تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما يقف الزمن ضدنا ....

مجتمع
الأحد 21-4-2013
فاطمة حسين

ما أحوجنا اليوم إلى الحب... ما أحوجنا إلى التعاون .. في وسط هذه الظروف الصعبة التي يعانيها الإنسان السوري ... فالحب هو العلاج الوحيد لمعالجة المصاعب التي تعترضنا .... وهو الطريق الأمثل لردم الفجوات التي يمكن أن يصنعها الزمان وهذا هو حال ذلك الرجل الذي عانى ما عانى من القسوة والجفاء من أقرب الناس إليه ..

فلابد بين فترة وأخرى أن يأتي إلينا .... هو رجل جاوز السبعين من العمر عاكسته الأيام والزمن حاربه .. وحتى أولاده وقفوا في وجهه جاحدين له ...تجاعيد وجهه توحي بأنه فني جسده بالعمل مقدما كل ما يستطيع لبناء أسرة متحابة ومتآلفة ... ولكنه يبدو انه فشل في خلق هذا الجو من المحبة ضمن أسرته التي أدارت له ظهرها غير عابئة به وبما يعانيه من الوحدة والعزلة التي وضع نفسه فيها قبل أولاده الستة ..‏

البداية كانت من سنوات طويلة قضاها في بلد مجاور يعمل من أجمل تأمين حياة كريمة له ولأولاده وعندما عاد إلى بلده الأم اشترى بيتا متواضعا في ضواحي العاصمة ،كبر الأولاد وتزوجت البنات وقد فرح بابنه البكر والوحيد عندما قام بتزويجه من فتاة لبنانية عاشت في بيته الذي كتبه باسم ولده لكي يشعر بالطمأنينة والأمان ... ولم تمض فترة إلا وسمعنا انه تنازل عن بيته في القرية مع الأرض لزوجته التي هي الأخرى قد تغير اتجاهها بعد هذا العمر الطويل من الزواج حيث بقيت إلى جانب ابنها في كل ما يفعله وأصبح الأب وحيدا خارجا عن نطاق أسرته وبعيدا عن محبة أولاده وحنانهم الذي بخلوا به ولم يشعر بأي حنان وحب ولاسيما بعد زواج ابنه الوحيد.‏

قضى عمره بعيدا عن جو الألفة والمحبة وساهم الجميع في ذلك بالإضافة إلى رفيقة عمره التي وقفت موقفا معاكسا له كما عاكسه الزمن الغدار والذي زاد عمق الهوة بينه وبين أسرته هو وجود الكنة ) التي لم تكن تخفي كرهها له بتصرفات كانت تقوم بها.‏

فما كان من هذا الرجل إلا أن استأجر غرفة بعيدا عن منزل ابنه وأصبح يعمل لسد أجارها وبقي يقوم بزيارة بين فترة واخرى لأحد أولاده ولكن في كل مرة كان يلاقي الجفاء والقسوة حتى انقطع تماما عن زيارتهم ولم يبق أمامه إلا أن ينزوي في غرفة لدى أخيه في القرية بعيدا عن كل ما يمت إليه بصلة ....‏

ورغم كل المساعدات التي قدمها لهم ولاسيما المادية فإن هذا لم يرق في مستوى تعاملهم معه إلى مستوى الاحترام والمحبة كما يفترض ان تكون المعاملة القائمة بين الأب ورب العائلة وأبنائه .. حتى إن هذا التعامل الجاف والخالي من أي حنان امتد ليشمل حفيده الذي لا يتوانى عن إظهار ضيقه منه وكرهه له رغم انه لم يتجاوز تسعة أعوام ....‏

إن الاحترام واجب على الأبناء تجاه آبائهم وأيضا الوقوف إلى جانبهم في مرحلة العمر المتقدمة يقدمون كل ما تتطلبه هذه المرحلة من الحب والحنان والمساعدة والوقوف إلى جانبهم ولاسيما أن الآباء عندما يتقدمون بالسن أقصى ما يتمنون الكلمة الطيبة واللقمة الكريمة فهي زادهم إلى نهاية هادئة وسالمة .....وهذا ما أكد عليه في كتابه العزيز :‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

(وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)‏

صدق الله العظيم‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية