وأوضح الجعفري خلال اجتماع اللجنة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس بعنوان «التدابير الاقتصادية الانفرادية بوصفها وسيلة للقسر السياسي والاقتصادي ضد البلدان النامية» أن الشعب السوري يعاني منذ عقود مضت وإلى اليوم من التداعيات الخطيرة للإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة عليه من بعض الحكومات غير أن هذه التداعيات بلغت خلال السنوات الأخيرة مستوى غير مسبوق لكونها ترافقت بآثارها التخريبية على الاقتصاد والتنمية في سورية مع تداعيات الحرب الإرهابية ومع سياسات غير أخلاقية لبعض الحكومات تتمثل في إعاقة انطلاق عملية إعادة الإعمار وعرقلة عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم.
ولفت الجعفري إلى أن سورية صوتت لصالح مشروع القرار المقدم إلى الاجتماع باعتباره انعكاساً قانونياً وسياسياً واضحاً لموقف الأمم المتحدة الرافض للتدابير الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تشكل عقابا جماعيا لشعوب بعض الدول النامية وتقويضا لنظام الأمم المتحدة وعائقا في وجه تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة للعام 2030 وخرقاً لحق الدول في التنمية هذا إلى جانب أنها تعرقل التبادلات التجارية الدولية والإعمال التام للحقوق المنصوص عليها في صكوك حقوق الإنسان.
وقال الجعفري: يفصلنا أحد عشر عاما عن الموعد المنشود لاستكمال تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 وإن أحداً لا يستطيع أن يجادل في أن الحصار الاقتصادي أحادي الجانب الذي تفرضه بعض الحكومات على العديد من دول العالم يعيق بشكل مباشر تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب هذه الدول، مشددا على ضرورة أن تركز عملية الرصد التي يجريها الأمين العام للتدابير الاقتصادية الانفرادية كوسيلة للقسر السياسي والاقتصادي على متابعة آثارها وتداعياتها على تحقيق التنمية المستدامة، ولا سيما أن استشراء نزعة فرض هذه التدابير على العديد من الدول النامية بات يفرض علينا اليوم واجب البحث عن مقاربات أممية جديدة تتجاوز مجرد إدانة هذه التدابير القسرية أو حث المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لوضع حد لاستخدامها ضد البلدان النامية.
وأوضح الجعفري أن ما نحتاجه اليوم هو آليات حقيقية سريعة لتنفيذ التوصيات الأممية التي تسعى لإنصاف ضحايا هذه الإجراءات وإلى إنشاء سجل دولي للإجراءات الأحادية التي تؤثر على حقوق الإنسان وإلى دعم فكرة إصدار الجمعية العامة إعلاناً بشأن الإجراءات الأحادية وسيادة القانون وبما يكفل تحميل حكومات الدول الأعضاء التي تلجأ إلى الحصار الاقتصادي غير الشرعي المسؤوليات السياسية والقانونية والمالية عما تتسبب به هذه الإجراءات من تعطيل وانهيار قطاعات اقتصادية حساسة تقدم خدمات الحياة الأساسية للمواطنين ولا سيما قطاعات الصحة والتعليم والغذاء والزراعة والصناعة والتجارة والاتصالات والتكنولوجيا بما يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة في أجندة عام 2030.
وأعاد الجعفري التذكير بما ورد في إحاطة إدريس الجزائري المقرر الخاص المعني بالآثار السلبية للتدابير القسرية أحادية الجانب على التمتع بحقوق الإنسان حيث قال: «يساورني قلق عميق من أن الإجراءات القسرية الأحادية تسهم في تفاقم معاناة الشعب السوري.. وفي ظل ما تتسبب به هذه الإجراءات من معاناة اقتصادية وإنسانية فإن من الصعب تصديق الادعاءات بأنها موجودة لحماية السوريين أو الحث على انتقال ديمقراطي».
وأشار الجعفري إلى أن هذا التقييم الصادر عن ممثل أممي رفيع المستوى هو تقييم عام ينسحب ليشمل الأوضاع المأساوية التي تعاني منها كل الشعوب التي تتعرض لتبعات وآثار الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب، لافتاً إلى أن سورية تؤمن بأن الوقت حان لوضع حد نهائي لا رجعة فيه لسياسات العقاب الاقتصادي التي تتبناها بعض حكومات الدول الأعضاء إذا كانت فعلاً ملتزمة بمبادئ العدالة والمساواة وبحق جميع شعوب العالم في الرفاه والتنمية دون تمييز أو قيود.