وقال المعلم انه في مثل هذا اليوم من العام الماضي وقفت على نفس هذا المنبر ..وكان عالمنا يواجه أحداثا كثيرة عصفت به وبدوله..لقد كان يحدونا الامل أن يتغير المشهد للافضل في هذا العام..الا أننا وللاسف..مازلنا في نفس المكان بل وأسوأ أحيانا في بعض بقاع الارض..فمازالت دول عديدة تواجه أزمات سياسية واقتصادية ومالية تتجاوز قدرتها على مواجهتها منفردة..وفيما انتظرت شعوب العالم رؤية جهود دولية فاعلة للتغلب على تلك الازمات فإن ما أراه اليوم يشير إلى تفاقم المشاكل وازديادها حيث تصاعدت نزعة الهيمنة والتسلط على مقدرات الشعوب بما يتناقض بشكل صارخ مع مبادئ ميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي.
وأضاف المعلم: انه وبدلا من تسوية النزاعات الاقليمية والدولية بالطرق السلمية استمرت دول معروفة بانتهاج سياسات عدوانية تجاه دول بعينها حيث ازداد النفاق السياسي للتدخل في شؤون الدول الداخلية تحت ذريعة التدخل الانساني أو مسؤولية الحماية..وعندما لم تنفع هذه السياسة مع بعض الدول..بما فيها بلادي سورية ..كشفت هذه الدول عن وجهها الحقيقي ولوحت بالعدوان العسكري السافر بعيدا عن ولاية مجلس الامن وحتى عن أي توافق دولي 00بعد أن فرضت اجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب تفتقد لاي أساس أخلاقي أو قانوني..ناهيك عن سياسات مشبوهة ترمي إلى نشر الفتنة والاضطرابات في بنية مجتمعات وطنية متداخلة متاخية عاشت مئات السنين في وئام ووحدة وتفاهم.
ولفت المعلم إلى ان الاسوأ من ذلك هو أن دولاً شنت حروبا مدمرة تحت ذريعة مكافحة الارهاب..في الوقت الذي تقوم هي نفسها بدعم الارهاب في سورية ضاربة عرض الحائط بكل قرارات الامم المتحدة وكل القيم الانسانية والاخلاقية 00وقال وهنا مرة أخرى أسأل ما سألته العام الماضي..هل كان التوافق الدولي حول مكافحة الارهاب التزاما جديا أخذته دول هذه المنظمة على عاتقها أم كان حبراً على ورق..تكتبه وتعمل بعض الدول بعكسه...وأكد المعلم أن ما يجري في سورية بات واضحا للقاصي والداني إلا أن بعض الدول لا تريد أن ترى أو تسمع أن تنظيم القاعدة الدولي أخطر التنظيمات الارهابية في العالم بأذرعه المتعددة كجبهة النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية ولواء الاسلام وغيرها هو من يقاتل على أرض سورية..مشيرا إلى أن مشاهد القتل والذبح وأكل القلوب عمت الشاشات لكن عمت عنها الضمائر وقال ..في بلادي من تشوى رؤوسهم من المدنيين الابرياء على النار فقط لانهم يخالفون تنظيم القاعدة بفكره المتطرف وآرائه المنحرفة..في بلادي من قطع الناس وهم أحياء وأرسل أشلاءهم لذويهم..فقط لانهم يدافعون عن سورية واحدة موحدة وعلمانية.
وتابع المعلم ..في بلادي من ينتهك يوميا حقوق الانسان في عيشه وحياته وعقائده الدينية وانتماءاته السياسية..فكل من لا ينتمي إلى هذا الفكر الظلامي والتكفيري هو مقتول أو مذبوح أو أخذت نساؤه سبايا باسم مفاهيم منحرفة للدين لا تمت للاسلام بصلة.
لا حرب أهلية في سورية
بل حرب ضد الإرهاب
وأوضح المعلم أنه لا حرب أهلية في سورية بل حرب ضد الارهاب الذي لا يعرف قيماً ولا عدلا ولا مساواة ولا حقوقا ولا تشريعات وأن مواجهة الارهاب في بلادي تقتضي من الاسرة الدولية اتخاذ الاجراءات اللازمة والسريعة لارغام تلك الدول التي باتت معروفة والتي تمول وتسلح وتدرب وتوفر ملاذاً ومعبرا امنا للارهابيين القادمين من مختلف دول العالم..هذه الدول يجب ان تتوقف عن ارتكاب هذه الجرائم فورا..وذلك استنادا إلى ما نصت عليه القرارات الدولية الخاصة بمكافحة الارهاب وأهمها قرار مجلس الامن رقم 1373 عام 2001.
الإرهاب إرهاب لا يمكن
تصنيفه بمعتدل أومتطرف
وقال المعلم ان هذه المدينة نيويورك وأهلها ذاقوا بشاعة الارهاب..واحترقوا بنار تطرفه ودمويته..كما نعانيه نحن الان في سورية..فكيف يمكن لدول أصابها ما يصيبنا الان أن تدعي أنها تحارب الارهاب في كل بقاع الارض وتدعمه في بلادي..إن مفهوم المسلحين المعتدلين والمسلحين المتطرفين أصبح مزحة سمجة لا معنى لها على الاطلاق..فالارهاب ارهاب لا يمكن تصنيفه بارهاب معتدل وارهاب متطرف..وأنا أسالكم ماذا تسمون من يأسر الاطفال ويبيع أعضاءهم خارج البلاد..بماذا تصفون من يجند الاطفال ويمنعهم من الذهاب إلى المدارس ويدربهم بدلا من ذلك على القنص والقتل..وما توصيفكم للذي يزرع في بلادي فتاوى منحرفة كجهاد النكاح وجهاد المحارم.
وأضاف المعلم نحن من تعرض للقصف بالغازات السامة في خان العسل.. ونحن من طلبنا لجنة التحقيق..وطالبنا أن يكون ضمن صلاحياتها تحديد من قام باستخدام السلاح الكيميائي.. والولايات المتحدة الامريكية وحليفتاها فرنسا وبريطانيا هم من عرقل ذلك وأصروا حينها على حصر مهام اللجنة بتحديد استخدام الكيميائي من عدمه فقط.
وتابع المعلم ..انتظرت سورية خمسة أشهر لحضور اللجنة وعندما حضرت تم سحبها قبل انجاز عملها وفي وقت بدأت فيه دول بقرع طبول الحرب على سورية لافتا إلى ان سورية وافقت على المبادرة التي أطلقها مشكورا الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية وهي اذ انضمت إلى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية تثبت للعالم كله التزامها بالوقوف ضد أي استخدام لهذه الاسلحة وفي الوقت نفسه تضع العالم أمام مسؤولياته في مجال منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط.
وأوضح المعلم أن سورية معروفة بالوفاء بتعهداتها والتزاماتها وقال انه وانطلاقا من ذلك فإنني أؤكد التزام سورية بتنفيذ أحكام الاتفاقية كاملة وبالتعاون مع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية كدولة طرف في الاتفاقية..لكن التحدي الذي يواجه الجميع الآن هو هل سيلتزم من يمد الارهابيين بهذا النوع من السلاح وغيره بالتوقف عن ذلك فورا..لأن الارهابيين في بلادي يحصلون على السلاح الكيميائي من دول باتت معروفة للجميع..اقليمية وغربية ..وهم من يطلقون الغازات السامة على جنودنا وعلى المدنيين العزل.
وقف السياسات العدوانية
أول الطريق الصحيح لحل الأزمة
وأكد المعلم أن وقف السياسات العدوانية تجاه سورية هو أول الطريق الصحيح للحل فيها موضحا ان أي كلام عن حل سياسي في ظل استمرار دعم الارهاب تسليحا وتمويلا وتدريبا هو مجرد وهم وتضليل وقال ..إن من يريد حلاً سياسياً في سورية وخاصة أن سورية أعلنت مرارا وتكرارا أنها مع الحل السياسي يجب أن يتوقف عن كل الممارسات والسياسات العدائية ضدها وليتجه إلى جنيف دون شروط..ولان الشعوب هي التي تقرر مصيرها فإن الشعب السوري هو المخول الوحيد في اختيار قيادته وممثليه ومستقبله وشكل دولته التي تتسع لكل فئات وأطياف الشعب السوري بمن فيهم من غرر به وأخطأ الطريق.
وأضاف المعلم: إننا لا نراهن على أي جهة أو طرف سوى ذلك الشعب السوري المصمم بكل مكوناته على رفض كل أشكال التدخل الخارجي بشؤونه الداخلية وهزيمة دعاة مشروع الطائفية والتطرف والارهاب لأن الارتباط وثيق في بلادي بين سياسات الدولة وتطلعات الشعب..وتبقى صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة هي الحل الوحيد لمعرفة خيارات الشعب السوري في تقرير مستقبله بعيدا عن الضغوط الارهابية والاملاءات الاجنبية.
ولفت المعلم إلى ان هناك من لا يريد الحل السياسي ويتجه دائما للعدوان إما مباشرة أو عن طريق عملائه على الارض ..وهذا ما يحصل في سورية..لقد التزمت سورية بالحل السياسي ..لكن هذا لا يعني أن التزامنا بالحل السياسي هو أن نترك الارهاب يضرب المواطنين الآمنين..ولا يعني أن نرى مساجدنا وكنائسنا تهدم كما حصل في حمص وحلب والآن معلولا التي مازال أهلها يتكلمون بلغة السيد المسيح عليه السلام..وما يحصل للكنائس والمساجد يحصل لكل الارث الحضاري التاريخي لسورية والانسانية.
إرهابيون من أكثر من 83 دولة يمارسون قتل شعبنا وجيشنا تحت نداء الجهاد التكفيري
وتساءل المعلم: هل يعرف ممثلو الدول في هذا التجمع العالمي الموقر أن ارهابيين من أكثر من 83 دولة يمارسون قتل شعبنا وجيشنا تحت نداء الجهاد التكفيري العالمي..وفي مواجهة ذلك هل يحق للبعض أن يطالب الدولة السورية بتجاهل مسؤولياتها الدستورية في حماية مواطنيها والحفاظ على وحدة بلدهم وسيادته واستقراره.
وقال المعلم: إن الحرب على الارهاب ليست حرب سورية فقط..فهؤلاء الارهابيون سيعودون يوما ما إلى الدول التي جاؤوا منها وعندها لن تكون أي دولة في العالم في منأى عن هذا الارهاب الذي لا يعرف حدودا ولا جغرافية.
واضاف المعلم لقد نتج عن الاحداث في سورية تزايد الاحتياجات الانسانية في العديد من القطاعات الاساسية وأدت العقوبات الاحادية اللاأخلاقية واللاانسانية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي إلى مفاقمة الاوضاع المعيشية للمواطنين السوريين في وقت تقوم فيه حكومة بلادي بالتعاون مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية في اطار خطة الاستجابة بالعمل على تلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين وبشكل خاص الذين اضطروا لترك بيوتهم والنزوح عنها..ولا بد من الاشارة هنا إلى أن الكثير من أبناء الوطن أجبروا على اللجوء إلى بعض دول الجوار من قبل المجموعات الارهابية المسلحة في المناطق الحدودية.
وتابع المعلم ومما يؤسف له أن هؤلاء المهجرين وضعوا في بعض الدول في معسكرات للتدريب على السلاح أو في ما يشبه أماكن الاعتقال..وأناشد من على هذا المنبر المواطنين السوريين للعودة إلى مدنهم وقراهم حيث تضمن الدولة عودتهم الآمنة وحياتهم الكريمة بعيدا عما يعانونه في هذه المخيمات من أوضاع لا انسانية.
وقال المعلم: أود أن أؤكد لكم استعدادنا لبذل أقصى الجهود لايصال مساعدات المنظمات الدولية إلى جميع المواطنين السوريين دون تمييز أينما كانوا بما يتوافق مع قرار الجمعية العامة رقم 182/46 وفي اطار احترام السيادة السورية.
ما يجري في سورية لا يجعلنا نضيع
بوصلتنا الأساس وهي فلسطين والجولان
وأكد المعلم أن ما يجري في سورية لا يجعلنا نضيع بوصلتنا الاساس وهي فلسطين والجولان..وعليه فان الجمهورية العربية السورية تؤكد تمسكها بحقها الطبيعي في استعادة الجولان السوري المحتل كاملا حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 ورفضها لكل الاجراءات التي اتخذتها إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال لتغيير معالمه الطبيعية والجغرافية والديمغرافية في انتهاك واضح لقرارات مجلس الامن ذات الصلة: ولاسيما القرار رقم 497 لعام 1981.
وقال المعلم ان سورية تجدد دعمها للحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني وخاصة حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس.
لإخلاء منطقة الشرق الأوسط
من كل أسلحة الدمار الشامل
وأضاف المعلم بعد انضمام سورية إلى معاهدة حظر انتشار الاسلحة الكيميائية تجدد بلادي دعوتها المجتمع الدولي للعمل على اخلاء منطقة الشرق الاوسط من كل أسلحة الدمار الشامل وتذكر في هذا الاطار بالمبادرة التي طرحتها نهاية عام 2003 خلال عضويتها في مجلس الامن وتدعو المجلس إلى اعتمادها وتؤكد أن اخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل غير قابل للتحقيق من دون انضمام إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة إلى كل معاهدات حظر هذه الاسلحة واخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتابع المعلم كما نؤكد في ذات الوقت على ما نصت عليه معاهدة عدم الانتشار النووي من حق جميع الدول في حيازة التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية مشيرا إلى ان سورية تدين استمرار الولايات المتحدة وإسرائيل في عرقلة عقد المؤتمر الدولي المعني بانشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط والذي كان من المقرر عقده عام 2012.
وقف كل الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على سورية وشعوب دول أخرى
وقال المعلم ان بلادي تدعو الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الاوروبي وغيرها إلى الامتناع عن تبني اجراءات اقتصادية أحادية غير أخلاقية تنافي قواعد القانون الدولي ومبادئ التجارة الحرة..وانطلاقا من ذلك فاننا ندعو إلى رفع الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا منذ عقود..كما نجدد دعوتنا إلى رفع ووقف كل الاجراءات القسرية الاحادية المفروضة على سورية وشعوب دول أخرى مثل فنزويلا وبيلاروس وايران وكوريا الديمقراطية.
وأضاف المعلم يحدونا الامل في أن تتمكن الامم المتحدة من السير بشعوب العالم نحو مستقبل أفضل يحقق طموحات تلك الشعوب في العيش الكريم والتنمية والاكتفاء الغذائي بعيدا عن كل أشكال التوتر والمواجهة والحروب إعمالا لما أرساه ميثاق الامم المتحدة من مبادئ ومقاصد سعت إلى الحفاظ على سيادة الدول والمساواة بينها في الحقوق والواجبات..وفي هذا الصدد تعبر بلادي عن ارتياحها لجهود الولايات المتحدة وايران من أجل ردم هوة عدم الثقة بين البلدين آملين أن ينعكس ذلك ايجابيا على استقرار العلاقات الدولية.
وكان المعلم هنأ في بداية كلمته جون اش وبلاده أنتيغوا وبربودا الصديقة على انتخابه رئيسا للجمعية العامة في دورتها الحالية متمنيا له النجاح والتوفيق في قيادة أعمالها بما يعزز دور رئيس الجمعية العامة المهم والمحايد الذي اضطلع به سلفه والذي جنب رئاسة الجمعية الانخراط في أجندات سياسية خاصة.