تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا وقعتُ على «مذكرة السلام»؟

جيروزاليم بوست
ترجمـــــــــــة
الأحد 21-4-2013
 ترجمة: ليندا سكوتي

قبل بضعة أسابيع كنت أحد زعماء اليهود الأميركيين المئة الذين وقعوا على مذكرة أُعدت لتقديمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحثونه بها على العمل الجاد مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري

بهدف اتخاذ خطوات بناءة وملموسة من شأنها أن تعطي الدليل للعالم أجمع بأن إسرائيل راغبة بتحقيق السلام مع الفلسطينيين وجاهزة للسير في هذا الاتجاه. وقد شكلت تلك المذكرة في مضمونها أساساً لعمل منتدى السياسة الإسرائيلية.‏

قوبلت تلك المذكرة (كما هو متوقع لها) بالكثير من ردود الأفعال السلبية من قبل زعماء اليمين سواء أكانوا يهودا أميركيين أو روس، ومؤخراً، انبرى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف ألكين معلناً شجبه لها.‏

ثمة أسباب دفعت بي للتوقيع على تلك المذكرة وفي مقدمتها أني أعطي اهتماماً لقضايا الأراضي والسلام منذ فترة طويلة ولأنه بدا لي بأن بحث تلك الأمور أصبح حاجة ملحة لاسيما في الأشهر الأخيرة ولأني على ثقة تامة بأن الكثير من الإسرائيليين الذي أكن لهم المزيد من الاحترام والتقدير يستحقون أن يحظوا باهتمامنا بشكل أكبر لأنهم يرون ضرورة بحث تلك الأمور بمزيد من الجدية.‏

إن دان ميريدور الذي شغل منصب وزير في حكومة نتنياهو وعضو في المجلس العسكري منذ عام 2009-2013 وله الباع الطويل في القضايا الاستخباراتية والأمنية ومعالجة التهديدات الإيرانية والعضو في حزب الليكود الذي أمضى به 31 عاماً من عمره في العمل السياسي قد أجرى مقابلة مع الصحفي ناحوم برنياع من صحيفة يديعوت أحرونوت قبل انتهاء أمد توليه لمنصبه الوزاري بأيام قلائل وقد نشرت تلك المقابلة بتاريخ 29 آذار الفائت.‏

في تلك المقابلة تم توجيه سؤال له حول تصوراته عن الواقع القائم من حيث عدم إيلاء القضية الفلسطينية اهتماماً الأمر الذي جعلها في آخر سلم أولويات الحكومة الحالية أجاب على ذلك بأن تصرف الحكومة يعتبر «خطأ جسيماً» وأضاف إلى أن العالم لا يصدق البتة بأننا جادون في التوصل إلى حل الدولتين ذلك لأن سياسة السلام التي نسعى إلى تحقيقها لا تنسجم مع سياسة الاستيطان التي دأبنا على نهجها الأمر الذي يتطلب منا تحقيق أحد أمرين لا ثالث لهما وهما إما السيطرة على كامل أرض إسرائيل واعطاء الفلسطينيين ما لهم من حقوق أو تقسيم الأرض بين دولتين، إذ أنه من غير المسوغ الاستمرار في مفاوضات طويلة الأمد في الحين الذي نستمر به بإنشاء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.‏

إن ما يدعو إليه دان ميريدور هو أن تعمد إسرائيل إلى الدعوة لإجراء مفاوضات وفقا لما تنص عليه مبادرة السلام العربية مع التأكيد على ضرورة استمرار اسرائيل برفض الموافقة على العودة إلى الحدود التي كانت قائمة عام 1967 أو القبول بعودة اللاجئين وأن يتم الاسترشاد بالمبادرة العربية للسلام في إطارها العام عند إجراء محادثات بهذا الشأن‏

وقال بأنه من الممكن أيضا أن تمنح بعض الحقوق الإضافية للفلسطينيين مع مراعاة بقاء قوات الدفاع الإسرائيلية في مواقعها الحالية وربما في ذلك الحين يعلن عن وقف عمليات البناء الاستيطاني خارج الكتل الاستيطانية الكبرى.‏

أعرب ميريدور عن مخاوفه إزاء ما ينهجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الأمر الذي قد يقود بإسرائيل نحو التحرك باتجاه اتفاق سياسي شامل أو الإبقاء على الوضع الراهن مستمراً، وفي هذا السياق حذر من اتباع تلك الخطوة لأن الواقع الراهن محفوف بالمخاطر ويخشى أن يأتي اليوم الذي نقول به لا نريد اتفاقية ولا نريد تقسيماً للأرض ولا نريد إعطاء حقوق للفلسطينيين.‏

ثمة وجهات نظر لستة من زعماء جهاز الأمن الأسرائيلي الشين بيت الذين عبروا عن آرائهم في فيلم وثائقي بعنوان «الحراس». وقد خضع هذا الفيلم للمزيد من الحوار والتحليل لعدة مرات لكن في إطار هذا الواقع فإن الرسالة التي قدمها كانت بسيطة وواضحة وفقاً لأراء رجال كانوا مسؤولين عن حفظ النظام في الأراضي على مدى 30 سنة الماضية، فإن ما يحتاجه الأمن الإسرائيلي أن تجد إسرائيل السبيل للخروج من الأراضي في أسرع وقت ممكن ذلك لأن بقائها فيها لن يساعد على النهوض بالأمن الإسرائيلي بل أنه سيفضي إلى تقويضه.‏

لم يحمل الفيلم أي شعور إيديولوجي ذلك لأن رؤساء الجهاز الأمني (إذا ما استثنينا القليل منهم) لم يعتادوا الإدلاء بخطابات سياسية بل إنهم دأبوا على قول الحقيقة وفقا لما يعتقدون مستندين في ذلك لاعتبارات تتعلق بخدمتهم المهنية الطويلة وتجاربهم الصعبة على أرض الواقع. وعلى مدى سنوات عديدة سمعنا ثرثرات سياسية من أحزاب اليمين، سواء في إسرائيل او في الشتات التي تدعي بأن البقاء في الأراضي ليست بالمشكلة بالنسبة لإسرائيل على الإطلاق، لكن وضوح وقوة ما سمعناه وشاهدناه في الفيلم يناقض تلك الادعاءات، ويعرض بأنه لا أساس لها على أرض الواقع ويجعلنا نتوجه إلى أن السياسة الإسرائيلية قد جانبت الصواب في ضوء ما بدا للجميع بأن مديري الشين بيت بشكل عام يفكرون بضرورة ترك الأراضي.‏

يتساءل البعض عن الأسباب التي حدت بي إلى التوقيع على «مذكرة السلام» فأقول لهم بأن التعاطي مع معضلة الأراضي قد أصبح حاجة ملحة لدولة إسرائيل ولأني شاهدت الحكومة الحالية لم تعر اهتماماً لتلك الحاجة ولقناعتي التامة بأن دان ميريدور ذلك السياسي من اليمين بتمتع بالبصيرة والنزاهة ومن الجدير بنا أن ننصت لما يقوله عندما يتحدث يضاف إلى ذلك مشاهدتنا لستة من رؤساء الشين بيت يؤكدون على ضرورة قيام إسرائيل بالبحث عن سبيل للخروج من المستوطنات فإن كل تلك الأمور تستدعي من الإسرائيليين التفكير ملياً بأمر مغادرة تلك الأراضي وتستدعي من الجميع العمل على حث الحكومة الإسرائيلية الحالية لاتخاذ تلك الخطوة على وجه السرعة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية