تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما يصحا الإسرائيليون على أوهام نتنياهو !

هآرتس
ترجمـــــــــــة
الأحد 21-4-2013
 ترجمة :دلال ابراهيم

تنعت البرامج الساخرة في التلفزيون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه وغد وداهية ومحتال , إنه النموذج الأمثل للإسرائيلي المحتال . وحقيقة الأمر أن نتنياهو الحقيقي هو أكثر تعقيداً من ذلك . فالفرق بين الوعود التي يقطعها خلال خطبه ولقاءاته وما يقوم بفعله لا يأتي نتيجة سوء نية .

ولم يدرك اوباما وساركوزي اللذان اتهماه بأنه وغد عمق ضعفه . فإذا كان نتنياهو يحتال على أحد فإنه يحتال على نفسه قبل الجميع . عديدة هي المرات التي باع فيها نتنياهو أوهاماً إلى الشعب الإسرائيلي . وقال المشككون : لقد قلنا لكم إنه مخادع , لن يصنع سلاماً ولن يصنع حرباً . وهؤلاء المشككون لم يصدقوا يوماً بأن مناحيم بيغن سيصنع سلاماً مع مصر , وبالتوازي سيذهب للحرب في لبنان , ولم يصدقوا بأن ايهود باراك سوف ينسحب من لبنان ويفشل في كامب ديفيد , كما ولم يصدقوا بأن أرييل شارون سوف ينسحب من غزة .‏

إن ملل المشككين فظيع . إن هذا الحزب القديم الذي ينتمي له نتنياهو والذي ولد في اوروبا قبل تسعين عاماً من الآن عرف عهود عبادة شخصية بارزة لزعيم كما وعرف عهود نضال حر ومر أحياناً من أجل الزعامة والنهج . لكن العهد الحالي شاذ لأن عبادة شخص الزعيم لا تأتي من الأسفل , من القاعدة , من سجود الجموع , بل توجه من أعلى , من الشخص نفسه ومن مستشاريه وأصدقائه الأميركيين . فكل شيء في هذه الدولة يتم بأمره وكل شيء أحرز بفضله .إلا أن بنيامين نتنياهو يعاني عزلة خانقة . وقصة حياته هي قصة حياة شخص يفتقد لأشخاص مقربة منه من خارج محيط عائلته . ليس له شريك من خارج محيط الحلقة الفكرية التي نشأ عليها , كما وليس له أصدقاء بالمعنى العميق . وليس له طائفة ينتمي إليها ولا مجموعة انتماء يحترمها . وليس له مجموعة موالين يشعر بالراحة بين ظهرانيهم .‏

فقد كان رئيس الوزراء وما زال يشعر بأنه ليس منتميا وأن لا وجود لإنسان خارج محيط عائلته يمكنه أن يثق فيه ولا يوجد إسرائيلي يدرك التحديات التي يضطر إلى مواجهتها . وهذا ناتج , من وجهة نظره إلى فشل النخب الذريع والتشويه الإعلامي الذي تعرض له وكذلك العمى الوطني الخطير الذي أجبره إلى الوقوف وحده تماماً على جسر قيادة دولة اليهود . إلا أن نتنياهو خلال الولاية الثالثة له هو إنسان وحيد بامتياز . ويعتقد أن حكومته السابقة كانت الحكومة الأفضل .‏

لأن إسرائيل تمتعت خلالها بالاستقرار إن كان على الصعيد الأمني او الاقتصادي أو السياسي , وذلك ضمن محيط جواري كان يغلي . حيث لم يواجه حروباً ولا أزمة اقتصادية عميقة , وشهدت الحدود هدوءاً لم تشهده منذ سنين عديدة . وعمل على جعل الغرب أكثر تصميماً على مواجهة إيران .‏

لكن الجمهور الإسرائيلي الذي يفتقد إلى الوعي بحجم هذه التهديدات لم يدرك حجم إنجازات نتنياهو وتاقوا إلى التغيير , وأعادوه إلى رئاسة الحكومة ضعيفاً معزولاً . في ولايته الثالثة يفتقد نتنياهو إلى جانبه ايهود باراك وافغيدور ليبرمان وبني بيغن ودان مريدور , ومن المحتمل أن يفقد قريباً رون بريمر وتسفيه اوزر . وبالتالي فإن الشخص الذي يصدق بأن من واجبه إنقاذ الدولة من الفناء , عليه أن يفعل ذلك وهو لا يملك حليفاً حقيقياً , كما ولا يملك فريق قيادة من البالغين الذين يشعرون بفداحة المسؤولية . في الواقع , ووفق ما يراه نتنياهو , لم يطرأ على العالم المعادي لإسرائيل أي تغيير , حيث إيران لا زالت تشكل التهديد الوجودي لإسرائيل .‏

وكله اعتقاد أن سياسة حكومته السابقة الحازمة وخطبة الخط الأحمر له أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة كانا لهما الفضل في ردع إيران وامتلاك متسع من الوقت للعمل والتفكير . ولكن ثبت , كما في الحالة الكورية الشمالية أن العقوبات ليست رادعاً , بحيث لم يعد الحديث الآن عن المحرقة القديمة , بل الحيلولة دون وقوع محرقة جديدة. والحقيقة أنه من الصعب القيام بذلك , طالما أنهم في أجهزة الدولة يؤمنون بالمسيح الأميركي المخلّص , في ظل غياب خطاب سياسي وإعلامي جدي . ويصعب تحقيق هذا الأمر , طالما أن ما يقال في الغرف المغلقة سرعان ما ينتشر على شبكات التواصل الاجتماعي , وطالما أن رؤساء منظمات سرية سابقون يتصرفون كما يتصرفون بالعلن .‏

وعلى الرغم من ذلك , لا ينوي نتنياهو الاستسلام , لأن إيران ليست وراؤنا , بل أمامنا . ويتناقض عمل برنامج الحكومة مع عمل الجمهور الإسرائيلي . ويضاف إلى إيران الفوضى العربية والمسألة الفلسطينية وضرورة الحفاظ على معجزة العقد الأخير الاقتصادية . وفي حال قاد وزير الخارجية الأميركية جون كيري مسيرة سياسية وفق خطة كامب ديفيد - كلينتون - آنابوليس , سيكون جواب نتنياهو الجديد مثل جواب نتنياهو السابق وهو : الأمن , الأمن , الأمن . هل تريدون دولتين ؟ إليكم ذلك , ولكن اثبتوا أن سابقة اوسلو والعمليات التفجيرية لن تتكرر , وكذلك سابقة غزة والقذائف الصاروخية لن تتكرر . وقد بات واضحاً الآن أن العائق أمام السلام هو عدم الاستقرار العام في العالم العربي . ومشكلة الشرق الأوسط الضعيف والمقلقل والإسلامي هو المشكلة الحقيقية التي ينوي الرجل الوحيد نتنياهو مواجهتها خلال السنوات المقبلة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية