تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سوريون

اضاءات
الثلاثاء 3-7-2018
سعد القاسم

هو عنوان المعرض الذي أَعلن افتتاح صالة الحكمية للفنون التشكيلية في مدينة اللاذقية قبل وقت قصير، أو لنقل: افتتاح منبر جديد للفن التشكيلي تستحقه اللاذقية بفعل ما قدمت للحياة التشكيلية السورية من أسماء مهمة، وبفضل جمهورٍ ذواقٍ ومتابعٍ متعطشٍ للحوار وللمعرفة.

الصالة - المنبر التي نطمح بأن تقوم بدور فاعل في تنشيط المعارض النوعية، والحياة التشكيلية عموماً في عروس الساحل السوري، تجسد حلماً قديماً رافق مؤسسها (مجدي الحكمية) على امتداد سنوات طويلة، مترجماً شغفه القديم بالفن التشكيلي، كمتابع للتجارب والمعارض التشكيلية، وعاشقٍ للفن، وصاحب تجربة فنية شخصية تقوم على بناءٍ تشكيليٍ باحثٍ عن مناخ لوني بذاته قد يتجه نحو تجريد يلامس التعبيرية شيّد بكائنات بشرية تكاد تضيع أو تتلاشى في زحمة فضاء غير محدد.‏

في المعرض الاحتفالي بولادتها استضافت الصالة اثني عشر فناناً من أصحاب الأسماء البالغة الأهمية في المشهد التشكيلي السوري، في مجالي التصوير والنحت، تتقدمهم (ليلى نصير) صاحبة التجربة الفريدة والرائدة في المشهد التشكيلي السوري التي جمعت في أعمالها البارعة بين أسلوبها التعبيري الخاص المميز والمحبب، وتقنياتها الخاصة الساعية للحصول على تأثير بصري محدد يحمل الرؤية الفلسفية الفنية في كل مرحلة وفي كل لوحة. أما (خالد المز) فتحضر في الذاكرة تكويناته النسائية خلال حقبة السبعينات، التي اتجهت مع منتصف التسعينات باتجاه ما يمكن أن نسميه الإيقاع البصري، حيث الأشكال تتكرر وتتابع بما يحاكي حال المقامات في النصوص الموسيقية، تحفظ في كل تحولاتها حالة سكون له شكل الحلم والتأمل والاستغراق، و يعّد (عبد الله مراد) أحد أهم رموز التجريد المعاصر، كما هو أحد أهم الأسماء في المشهد التشكيلي السوري، وتقوم تجربته على رهافته العالية في التعامل مع اللون وهو أساس لوحته (التجريدية) التي تخلت في رحلة تطورها المستمرة والواثقة عن أصولها الواقعية متجهة نحو أسلوب تركيبي يمنح المشاهد إحساساً مختلطاً، يكاد يكون متناقضاً، بين ما تتميز به اللوحة من تلقائية وحرية، وبين ما تتمتع به من قوة وتماسك. ومع أن (أدوار شهدا) قد انحاز في بداياته الإبداعية إلى الأسلوب الواقعي، لكن هذا لم يمنعه من تقبل طيفٍ واسعٍ من التجارب الفنية القديمة والحديثة، كما لم يمنعه من تطوير مفهومه الشخصي للواقعية، وساهم هذا في تحول أسلوبه تدريجياً من الواقعية إلى التعبيرية، عبر محطات عدة، امتلك في كل واحدة منها خصوصية مميزة وممتعة، وقدرة على التجدد والإدهاش، فيما اكتشف صديقه (غسان نعنع) باكراً موهبته في الرسم، وشغفه بالألوان، وبالضوء خاصة، ليبلور أسلوبه المميز المعتمد أساساً على قوة التباين في الضوء، وخلق مناخ لوني يجعل لوحته تتهادى بين الحلم والواقع. وبالمقابل كشفت أعمال (علي مقوص) عن حسٍ غرافيكي مرهف تؤكده كثير من أعماله وخاصة تلك التي استحضرت من ذاكرة الطفولة مشاهد الجموع البشرية المكتظة حول المزارات والأشجار المقدسة، والتي نفذها بواقعية حريصة على التفاصيل الصغيرة والتي تشكل مجتمعة نسيجاً بصرياً متجانساً يملك قدرة تعبيرية كبيرة ومناخاً نفسياً طاغياً.‏

هناك جديد دائماً في تجربة (نزار صابور) يلقى ظلاله على نتاجه في السنوات التالية، ويتجلى في التأكيد أكثر فأكثر على القدرة التعبيرية للون فيما كان الشكل ينحو سريعاً نحو المزيد من التجريد، ملامساً حدود فقدان أصوله الواقعية، كما أولى أهمية قصوى للتجريب التقني، بما في ذلك استخدام تقنيات لم يسبق استخدامها، لغاية الحصول على تأثير بصري بذاته. أما (باسم دحدوح) فقد أقام معرضه الفردي الأول بعد التخرج، وبدا فيه أنه يمتلك شخصية فنية خاصة قوامها الجرأة في التعامل مع الشكل، والبحث في غنى المجموعة المحدودة من الألوان التي كان يستخدمها في لوحاته المائلة باتجاه التجريد،، تاركاً للمشاهد متعة التأمل، وشغف الاكتشاف، ومهمة التأويل.‏

في جانب النحت كان تخرج (مصطفى علي) من كلية الفنون الجميلة عنوان مرحلة إبداعية ثرية تمتد حتى اليوم، جعلته أحد الأسماء الأكثر حضوراً على ساحة النحت، وفي المشهد التشكيلي السوري بشكل عام، حيث اتسمت تجربته بالآن ذاته، بتجددها وبأصالتها الموصولة بتراث النحاتين الفينيقيين، ممتزجاً بخيال فنان حالم يعشق الحياة. و (محمد بعجانو) إلى الخصوصية الفنية التي ميزت أعماله، متجهاً لاستلهام موروث النحت السوري من خلال السعي لاكتشاف، والتقاط تلك العلاقة السرية بين إبداعات النحاتين السوريين الأوائل وبين محيطهم. وبالمقابل بدأت رحلة (جميل قاشا) مع النحت حين داعب بالسكين الحصى الصغيرة مستوحياً من أشكالها الطبيعية العفوية ما يمكن أن تكونه مع الاحتفاظ بشيء من ذاكرتها، ذلك أنه اعتبر النحت على الدوام انتماء للجمال والمكان فيما يؤكد (أبي حاطوم)، من خلال منحوتاته مفهومه للنحت ككتلة في الفراغ، قبل أن تكون تمثيلاً لجسم بشري أو عنصر من الطبيعة، أو موضوع محدد بذاته، لذا بدا حرصه واضحاً على أن يكون عمله مشغولاً، وجميلاً، من أي جانب نظر إليه فيه، إضافة إلى استقراره وتوازنه ووضوح المادة المصنوع منها بما يظهر خصوصية كل منها، والتأثيرات البصرية المختلفة التي تكشف عنها في الخامة ذاتها أساليب المعالجة المختلفة.‏

هو استعراض سريع لتجارب التشكيليين المشاركين في المعرض الأول لصالة الحكمية، لا يشير إلى أهمية هذه التجارب فحسب، وإنما إلى الأمل بأن يعبّر هذا المستوى المتقدم عن توجه الصالة ونهجها.‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية