وفيما يتعلق بمهنة الطب ، يكثر ترداد مثل شعبي قديم ... يقول (اسأل مجرب ولا تسأل حكيم )
يردده الناس بيقين
وإصرار ،رغم أنه بات بعيداً عن جادة الصواب...
اليوم... هذا المثل الشعبي فقد معناه تماماً ، فالطب اليوم لا يستنكر سؤال المجرب فحسب ، بل وينكر أيضاً على المريض ، أن يعالج نفسه بنفسه ، إذا أصيب مجدداً بمرض سبق له أن أصيب به سابقاً...
أكثر من هذا ... إن الطب – في بعض الأحيان – يقر الاستعانة بآراء عدد من الأطباء معاً، ولا يكتفي بطبيب واحد ... فأين يقف ( المجرب ) من هذا ؟...
إن كثيراً من الأمراض تتشابه أعراضها بصورة لا يكتشفها سوى الطبيب الماهر المتمكن من علمه ...
وما دامت الأعراض قد تخدع الأطباء أنفسهم فهي _ بالقطع إذن _ تخدع المرضى والمجربين معاً ... فليس كل صداع يعالج بأخذ حبة مسكنة ... وليس كل إمساك يقضى عليه بالمسهلات... بل إن ارتفاع الحرارة عرض لعشرات من الأمراض ... والاسهال قد يكون بداية لكثير من الأمراض المستعصية... والآلام التي تتوضع في أي عضو من الجسم، قد يكون توضعها هذا دليلاً على وجود آفة أو مرض آخر ، لا يمكن أن يخطر على بال المريض سواء كان مجرباً أو غير مجرب ... وما أريد أن أوهم القارئ العزيز، ولا أن أبث فيه الخوف والفزع لدى أول إحساس بأي عرض مرضي ... وكل ما أريد أن أوضحه ، هو أن للطبيب وحده كلمة الفصل في أي عارض يصيب الإنسان ، وأن المجرب إذا أصاب مرة ، فإنه سوف يخطئ مئات المرات ...
لنلغي هذا المثل من قاموس أمثالنا .. فسهولة شفاء الناس من المرض تسير طرداً _ لحسن الحظ – مع تقدم الطب ... ويكاد يكون بلإمكان شفاء معظم الأمراض عند أول نزولها بالجسم ، أما إذا أهملت – بناء على تشخيص المجرب – فإن أبسط الأمراض قد تتفاقم ، وتنقلب إلى داء لا يملك الطب حياله شيئاً....