تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرسام الرائد زاووكي..اكتشـــــــف صينيتـــه فــي باريـــس

فضاءات ثقافية
الأحد 21-4-2013
فقدت الحداثة الفنية العالمية، بوفاة الرسام الصيني المتفرنس زاووكي في سويسرا قبل أيام، آخر رموزها الأحياء. سيرة هذا الفنان التي انتهت بالزهايمر عن عمر 93 عاماً

تعكس بطريقة تلقائية دورة حياة المحترف الحداثوي حول العالم. جاء زاووكي إلى باريس عام 1948 فناناً مكتمل العدة والأدوات، غير أن خياله الممتزج بخيال الطبيعة الصينية كان يدفع به إلى التماهي مع منجزات الرسم الأوروبي، الفرنسي منه بالذات، فكان انتماؤه إلى مدرسة باريس بمثابة فتح عظيم في حياته، وهو الذي كان مقتنعاً أن الحداثة اختراع غربي خالص. غير أن ذلك الفتح الذي جعله يقف إلى جانب نيكولا دي ستايل مثلاً أعاده إلى أدوات قياسه الجمالي الأولى باعتباره رساماً صينياً. اكتشف هذا الرسام أن تقنية التجريد التي مشى من أجل تعلمها آلاف الكيلومترات كانت تقيم بين ثنايا ما تعلمه من دروس حيوية، يوم كانت الطبيعة تهذي بين ثنايا أصباغه وهو ينصت إليها كمن يصلي.‏

الرخاء البصري‏

في باريس التي جاءها من أجل أن يكون فرنسياً, عاد زاووكي صينياً. هذا لا يعني أن باريس التي كرمته بأرقى الأوسمة لم تهبه على صعيد الفن شيئاً، بل وهبته كل شيء. ما كان يسمى في باريس أسلوباً تجريدياً هو في حقيقته نوع من التنقيب في لحظة الرخاء البصري التي كان الرسم الصـيني غـارقـاً في تفاصيلها، من غير أن يتحرر من مشهديتها الوصفية. بالمعنى الذي كان يمس القيمة التي ينطوي عليها استقلال اللوحة عما تصوره وعما يراه الرسام مباشرة‏

أعجب زاووكي برسوم صديقيه الألماني هارتونك والفرنسي سولاج فكان قدره أن يكون ثالثهما ليفارق شغفه القديم برسوم بيكاسو وميرو وماتيس. معهما اهتدى إلى تقنية العدد والمواد التي تحرره من هيمنة السطح التصويري. صارت تقنيته في الرسم هي المجال الخيالي الذي تسبح في فضائه الطبيعة الي تعلم أسرارها في وقت سابق. ولهذا فقد كان زاووكي يرى أنه كان محظوظاً. ففي الوقت الذي كان فيه الفنانون الغربيون يتعبون أنفسهم من أجل أن يكونوا شرقيين، كان الشرق يجري في دمه بشكل طبيعي.‏

من خلال رسوم زاووكي يمكننا اكتشاف تجريد يتميز بالحنان وبتدفق العاطفة الأصيلة. ما من شيء يمكنه أن يُستهلك من طريق النظر وما من شيء يمكنه أن يكون صناعة. لقد عرف هذا الرسام كيف يمكن أن يكون وفياً لصنعته رساماً قادته دروب حياته إلى فرنسا من أجل أن تعيده إلى الصين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية