تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قبل فوات الأوان

ترجمـة
الأحد 13-1-2013
ترجمة: ليندا سكوتي

توصل المعسكر اليساري في إسرائيل إلى قناعة تامة بأن الحكومة التي ستسفر عنها الانتخابات المقبلة ستكون من أكثر الحكومات التي تعاقبت على إسرائيل تطرفا منذ نشوئها الأمر الذي يدعو إلى ضرورة اتخاذ ما يمكن من إجراءات فعالة تفضي

إلى استهجان واستنكار ما نشهده من تعال وعجرفة أخذت تبدو واضحة فيما اتسمت به الفئات اليمينية من حيث تجاهلها لمصالح الفئات الأخرى لعل هذا الإجراء يكون له أثر فعال في ردعها عن غيها وإنقاذ البلاد من أذى قد يلحق بها، وذلك قبل فوات الأوان.‏

اعتقد بأن الشرارة التي أخذت تتقد وحدت بتسيبي ليفني للإعلان مؤخرا على الملأ دون تهيب عن عزمها التقاء كل من رئيس حزب هناك مستقبل يئير لابيد ورئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش بهدف تشكيل تكتل موحد ذي فعالية تتمكن عبره من مجابهة نظام نتنياهو والعمل الجاد على إسقاطه قد جاء على خلفية المقابلة التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت مع مدير الشين بيت السابق يوفال ديسكن التي ذكر فيها وقائع أثارت الاستنكار بل والاشمئزاز في نفوس كل من اطلع عليها بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الأحزاب التي يزمع التصويت لها في الانتخابات المقبلة.‏

وقد كانت أسباب الاستنكار التي أوجدت التأثير الكبير في المواطنين هي الطريقة التي عرض بها ديسكن وقائع جلسة ضمت كل من نتنياهو وباراك وليبرمان أظهرتهم بأنهم كانوا يدخنون أنواعا من السيكار الفاخر وإلى جانبهم عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي ومجموعة من القيادات الاستخباراتية الإسرائيلية ووزير الدفاع إيهود باراك الذي كان يصب لنفسه كأسا صغيرا من الوسكي بين آونة وأخرى، وفي حين كانت الطاهيات المرتديات للقبعات البيضاء منهمكات بإعداد وجبة غداء دسمة في حديقة مبنى الموساد كانت تجري في الداخل محادثات حساسة وبالغة الخطورة تتعلق بالقضية الإيرانية.‏

وشكل هذا الوصف مؤشرا واضحا وكافيا لإعلامنا عن واقع أولئك القادة الذين أسسنا لهم قيادتنا. لقد أعطانا هذا الوصف التفسير الموضوعي لأسباب الاستنكار والاشمئزاز التي اكتنفت ديسكن وأمثاله من القادة ويبرر لنا الأسباب التي دعت إلى إصابة رئيس الشين بيت السابق بخيبة الأمل إزاء هذا السلوك المشين الذي نهجه أولئك القادة.‏

يبدو أن رئيس المخابرات السابق قد وجد لزاما عليه إعلام المواطنين في إسرائيل، قبل إجراء انتخابات الكنيست، عما لاحظه وشاهده وسمعه في أكثر المنتديات السرية حساسية وفي الموقع الذي تتخذ به القرارات المصيرية التي لها التأثير الواسع على حياة مجتمعنا وما يحدث في الاجتماعات المماثلة لذلك الاجتماع الذي نوهنا عنه.‏

إن ما تعرض له ديسكن من ملامة ونقد لجهة توقيت تلك المقابلة بإدعاء أنه قد اتخذ هذا الإجراء تعبيرا عن رغبته بالإساءة إلى مسؤولين رفيعي المستوى لم يكن إلا نتيجة شعوره بالحيف الذي لحق به لأمر مثير للسخرية إذ إنه حتى لو صحت تلك المقولة فمن غير المسوغ أن نعرها اهتماما إذ إن ما يهمنا في الأمر هو مضمون ما صرح به لأنه إن كان ذلك ما يحصل فعلا في الاجتماعات السياسية فإنه سيجعلنا نتساءل عن الكيفية التي تتخذ بها القرارات ذات الأهمية بالنسبة لمصير البلاد في ظل أجواء مشابهة لما حدث؟ وإن كان فيما وصفه يمثل واقع صناع القرار في هذه البلاد (على الرغم مما سمعناه منهم من إنكار وتكذيب لما ورد في المقابلة) فإن ذلك أمر مثير للاستغراب والدهشة والحنق والرعب في نفوسنا.‏

ومن الأمثلة التي جعلت ديسكن وزملاءه ممن شاركوا في اجتماعات حساسة يصابون بالإحباط وخيبة الأمل هو مشاهدتهم في بعض الأحيان لوزير الدفاع وهو يعد لإجراءات تتعلق بالائتمان حيث يضع الشروط التي تتناسب مع ظروف شخص محدد بحيث يتمكن من الانفراد بالحصول على ذلك الإئتمان لتحقيق عملية معينة الأمر الذي يعطينا انطباعا بأن قادتنا إنما يسيرون الأمور وفق متطلبات مصالحهم الشخصية بدلا من إعطاء المصالح القومية المقام الأول وتوصلنا أيضا إلى قناعة تامة بأن نتنياهو قد اتخذ من الكذب واللف والدوران طبيعة لايحيد عنها وأن أي قرار يتخذه يتأثر بما يمكن أن ينجم عنه من تحقيق لمصالحه الشخصية والانتهازية والآنية.‏

ولا شك بأن كل ما ذكر آنفا يثير في نفوسنا القلق والخشية لكونه يرسخ فينا نوعا من فقدان الثقة بالمسؤولين سواء في المؤسسات الأمنية أو في قيادة البلاد وبالتالي يولد في نفوسنا الشكوك حول إمكانية كل من باراك ونتنياهو على اتخاذ القرار المناسب بشأن الهجوم على إيران، ويؤكد لنا عدم صحة وعودهما بأن تلك الخطوة ستفضي إلى نتائج إيجابية.‏

تعتبر المقابلة التي أجريت مع ديسكن وثيقة هامة تقشعر لها الأبدان لكونها ألقت الضوء على ما يجري في أهم المواقع الإسرائيلية الاستخباراتية والسياسية وإزاء هذا الواقع نتساءل عن إمكانية الوثوق والاعتماد على مثل أولئك الأشخاص في تقرير التوجهات التي ينبغي أن تمضي إليها البلاد والثقة بإمكانية أولئك القادة في اتخاذ القرارات الصائبة والسليمة وتجنب السيء منها دون أن يكون ثمة رابط لها بمصالحهم الشخصية؟ ونتساءل أيضا إن كان الشخص الذي يحمل السيكار بيد وكأس الوسكي في اليد الآخرى يعتبر مؤهلا لصناعة القرارات المصيرية؟ وهل من المسوغ أن يكون رجلا مترددا يتجنب إصدار قرار لا يأتلف ومصالحه الشخصية ومصالح أتباعه رئيسا لوزراء هذه الدولة؟يجب أن تشكل تلك المقابلة الدافع الرئيس لكل شخص يحق له التصويت في 22 من الشهر الجاري لاسيما بالنسبة لأولئك الذين يفكرون بالامتناع عن التصويت حيث نقول لهم إن متسعا من الوقت للتفكير مازال أمامنا ويتعين على كل مواطن المشاركة في الانتخاب وتحديد ما يجب اتخاذه من قرار قبل الذهاب إلى صندوق الاقتراع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية