و من ثم باتجاه بيروت، و يحفر صامتا كهدوء الارض متمرسا في فن الطباعة على الخشب، شاهدا كبقية من حجارة قلعة أو بناء قديم أو خيمة تحت الشمس، يستذكر حوانيت التراث و التمر و السجاد.
معرض بنكهة التاريخ، ينبض بروح الانسان التدمري و ما تركه ذاك الانسان من فنون النحت و الزخرفة، حاول الفنان ابراهيم دندل بحرفية لافته أن يقدم من خلال لوحاته ذاك التراث التدمري العريق بتقنية الحفر على المعدن و الحفر على الخشب بالاضافة إلى حكايات بالابيض و الاسود وشمت بالمكان و الزمان التدمري، اضافة لاضاءته في التأليف الشكلي و البانورامي من حيث تركيب العناصر التي اغنت مواضيعه كالعربة و الحصان المجنح و المرأة التي تحمل المفتاح و عروق اشجار الزيتون.
و حول المعرض يقول الفنان دندل: حاولت في هذا المعرض أن استحضر التراث التدمري العريق بكل ما يحمله من عراقة و اصالة، فاللوحات بعضها يعبر عن ايمان التدمريين بمسألة الحياة و الموت التي اخذت الكثير من تفكيرهم قد آمنوا بأن الحياة هي رحلة مؤقتة للانسان و عليه أن يملأها بالأعمال المفيدة و الانسانية، و هناك لوحات ترسل رسائل سلام من مدينة تدمر التي يغمرها الحب و يزيدها المجد و الشمس حضارة و تشهد هذه المدينة محبة و وفاء ابنائها الطيبين، أما عن طريقة الدفن فيقول هناك لوحات اتضح فيها طريقة الدفن عند القدماء و تلك الجرار التي تتوضع فوق بعضها البعض و هي تسمى عند التدمريين « المدامع» و كانت توضع مع المتوفى اثناء الدفن، فعندما يبكي عليه اقرباؤه توضع دموعهم في هذه الجرار، فالدموع حسب اعتقادهم لا تذرف إلا على غال فرحا أو حزنا.
و عن تمثله للرموز التدمرية و الارث التدمري و الاسطورة التدمرية: أنا ابن مدينة تدمر، و الفنان ابن بيئته و رسالته انسانية تحمل السلام إلى العالم من خلال ذاك الغصن الزيتوني الذي اتضح في بعض اللوحات و الشعار الذي يقول « لا للجوع» من خلال تلك السنابل التي جسدتها في بعض لوحاتي، إضافة إلى انسنة المكان و ورود بعض المفردات التدمرية تلك الموجودة على البساط التدمري و الحجارة التدمرية.
أما المرأة فهي بقناعتي الام و الارض و الزوجة و الاخت لذا غلبت على لوحاتي صورة المرأة التي جسدتها في لوحة لزنوبيا إضافة إلى لوحة اخرى اطلقت عليها اسم « الجوهرة السوداء» و هي حسناء تدمر منحوتة جميلة ما زالت حاضرة بزيها و جسدها الذي يجسد الدعوة للسلام.
تضمن المعرض ما يقارب 40 عملا، الاعمال في غالبيتها حفر على الخشب و حفر على المعدن و جزء منها جرافيك بالابيض و الاسود و هذا المعرض هو الفردي الاول سبقه معارض مشتركة.
و عن معرضه يقول الفنان التشكيلي عبدالله ابو راشد أن معرض دندل يعكس حكاية تدمر و يستحضر هذا الفصل المهم من التاريخ السوري القديم بصورة فنية تصور ذاكرة المكان و الطقوس التدمرية التي تحكي حياة الناس و يومياتهم و همومهم بشكل شفاف و رقيق، فالفنان ابن مجتمعه و بيئته يعكس ذاك الواقع الذي يعيشه، و الفنان ابراهيم دندل فنان صادق مع نفسه و صادق مع الطبيعة التي يعيش فيها و اعماله مشغولة بتقنية جميلة و فيها حرفية عالية فهو فنان متمكن من ادواته.
استطاع الفنان أن يجول في فضاء تدمر و تاريخها العريق، و تدمر بالنسبة له تعني سورية، تعني مجدا لا ينطفئ يقول: أنا من مدينة تدمر لست فنانا اكاديميا و لا ناقدا تشكيليا لكني اختزن في ذاكرتي شيئا ما من القيم التاريخية التي تحملها مدينتي السمراء و التي ما زالت تقف بكل شموخ على مسرح التاريخ، و تقول للعالم ها أنا تدمر و أقول انا أني وليد هذه المدينة.
و يذكر أن الفنان من مواليد تدمر عام 1973، شارك بالاشراف مع مجموعة من الفنانين في لوحة الاطفال التي نفذت في تدمر عام 2008 تحت عنوان « تدمر في عيون اطفالنا»، و نفذ اطول بوحة في العالم مع صديقه الفنان ايمن درويش في عام 2009، و له رسومات في مجلة المعرفة السورية و شارك في ملتقيات عديدة دولية و محلية.