تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فاليا أبو الفضل من اللوحة إلى الرسم الصحفي..شــــــــــفافية اللــــــــــــون وعنفــــــــــــه التعبيــــــــري..

ثقافة
الثلاثاء 3-7-2018
أديب مخزوم

منذ سنوات وأنا أتابع رسومات الفنانة التشكيلية السورية فاليا ابو الفضل، في بعض المجلات العربية الشهيرة، إلى جانب لوحاتها، التي تطرح فيها رؤى تشكيلية حديثة،

تمنح الأشكال والألوان تداخلات بصرية، معبرة عن روح الفنون المعاصرة، لاسيما وأنها تعمل في أحيان كثيرة على إضفاء ألوان قوية كالأحمر ولمسات عفوية، وتجعل اللون أحياناً يسيل من أعلى اللوحة إلى أسفلها.‏

وفي لوحاتها التشكيلية ورسوماتها الصحافية (التي لا تقل أهمية من الناحية الفنية عن لوحاتها) تتجه نحو إبراز جمالية المزج بين الصياغة الواقعية والخلفيات التجريدية للوصول إلى المدى التصويري، الذي يمكنها من خلاله إبراز اندفاعات الحالة الداخلية عبر اللمسات المباشرة والفورية.‏

نزعة رومانسية‏

وفي لوحاتها ورسوماتها عموماً تستطيع المحافظة على قواعد التشريح، وأسس الرسم الواقعي، وبذلك فهي تجسد الشكل والحركة الانفعالية معاً، وتريد من خلال مزاولتها للحركات اللونية السريعة، المحافظة على أبعاد تعبيرية، تنتمي الى التشكيل والرسم الحديث.‏

وهي من مواليد مدينة السويداء، وتقيم في دبي، وخبرتها تظهر بشكل واضح في رسوماتها الصحافية الإيضاحية، والتي تعكس مدى اطلاعها على توجهات اللوحة الحديثة والمعاصرة. وإذا كانت اللمسات اللونية، قد اتجهت أكثر نحو التجريد، في خلفيات بعض لوحاتها، فإنها في لوحات ورسومات أخرى تبدو أكثر اقتراباً من مظاهر الدمج بين الواقعية التعبيرية والرمزية والخيالية والغرائبية، في خطوات الوصول إلى عناصر ورؤى مفتوحة على أزمنة مختلفة قريبة وبعيدة.والاهتمام برسم المواضيع الإنسانية، ولاسيما وجه المرأة، جاء من تأثيرات نزعتها الرومانسية، ولقد كانت في كل مرة تختبر أبعاده ومضامينه وجمالياته، متحررة من هموم مماثلة الشكل الواقعي التسجيلي.‏

وفي لوحاتها الفنية ورسوماتها الصحافية لا تتوقف فاليا أبو الفضل في اطار الرسم التسجيلي البارد، وإنما تتجاوزه بلمسات عفوية وسريعة أشبه ما تكون بالارتجال أو بالصراخ التعبيري، الذي يبرز من خلالها الحركات اللونية السريعة والمجسدة على مساحة اللوحة، وبذلك فهي تبحث عن مناخات تعبيرية تعكس الأحاسيس الأكثر تعبيراً عن المشاعر الداخلية العميقة.‏

هكذا تطل لوحاتها ورسوماتها كتجليات لصياغة قصيدة ذاتية، فالرسم سريع يقطف إشارات الحالة الانفعالية المباشرة والمتبدلة، إنه حالة تعبيرية تعزز العلاقة بين إحساس الفنانة والتجسيد العفوي المتحرر، كأنها تعكس أحاسيسها المتقلبة تجاه العالم الخارجي بتناقضاته وتوتراته المتقلبة والمتناقضة إلى أقصى حالات التناقض.‏

وإذا كانت رسوماتها تنطلق من الواقع ومن إشارات ورموز عالمها الذاتي، فهي في النهاية تريد التعبير عن أحاسيسها الصادقة في مساحة اللوحة، حيث تعبر عن عوالمها الذاتية الخاصة بممارسة تجارب فنية متنوعة على الموديل أو الشكل الذي ترسمه. وهذا يعني أنها في كل مرة تقف أمام لوحة بيضاء تحلم برؤية جديدة خاصة، أشبه ما تكون بمناخ بصري تتجلى من خلاله المشاعر والأحاسيس الداخلية العميقة، وكل ما يقع داخل الدائرة الذاتية من انفعالات مضطربة ومتوترة.‏

ولاشك في أنها تعمل لإيجاد علاقة خاصة بين خط الرسم واللون العفوي في تجلياته وإيقاعاته المتنوعة للوصول إلى لوحة تشكيلية حديثة، فهي تغوص في اللمسة العفوية باحثة في حركاتها عن عوالمها الداخلية، فتتحول الأشكال إلى اختصارات تتأنق فيها الأضواء والألوان الساطعة والبراقة.‏

حالة توفيقية‏

وهذا يعني أن لوحاتها تحمل مواصفات البحث عن لغة فنية خاصة بها، وقائمة على أساس التمرد والرفض لمجمل الطروحات الصالونية الجاهزة، وبالتالي المجاهرة بالطروحات الثقافية الرافضة للنهج النموذجي الأكاديمي، والساعية لإيجاد ملامح لتنويعات تعبيرية جديدة متطورة من ذاتها ولذاتها، خارج إغراءات السوق الفني الاستهلاكي.‏

وهي إذ تحاول تجاوز تفاصيل الأشكال، والإبقاء فقط على مظاهر الصياغة العفوية السريعة، إنما تفعل ذلك لتؤكد منطق التطور أو التحول من التجسيد الواقعي البارد، إلى المناخ التعبيري العاطفي والانفعالي. فعلى الرغم من الانفعال المباشر الذي تضفيه على سطح اللوحة، يمكننا أن نستشف في لوحاتها توازنات بصرية لجهة القدرة على التحكم بالخط وعفوية اللمسة اللونية، وهي تريد من هذا المنطلق الوصول إلى حالة توفيقية بين الرسم العقلاني والانفلات العاطفي، إلا أنها في النهاية تحمل جدية في البحث عن خصوصية في التعبير عبر اللمسات العفوية المتتابعة والمتداخلة والمتجاورة.‏

facebook.com/adib.makhzoum‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية