ارتفاعات مهولة سجلها سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وباتت الارتفاعات تسجل يومياً بعشرات الليرات بعد أن كانت أسعار الصرف تقفز - إن قفزت - بآحاد الليرات ما جعل سقف سعر الدولار غير معروف في الأفق المنظور.
جنون سعر الصرف أجبر السلطات النقدية على إجراءات ليست راضية عنها لجهة رفع سعر الصرف الرسمي بعشرات الليرات أحياناً، فبعد تثبيت سعر صرف الدولار لتسليم الحوالات الشخصية بمبلغ 374 ليرة سورية، ارتفع سعر دولار الحوالات إلى 380 ليرة ومن ثم 385 ليرة، ليصبح لاحقاً 410 ليرات سورية ومن ثم 420 ليرة سورية، وهي أسعار تنعكس مضاعفة في سعر السوق الموازية، وبالتالي تنعكس على نواحٍ عديدة في حياة المواطن على يد التجار كونهم يسعِّرون سلعهم وبضائعهم المكدسة منذ أشهر - وربما سنة - بشكل يومي على أساس سعر أعلى من السعر الحالي بمقدار 25 ليرة سورية كحد أدنى في كل مرة تحسباً لارتفاعات مقبلة.
لا بدّ من إجراء يحفظ معيشة المواطن، ولا بد من إجراء يلجم التجار ويضع لجشعهم وهوسهم بالمال والربح حدَّاً، ولا أحد من السوريين يجهل ظروف الحرب التي دخلت عامها السادس، ولا يطلب أحد من السوريين المستحيل رغم أن كلاً منهم حقق المستحيل بصموده وتحمله وإصراره على النصر وإفشال كل ما يستهدف وطنه وأهله وكرامته.
إن كان الدولار في الفترة الحالية هوس ومحور اهتمام، فهو كذلك لسببين اثنين لا ثالث لهما: أولهما معرفة مقدار الغلاء الذي سيواجه محدودي الدخل نتيجة كل ارتفاع في سعر صرفه، وثانيهما تحقيق ربح صافٍ يضاف إلى الدخل اليومي أو الشهري، هذا بالنسبة للمواطن العادي محدود الدخل.
أما بالنسبة للتجار، فالكل يعرف ويشاهد طوابير موظفيهم وحلقاتهم القريبة في طوابير أمام شركات ومكاتب الصرافة شراء الدولار مقابل مكافأة يصرفها التاجر لمن اشتراه، حتى يُضارب بالكتلة التي يحصل عليها في السوق الموازية ضد الليرة السورية رغم وجوب أن تبادر غرف التجارة إلى إجراء ولو كان كلامياً ترفض فيه سلوك من يمارس هذا التحايل والغش لسورية وصمودها.
تأمين الأساسيات للمواطن هو الحل الوحيد، ليس لوضع حد لجنون سعر الدولار أو جشع التجار، بل لحماية المواطن وتأمين غذائه، ومن نافلة القول أن وجود هذه الأساسيات في مؤسسات القطاع العام سيبعد شريحة مهمة من المواطنين عن متناول التجار، ويفقد التاجر جزءاً مهماً من ممارساته الاستغلالية التي ينهب بها المواطن، ناهيك عن تعزيز ثقة المواطن بمؤسسات التدخل الإيجابي.
بغير ذلك لا يمكن لأحد أن يضمن أحد، ولا يمكن تصور حدّ لسعر الدولار أو استغلال التجار للشعب، ولا أدل من كل ما سبق عن أرباح التجار إلا ما تعلنه غرف الصناعة والتجارة نفسها من اشتغال الصناعيين بالتجارة والتفات التجار إلى الاستيراد وما يستتبع ذلك من تسعير السلع.