التي انتشرت انتشار النار في الهشيم, لدرجة أضحى الانترنيت حديث كل الأنام , وموضوع كل لسان. ومازال الانترنت بالنسبة لنا عالماً مملوءاً بالغموض والأسرار , ولم تُسبر أغوارها بعد, ولا ننكر ما تحمله بين ثناياها من إيجابيات وسلبيات, ومن منافع ومساوئ, وما تحتويه من نواقع مفيدة وأخرى ضارة مدمرة, ومفتاح ذلك كله بيد المستخدم بعينه, فإن أحسن الاستخدام حصل على النفع والفائدة وإن أساء الاستغلال وقع في شرك الانحراف والتفسخ. واحتواء الانترنت على الخبيث والطيب جعل منها سلاحاً ذا حدين وتكمن خطورته في غياب الدور الرقابي وخاصة أن الانترنت عالم مفتوح وواسع الأفق يستطيع كل شخص الدخول فيه دون قيد أو شرط, والجزع كل الجزع على جيل لاهٍ عابث يدخل عالم الانحلال من أوسع أبوابه ويغوص لأعمق مدى في بحر المجون وذلك بدخوله على مواقع مخلة بالآداب والأخلاق.
وللأسف فقد بات انتشار المقاطع الجنسية المصورة وسهولة تداولها بين الأطفال والمراهقين والشباب من الجنسين هماً يؤرق الآباء وهاجساً للمسؤولين المهتمين بمصالح ومستقبل الأجيال. ففي السابق لم تكن هذه الظاهرة حاضرة بهذا الشكل الكبير, ويبدو أن من أبرز العوامل التي ساعدت على ظهورها التطور التكنولوجي الذي طرأ على وسائل الإعلام في العالم وهو ما زاد من التواصل بين البلدان العربية والغرب, وهو ما دفع الإعلام الغربي إلى شن حملة منظمة على الشباب العربي لتغيير أخلاقه وإفساد سلوكه عن طريق الاهتمام بنشر الفساد الأخلاقي والإباحية. فكيف انتشرت ؟؟ ومن يعمل على نشرها؟ وأين ومتى؟ وهل اقتصرت الغايات على الربح المادي من ورائها أم أن هناك نيات تحاك ضد رجال المستقبل وأمهات الأجيال القادمة؟.
إن موضوع مشاهدة الأفلام الإباحية قد يكون من الموضوعات الحساسة في المجتمعات العربية والتي نادراً ما يتم طرحها والتحدث عن أبعادها المختلفة, إلا أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر حالياً بين الشباب إذ بسبب الصعوبة في مشاهدة القنوات الفضائية على انفراد, لجأ إلى طرق أخرى وذلك بمشاهدة الأفلام الإباحية, فهناك الانترنت الذي يوفر قنوات ومواقع إباحية كثيرة تسعى لسرقة الشباب. ولا تتوقف المشكلة عند هذا الحد فهناك الأقراص المدمجة التي تتيح للشباب نسخ الأفلام بوضوح ودقة في الصورة , وهناك محلات الفيديو أصبح بعضها متخصصاً ببيع الأفلام المخلة بالآداب على أقراص مدمجة وبأسعار رخيصة جداً تجعل الشباب يقبل عليها باستمرار, وخصوصاً أن هذه الأقراص من السهل إبعادها عن أعين الرقابة المنزلية وليست كأفلام الفيديو القديمة. وتأتي تقنية البلوتوث لتكون أحدث الوسائل المنتشرة بين الشباب لتبادل المشاهد والأفلام الإباحية فهي سهلة وسريعة ومجانية.
الإدمان على المواقع الإباحية أخطر من الإدمان على الكوكايين: ويؤكد الأطباء النفسيون أن الاعتياد على المشاهد الفاضحة يؤدي إلى حالة من الإدمان أخطر من الإدمان على الكوكايين, وقد يؤدي إلى اضطرابات وجسدية كبيرة وهي أخطر مهدد للصحة النفسية في أيامنا هذه. وبمقارنة هذا النوع بإدمان الكوكايين مثلاً, فإن الصور والمواقع الإباحية هي الأخطر لأنه لا قيود عليها ولا يمكن التعرف على من يتعاطاها , كما أن أثره لا يمكن أن يمحى من أدمغة المصابين به, إذ تظل المشاهد الإباحية عالقة بمخيلة من يشاهدها بينما يمكن أن تمحى بصورة نهائية تقريباً آثار الكوكايين من جسم المدمن بعد مضي بعض الوقت.
الشذوذ الجنسي أمر واقع: ويوجه المختصون في التربية والطب النفسي نداءً تحذيرياً لمختلف الفئات وبخاصة الشباب لتجنب النظر إلى المشاهد الإباحية , لأنها تترك آثاراً نفسية كثيرة, وتكون مدخلاً لعلاقات واقعية قد تنتهي بالإيدز أو أمراض جنسية خطيرة, وبالتالي فإن مشاهدة المشاهد الفاضحة قد تقود إلى ممارسة الفاحشة وانهيار الأخلاق وزيادة الأمراض. حيث إن انجراف الأبناء من مختلف شعوب العالم في متاهات الشذوذ الجنسي عبر مشاهدة الصور الجنسية المتوافرة في بعض الروابط الإلكترونية أمر واقع شئنا أم أبينا, وستبقى تطل برأسها من خلف الأبواب ولو أحكمنا إغلاقها, مالم تحكمها التربية السليمة , لذلك ينبغي علينا مواجهتها وعلاجها , لا الاختباء أو الهروب منها , فهي بلوى أصابتنا في عقر دارنا عبر تقنيات العلم الحديث, ولا سبيل للخلاص من هذا الوباء إلا بمتابعة الآباء لأبنائهم ومشاركتهم مشكلاتهم وإقناعهم ومناقشة هذه الأمور معهم كأصدقاء لهم قبل أن يناقشوها بأنفسهم في الشارع. وقد نحتاج إلى الكثير من الوقت للعمل على تقيد مواطن انجراف اللذة وتهيئة النفس لما يسمى التوجيه الجنسي وتقوية النفس بالإيمان فهو أقوى من الجنس والنفس.
إن تلك المواقع فخ لكل الشباب وحتى الكبار في معظم بلدان العالم, وأصحابها يحققون أرباحاً خرافية ينتزعونها من جيوب وأخلاقيات مَن ضَعفت نفوسهم واشتعلت هرموناتهم وغابت عقولهم. وتلك الإمبراطورية أكبر وأضخم من كل الإمبراطوريات المالية في العالم وعبر التاريخ كله, لأن اللعب على الغريزة هو الربح المضمون والربح السريع والربح الحرام الذي يثري عباد الشيطان ويُفسد عقول ونفوس وصحة الشباب. ومن يراجع النسخة الأصلية من دستور الماسونية الأكبر الذي اكتشف بالمصادفة في القرن الخامس عشر والذي يُنشر تحت عنوان “ بروتوكولات حكماء صهيون” سيجد أنه يركز على خطة اللعب بالغرائز والسيطرة على الشعوب من خلال الجنس والمال والشهوة. ولهذا معظم من يملكون ويديرون تلك المواقع من معتنقي الصهيونية الذين لا يختلفون عن سقاة البارات الذين يملؤون كؤوس الخمر لزبائنهم , وهم يدركون ضررها عليهم, ولكنهم لا يمسونها بشفاههم لأن أكبر وسيلة للسيطرة على من حولك هي أن تغيب عقولهم وتظل أنت يقظ العقل . وللأسف هذا ما يحدث على أرض الواقع.