تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رواية.. الانتماء.. متراس الروح.. «التوءمان أمي وسورية»..ومعانـــاة روح.. هــــي الوطــــن

ثقافة
الأربعاء30-3-2016
هفاف ميهوب

بدأت الحكاية، عندما خاطبت الأم ابنتها: «أنا من سورية، وأريد أن أمضي بقية أيامي فيها، وعندما أموت، وصيّتي لكِ، أن يكون قبري بجوارِ قبر والدي ووالدتي في ديريك».

‏‏

من هنا بدأت الحكاية, حكاية الأديبة «سهام يوسف» التي ما أن أثقل المرض على والدتها، حتى طلبت من ابنتها ما أدركت بأنها ستلبّيه لطالما، كانت يقينة بأن «عشق سورية يسري في الدماء وهو موروث وتتناقله الأجيال عند سريان سورية».‏

نعم، من هنا بدأت الحكاية، بل رحلة عودة المغتربة المقيمة في السويد لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً، عودتها بوالدتها المريضة التي أصرت أن تكون سورية هي محطة رحلتها الأخيرة، سورية التي عاشت أحداثها منذ اندلاعها في آذار 2011 وحتى وفاتها في أيار 2013، وهو ماجعل الرواية صورة طبق الوجع عما عاشته الأمومة السورية.‏

الأمومة التي أشعرت الكاتبة بمقدار معاناة والدتها وسوريتها. أيضاً، التي جعلت قلبها لايتوقف عن النبض بما استشعرته إلى أن كتبته «التوءمان.. أمي وسورية».. الرواية التي تحدثت فيها عن والدتها التي تدرّجت مراحل مرضها بتدرّج الحرب على بلدها، والتي وإن فقدتها أخيراً، إلا أنها لم تفقد توءمها. سورية التي آمنت بأنها ستعودُ لتواجه الحياة، وهي بكامل عافيتها.‏

إنها القصة التي أبتْ هذه السورية إطلاعنا عليها، قبل أن تحدثنا عن رحلة اغترابها وعائلتها، الرحلة التي بدأت عذاباتها مّذ ترحال العائلة عن ديارها التي داهمتها المذابح التركية، وإلى أن استقرت في «ديريك» التي اسمها اليوم المالكية».‏

هكذا بدأت رحلة الاغتراب، ومن القامشلي إلى الشام فبيروت، لتنتهي أخيراً مابين البرازيل والسويد، وإلى أن صمَّمت الأم أن تعود إلى موطن روحها. وطنها الذي عانقتهُ بأوجاعِ السنوات الأربع الأخيرة من حياتها. السنوات ذاتها التي نقلت لابنتها بشاعة ماعانته خلالها سوريتها. توءمها التي احتضنتها إلى أن ارتقت من أرضها إلى سمائها.‏

هذا ماتحدثت عنه «يوسف» في روايتها التي أهدتها إلى روح أمها وإلى أمهات شهداء وطنها وإلى عائلتها الصغيرة. هذا تحدّثت عنه بعد أن سمعته من والدتها، وشاهدته خلال زياراتها المتكررة للاطمئنان عليها وعلى توءمها. الوطن الذي شهدت فيه ما جعلها لا تكتبه فقط وإنما أيضاً تبكيه.. جعلها:‏

«على يقينٍ كامل، بأنه لايوجد حالة أصعب من حالة الأم التي تشاهد أولادها وأحفادها مذبوحين ومقطّعي الرؤوس والأوصال، بأيدي الإرهابيين».‏

إنها البداية، وقبل ان تشتد الحرب على سوريتها. الحرب التي زادت من وجعها وخوفها وقلقها على والدتها وبلدها التي رأت بأنها:‏

«تشهد أعتى أنواع الحروب الإعلامية المعادية. الحروب التي استهدفتها بكلِّ مايملك قوّادها من عناصر سياسية واقتصادية وإعلامية وإرهابية وتخريبية».‏

كل هذا وسواه، جعلها لاتنسى ولا كلمة واحدة مما أخبرتها به والدتها. لاتنسى أيضاً، ماشهدت عليه فتألّمت، ومن حالِ والدتها التي أرهقها مرضها. أيضاً، حال سورية التي أخذ الإرهاب يعيث فيها تخريباً وإحراقاً وخطفاً وتعذيباً وتقطيع أوصال وخطف واغتصاب وسوى ذلك مما عجزت عن وصفه بقلمها.‏

عجزت عن وصفه بقلمها، دون أن تعجز عن وصفه بإحساسٍ اقشعر في حرفها.. اقشعرّ فاضطرها لكتابة ماقرأناه ودلَّ على أنها كتبت روايتها وهي في قمة وجعها.. قرأنا:‏

«ويكتملُ المشهد في نظري فيؤلم قلبي، وينتفض صدري بالأسى والحزن، حين أرى أمي وأرى سورية بنظرةٍ واحدة كتوءمٍ خالد في وجداني وعقلي وقلبي.. توءم يتألم في وقتٍ واحد. أمي يؤلمها ويزعجها المرض والوهن والضعف، وسورية يؤلمها داءُ ووباء ومرض الإرهاب، بعدما خانها بعض أبنائها وخدعها وتآمر عليها أخوتها وجيرانها».‏

إنه ماقرأناه في «التوءمان أمي وسورية» الرواية التي كان أكثر ماميّزها: «هذه المقارنة بين أمي التي وُلِدتُ من رحمها وبين سورية التي ولَدت شعباً عريقاً امتلك ناصية العلم والثقافة منذ فجر التاريخ، ونشر الأبجدية جناحاً طائراً متنقلاُ. نقلها ونشرها في أصقاع العالم قاطبة».‏

إنها المقارنة التي لم تنتهِ منها الكاتبة حتى بعد أن فقدت والدتها لطالما, كان ما دفعها لكتابة روايتها:‏

«مادفعني لكتابة هذه الأسطر، هو ألمي وحزني على واقعٍ عاشته أمي بالنسب والدم، وواقع تعيشه الأم الخالدة سورية، فهما خالدتان في قلبي ووجداني. توءم سرّي واحد غير منفصل، ارتبطتُ به ارتباط الروح بالجسد».‏

يبقى أن نقول: بأنها الرواية الأولى للكاتبة «سهام يوسف» التي درست في مدارس المالكية والقامشلي قبل أن تسافر عام 1978 إلى السويد حيث اغترابها. الاغتراب الذي بدأته بالعمل، كمُدرسة للغة العربية في مدارس «بوتشيركا»، ومن ثمَّ، وبعد أن حصلت على شهادة مترجم محلف من جامعة «استوكهولم» كمترجمة محلفة في اللغة العربية، السويدية، السيريانية، لدى الدوائر الرسمية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية