تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رأي.. الحفــر بمســـــلات التغييــــر..

ثقافة
الأربعاء30-3-2016
لميس علي

في مضمون الخبر أن برنامج الذكاء الاصطناعي (ألفاجو) المصنّع من قبل شركة جوجل ديبمايند، تفوق على الإنسان.. من خلال فوزه في لعبة «جو» الصينية على أفضل لاعب في العالم بهذه اللعبة «لي سيدول».

‏‏

خبر نقرأ أشباهاً له تؤكد الاكتساح المتسارع لدنيا التكنولوجيا وتفشيها في عالم الواقع.. فكل ما حولنا يزداد ارتباطاً بطرق الاتصالات الحديثة وتقنيات البرمجة الذكية.. لدرجة بات فيها المرء يقصّر عن مواكبة تلك السرعة في انطلاق كل جديد.‏

هل لاحظتم متانة هذا الغشاء التقني الحديث الذي يلفنا ويكاد يغلّف كل عوالم دنيانا بمظاهره المبهرة..؟‏

هل يبدو مناسباً أن نواكب كل هذا الكم من التسارع التواصلي الحديث، بذات العقلية التي سادت قبل فورة الأجهزة اللوحية..؟‏

ما فائدة أن ترتدينا التكنولوجيا من قمة رأسنا حتى أخمص قدمينا.. بينما لا تزال عقولنا تعيش مركبات نقص لا تنتمي إلا للسائد في العصور الوسطى..؟‏

ما الجدوى من التزيّن بأحدث الأجهزة اللوحية والتفاخر بامتلاكها بينما تتملكنا جهالة أدعياء الثقافة والعلم والمعرفة..؟‏

كيف يمكن التأسيس لثقافة حقيقية تواكب روح الذكاء الاصطناعي المرعب المحيط بنا..؟‏

هل قلنا «روح الذكاء الاصطناعي».. هل يملك هذا الشيء روحاً..؟‏

الروح هنا تأتي بمعنى الجوهر.. دون عيش التشتت الذي يتملّك ظاهر الأشياء.. فيكفي جعله وسيلة توصلك إلى غايتك الأنبل والأكثر روحانية.‏

من المؤكّد أن التكنولوجيا التي أراد لها ستيف جوبز تحريف الواقع بطريقة مختلفة قامت بذلك.. لكن ماذا عن العقلية التي تسيّر الواقع بعيداً عن الذكاء الصناعي..؟‏

ماذا عن جوهر ذواتنا وهل تمكّنت من تحديث نفسها بذات سرعة التقنيات المحيطة التي تخترقنا..؟‏

نعم.. للأسف تخترقنا.. لأن مواكبتنا للعصر لم تكن سوى شكلية.. تبتعد عن الجوهر والمضمون.. وهو ما يؤكّد هشاشة الثقافة السائدة حالياً.. ثقافة التعاطي مع الآخر.. الشبيه الآدمي.. القرين الفعلي.. الشريك الحقيقي ببناء كل ما هو إنساني عميق يعيد الاعتبار لأصالة وجودنا الحي.‏

كيف يمكن مجاراة هذا التطور المرعب دون الاستغراق في استلابه إيانا..؟‏

بمعنى أدق.. كيف يمكن أن نعيد بريق الروح الإنسانية لكل ما يحيطنا من تسارع تقني..؟‏

هل تلهينا بالشكل ونسينا الجوهر.. هل تغافلنا عن تحقيق التغيير المناسب للحظة المعاشة حالياً مكتفين بقشور الظاهر..؟‏

لماذا يبدو حديثنا عن القيمي، الجمالي، وكل ما هو إنساني نبيل.. وكما لو أنه تغريدٌ خارج سرب الذكاء الاصطناعي والأجهزة اللوحية..؟‏

ما هذه الشبكة التي أوقعنا أنفسنا بها..؟‏

ماذا يفيدنا إن كنا نتحصّن بأحدث التقنيات بينما نعجز عن بناء روح تعاطي ثقافية راقية مع الآخر بوصفه أنا وأنت وهو وهم..؟‏

ما الذي طوّرته مؤسساتنا الثقافية المعنية بهذا الجانب..؟‏

ما الذي استقدمته من تقنيات تخدّم سبيل الثقافة الحية بكل تمظهراتها وتفرعات اختصاصاتها.. سينما، مسرح، تقنيات بث تلفزيونية ذات دقة عالية، كاميرات ديجيتال، وغيرها من أصناف التحديث كي تقترب من ألف باء الاكتساح التقني الهائل..؟‏

قبل كل هذه الأمور «المادية» الظاهرة.. هل عملنا على انتشال بقايا «الآدمي» فينا من مجاهل أمية التعاطي مع النظير الآدمي الآخر..؟‏

كيف سيقنعني أي كان.. بأننا نبرع بتشكيل ثقافة وعي معاصرة بينما نفشل بخلق سبل إيصالها للمتلقي.. كيف..؟‏

لم تزل ثقافتنا هي ثقافة الشعارات.. الفارغة من مضمون يكسبها قيمتها.. ثقافة ليست بالمعنى الذي تختص به الوزارة المعنية وفقط.. بل الثقافة بمعنى التعاطي العام السائد والمسيطر على الجموع..‏

الجموع..!!‏

ما السبيل إلى كشط غبار الجهل والتجهيل القابع على عيونها..؟‏

lamisali25@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية