاعب والعودة إلى موضوع الفصل السابع ما فرض المزيد من الوقت لتثبيت القرار.
وأكد لافروف أن الهام في هذا القرار هو في تضمينه الموافقة الرسمية على بيان جنيف في الثلاثين من حزيران عام 2012 والتي بدورها تنص على ايجاد حل سياسي للازمة في سورية لافتا إلى أن الشركاء الغربيين كانوا يرفضون حتى ذلك الوقت القيام بذلك دون تقديم تفسير لوثيقة جنيف حيث فهموا أيضا أن تنفيذ الوثيقة يجب أن يجري تحت بنود الفصل السابع.
وأكد وزير الخارجية الروسي ان قرار مجلس الامن الدولي بشأن الاسلحة الكيميائية في سورية لا يحتوي على تهديدات بالقيام بأي عمليات عسكرية وكل شيء باق على المستوى السياسي فقط.
وأشار لافروف إلى أن القرار تضمن أن خرق أي جهة كانت الحكومة أو مجموعات المعارضة هذه الاتفاقات باستخدام السلاح الكيميائي سيقوم مجلس الامن الدولي بالتحقيق الدقيق فيه وسينزل العقوبات ضدها بعد التأكد وفق الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة ولن تكون مثلما جرى التهويل في حادثة الغوطة في 21 من اب الماضي والتي لم تتمكن فيها الولايات المتحدة من عرض أدلة اتهامها للحكومة السورية بالحادثة.
وأكد لافروف أن حادثة الغوطة كانت استفزازا محضا وقال اننا أثبتنا للامين العام للامم المتحدة وفي اجتماع مجلس الامن أن الدول الراعية للمعارضة في المجالات السياسية والمالية والتسليح تتحمل المسؤولية كي لا تحاول هذه المعارضة وضع يدها على مخزونات الاسلحة الكيميائية أو الحصول عليها من الخارج أو القيام باستفزازات في داخل سورية من أجل اتهام الحكومة السورية واثارة النقمة العالمية عليها وثم التحريض بالعدوان الخارجي ضدها.
واعتبر لافروف أن الازمة في سورية وضعت الجميع في الجانب الصحيح من التاريخ بالرغم من التخبطات لدى شركائنا الذين اتهمونا بأننا لا نقف على الجانب الآخر وأكد أن الامريكيين يبدو أنهم فهموا أنه ينبغي عليهم المضي قدما بعد أن حاولوا الوقوف في الجانب الصحيح للتاريخ مشيرا إلى أن العالم أجمع اتفق على الخطة التي قمنا بصياغتها والتي لاقت الدعم من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ومن مجلس الامن الدولي وهي تعتبر بشكل عام جزءا من سياسة سورية التي اصبحت عضوا في منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.
وشدد لافروف على أنه عندما جرى التصويت في لاهاي على القرار حول دور المنظمة في تنفيذ البرنامج الخاص بالسلاح الكيميائي في سورية تم تدوين بند يدعو الحكومات الأخرى للانضمام إلى المعاهدة وقال انني سأكشف سرا بأن هذا البند جرى اقتراحه من قبل ايران ودعمه من قبل الولايات المتحدة.
وأضاف ان الجانب الروسي قدم اقتراحا حين مناقشة مشروع قرار مجلس الامن حول أن حل مسالة السلاح الكيميائي في سورية سيصبح خطوة هامة في تحقيق القرار المتخذ سابقا بجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل ومن وسائل توريدها الا أن الشركاء الامريكيين تراجعوا وقفزوا من فوق هذا الاقتراح ولكن المسالة لم تنته بعد مؤكدا أن روسيا ستتابع العمل من أجل عقد المؤتمر الخاص بهذه المسالة والذي كان يجب أن ينعقد قبل عام من هذا التاريخ.
وحول ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن موضوع استخدام القوة العسكرية لم يرفع نهائيا بعد اعتبر لافروف أن كل طرف يحاول تبرير افتقار نص القرار لارائه بتفسيره بأنه في كل الاحوال يمكن العودة إلى البداية وأن الامريكيين عادة لا يتحدثون عن الامور التي ينوون القيام بها والتعبير المفضل لديهم هو أن تبقي جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
وعن عمل مراقبي منظمة حظر الاسلحة الكيميائية قال لافروف ان المجموعة الاولى ستقوم بالسفر إلى سورية قريبا على اعتبارها مجموعة الامدادات وعليهم أن يقرروا مكان الاقامة وبرنامج العمل في الموقع وقد حددت الحكومة السورية عنصر الاتصال المسؤول الذي سيساعدهم في العمل كما قدمت لائحة بالمواقع وان ظهرت أسئلة اضافية لدي المحققين فسيقوم السوريون بالاستجابة لها وسيتزايد عدد المحققين وينقسمون إلى فرق وفق الواقع وستتكلف الحكومة بتوفير الامن لهم وحرية التنقل وزيارة المواقع ولكن القرار طالب المعارضة بالا تعيق نشاط المحققين والا تهدد حياتهم.
وأعرب لافروف عن استعداد روسيا للمشاركة في كل مراحل عمل محققي منظمة حظر الاسلحة الكيميائية سواء في مجال التحقيق أو الهيئات الادارية للتنسيق على الارض بين المنظمة ومجلس الامن وفي الهيئات المكلفة توفير الامن بدعمها لقوى الامن الداخلي السوري وغيرها.
وأوضح وزير الخارجية الروسي أن الاختصاصيين هم من يحددون متي وكيف ستجري عمليات تدمير الاسلحة الكيميائية وقد تدمر بعض أنواع هذه الاسلحة في أماكن وجودها وقد يكون لدي السوريين القدرات الكافية للقيام بذلك كما يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في هذه العمليات على سبيل المثال الولايات المتحدة أو الدول الأخرى التي تملك مثل هذه الامكانيات.
وأضاف لافروف ان اتفاقات جنيف وقرار مجلس الامن يجيزان أيضا اخراج هذه المواد واتلافها خارج الاراضي السورية وكان من المهم الاشارة إلى ذلك في قرار مجلس الامن الدولي نظرا لان معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية لا تنص على ذلك بل تركز على أن الاسلحة يجب أن تتلف على أرض الدولة المنتجة لها والتي تمتلكها والان أصبح لدينا جميع الاحتمالات والبعثة المختصة ستنسق موضوع الاتلاف.
وأكد لافروف أن معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية تشير إلى أن الدولة التي تنضم اليها يجب أن تقدم البينات عن أسلحتها أولا وثم يقوم الخبراء بدراستها والتحقق من صحتها وقد تبرز لديهم أسئلة اضافية عن مواد أخرى ومركباتها وهذا شيء طبيعي مشيرا إلى أن القيادة السورية اكدت استعدادها في أكثر من مناسبة للتعاون مع الخبراء الدوليين دون أي استثناءات أو تقييدات.
وحول نفقات عملية تدمير الاسلحة الكيميائية قال لافروف ان قرار المجلس التنفيذي للمنظمة كلف رئيس المنظمة بوضع كشف مالي عن النفقات المترتبة على هذه العمليات داعيا الدول الاعضاء إلى تقديم المنح المالية الممكنة وأكد أن بلاده ستشارك في تغطية النفقات من خلال مشاركة روسيا في جميع الاعمال المتعلقة بهذه العملية والتي يمكن للامين العام للامم المتحدة أن يلزمنا بها.
ونفى لافروف أن يكون للاتفاق حول الازمة في سورية تأثير على العلاقات الروسية الامريكية وقال انه من حين لاخر يظهر بيننا بعض سوء التفاهم ولكن ذلك قابل للحل دائما تقريبا وليس له تأثير رجعي على الاتجاه العام لتطور التعاون بيننا والسائد هنا هو أهمية التعاون فيما بيننا وخاصة بشأن القضايا الحساسة مثل مكافحة الارهاب والاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة وانتشار أسلحة الدمار الشامل والذي وحد المجتمع الدولي في سورية خوفا من وقوعه في أيدي الارهابيين والمجرمين الامر الذي سيكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وأكد لافروف أن الاتفاق الذي جري يعتبر من الافاق الايجابية للتعاون بين روسيا وأمريكا حول المسألة الرئيسية للعالم المعاصر لافتا إلى أن التحسن الظاهري في العلاقات والطارئ في بعض الاحيان لا يعني بالضرورة أنه يشكل الاستقرار على المدى البعيد في المستقبل.
وأكد لافروف على واقعية الموقف الروسي مؤكدا أنه ينطلق من افتراض أن العاطفة هي أمر مؤقت أما ما يجب أن يبقي فهو ادراك الاهمية الاستراتيجية للعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة للاستقرار الدولي معربا عن اعتقاده بأن الادارة الامريكية الحالية تدرك ذلك.
وقال ان علاقتنا أكبر بكثير وأعمق وأوسع من أي شعور بالاستياء في اشارة إلى مشكلة منح اللجؤ للضابط السابق في الاستخبارات الامريكية ادوارد سنودن في روسيا.
** ** **
الدوما الروسي: الأحداث الأخيرة حول سورية تظهر بكل وضوح
ان مؤسسات الأمن الدولية تتعرض في أيامنا هذه لامتحانات عسيرة
في غضون ذلك قال رئيس مجلس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين في تصريح في مدينة ستراسبورغ الفرنسية أمس أن الأحداث الأخيرة حول سورية تظهر بكل وضوح ان مؤسسات الأمن الدولية ومنظومة القانون في العالم تتعرض في أيامنا هذه لامتحانات عسيرة داعياً الساسة والشخصيات الاجتماعية إلى توحيد الجهود في سبيل صيانة المؤسسات الدولية المعنية بشؤون الأمن والقانون.
وأضاف رئيس مجلس الدوما الروسي ان مهمتنا المشتركة نحن الساسة والشخصيات الاجتماعية ورجالات الثقافة والعلوم تكمن في عدم السماح بإزاحة دور المؤسسات العالمية للأمن ومنظومة القانون الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن ناريشكين يشارك على رأس وفد من البرلمانيين الروس في مناقشات الدورة الخريفية للجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا التي بدأت أعمالها في ستراسبورغ أمس .
** ** **
والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا
تناقش الأزمة في سورية في الثالث من الشهر الجاري
هذا في حين قال اليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما أن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ستناقش الوضع في سورية في الثالث من تشرين الأول المقبل. ونقل موقع روسيا اليوم عن بوشكوف قوله للصحفيين انه كما كان من المخطط له قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا إجراء مناقشات عاجلة بشأن سورية مضيفا أن الجمعية ستتبنى قرارا حول الأزمة في هذا البلد.
وأشار إلى أنه حدث في الجمعية تطور جدي فيما يتعلق بالأزمة في سورية موضحا أن الرأي قد تغير الآن باتجاه وجهة نظر روسيا مشيرا إلى أن الأزمة في سورية هي القضية الرئيسية للسياسة العالمية وبلا شك يجب أن تتبنى الجمعية البرلمانية قرارا حولها. وأعاد بوشكوف إلى الأذهان أنه صدر عن الجلسة السابقة لمكتب الجمعية العامة في كرواتيا إعلان جرى التركيز فيه على أن الأزمة في سورية يجب أن تحل بالوسائل السياسية وليس العسكرية وأن استخدام أي طرف للسلاح الكيميائي أمر مرفوض .