فالشعب هو الحكم، والجيش السوري هو درع الوطن، وفلسطين والنهج المقاوم هما الهدف المنشود، وأن الكل عدا ذلك.. إلى زوال، من المجد المرحلي الزائف، إلى الأشخاص المرتهنين لأعداء الوطن الذين أخذتهم الريح الصرصر إلى مسارات عمالة، كتبت مراحلها المرهقة على جباههم بأحرف سوداء . فسورية الصامدة ثابتة على الحق وباقية على شموخها، ما دامت الأرض صلبة الملامح، وما دام الشعب غض الإيهاب،لا يغره ذهب ولا آبار نفط، ولا تخيفه هرطقات المأجورين العابثين بأمن الوطن في ليالي الحشر، حين الأعداء في حالة استنفار قصوى ضده، وحين المؤامرات على اشتداد مسار، وحين تدلهم الخطوب ويقوى ظلم ذوي القربى.
لقد قالها الرئيس بشار الأسد بلغة الضاد التي يتقنها والتي خسرها الآخرون، حيث ألسنتهم باتت مطعوجة كما قلوبهم، وضمائرهم التي تلفظ أنفاسها على مخداتهم التي أنستهم أمجاد أمة العرب، وتاريخ الأجداد، من عهد القادة الكبار الذين استوطنوا ذاكرة العصور العربية الشاهدة على مراحل متحركة ذات اليمين وذات اليسار، حتى عهد حطين وميسلون، وتأميم قناة السويس، والحركة التصحيحية التي قادت سورية إلى مرابع النور والتنوير طيلة أربعين عاما، كانت فيها سورية تتحرك على الجمر في الداخل والخارج، حيث في الخارج صوبت سيف المقاومة إلى فلسطين المحتلة، أضف إليها دحض المؤامرات التي لم يخمد أوارها منذ معاهدة «سايكس بيكو الأولى»، وفي الداخل صوبت بوصلتها باتجاه النهوض الإنمائي والتطويري في شتى الحقول، بحيث تم إيصال سورية إلى مصاف الدول التي يتم احتساب قوتها المتوازنة داخليا وخارجيا، لهذا رأينا الثورة المضللة تتفاعل في أجندتهم تفجيرات قاتلة، وتدميرا شرسا للمؤسسات والمنشآت والمطارات والمدارس والكنائس والجوامع والأسواق الأثرية وأنابيب النفط والمياه وغيرها من البنى التحتية التي هي ملك للشعب، وليست قيما ومبادئ ونهجا إصلاحيا كما هو مفهوم منهجية الثورات الوطنية.
لقد بدا الرئيس الأسد متألماً، فسورية اليوم تطعن من بعض أبنائها بوسائل أميركية وصهيونية وأوروبية وعربية، وأن من تلقى المال والسلاح لخراب وطنه، هم من ظنوا أن باستطاعتهم رسم الخرائط وتدويرها حسب الملفات المرسومة بخطأ الحسابات التي طالت مصر وتونس واليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية الواقفة على شفا الهاوية. فمنذ البدء، أدرك كقائد مؤمن ببلده ومؤتمن عليه حجم المؤامرة الشرسة، فبدأت المعالجة الطبية التي تبدأ بفحص الدم أولا، وبالصورة الشعاعية ثانيا، وبالمضادات الحيوية ثالثا، حتى إذا استفحل المرض تم اللجوء إلى العملية الجراحية التي هي الأمل الأخير لإنقاذ المريض ومعافاته. هكذا كانت الخطة الحكيمة والرؤية المتنورة التي اختطها الرئيس بشار الأسد مع أركان قيادته من حكومة، ومجلس شعب، وجيش، وشعب مؤمن واثق بهمة قائده وقيادته السياسية، التي مكنتهم من الصمود في وجه المؤامرة التي رسمت لتنفذ في لمح البصر، وإذ «بحساب الحقل لم يكن كحساب البيدر» كما يقال في أمثالنا الشعبية، فسورية بثالوثها المقدس: القيادة والجيش والشعب، استطاعت هزيمة المتآمرين على وحدتها وهويتها، وما زالت، على الرغم من الخسائر في الأرواح البشرية، التي آلمت القيادة كما آلمت الشعب، واقفة على حد السيف والإيمان، لكل من يبغي بها شرا، وقد قالها الرئيس في خطابه: «الغيمة السوداء تحجب نور الشمس لكنها تحمل في طياتها مطرا وطهرا وأملا بالخير والعطاء، وهذا الألم هو الطاقة الجبارة التي سوف تخرج سورية من براثن هجمة لم نشهد أو نتذكر لها مثيلا في تاريخ المنطقة»، مشددا على القدرة على تجاوز الخسائر في البنى الاقتصادية والاجتماعية التي دمرت، مؤكدا بثقة واضحة لا لبس فيها بالقول: «.. سنبقى نعمل للإصلاح بيد وللقضاء على الإرهاب باليد الأخرى وستعود سورية أقوى مما كانت، حيث لا تفريط بالحقوق ولا تنازل عن المبادئ».
هذا الكلام الواضح الصريح أربك خصوم سورية وسامعيه عبر العالم، خصوصا أولئك الواقفين خلف خطوط النار الهمجية، خصوصا حين قال: «هذه شروطنا، وهذا هو تصورنا للحل الشافي، والحوار هو مبتغانا، وسورية لن تنهزم، حيث لا ولن نرضى بالتنازل عن السيادة والكرامة، فالوطن باق والأشخاص إلى زوال». بهذا المنطق الوطني واجههم، فأحدث التخبط في تصريحاتهم التي تباينت في مضامينها من خلال الوقوع في دائرة انعدام الجاذبية التي رماهم بها فمنهم من قال: الحل يجب أن يكون سلميا في سورية، كوزير خارجية السعودية سعود الفيصل ونبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، ومنهم من أعرب عن خيبة أمله كأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون المرتهن لأميركا، ومنهم من ظن أن الرئيس قادم ليتلو بيان التنحي عن مسؤولياته التي منحها له الشعب السوري كهيغ وكاميرون البريطانيين، إلى ما هنالك من تصاريح جوفاء أوقعتهم في متاهات المأزق الذي وقعوا فيه، بحيث باتوا ينتظرون الخروج منه بأقل الخسائر المعنوية أمام شعوبهم المضللة.
أما العملاء المتحركون بالريموت كونترول، فقد تلعثمت شفاههم وتخبطوا في تصاريحهم الملتوية، وظنوا أن الأميركي والتركي والخليجي والأوروبي سند قوي لهم، ونسوا أن سورية تتحرك ضمن دائرة العقل والحكمة والمواقف الوطنية والقومية الثابتة، من هنا كان استعمالهم الدين شعارا، بحيث رسموه خارطة جديدة تشد العصب الطائفي والمذهبي، ظنا منهم أن تصويبهم على إسقاط الرئيس سهل المنال، وأن سورية هي الشخص وليست الدولة القوية القادرة، لهذا فوجئوا بما قاله الرئيس علنا: «.. أن ما يفكرون به أضعاث أحلام.. إن أي مبادرة أو عمل تنطلق من الواقع السوري ومن مصلحة ورغبة الشعب» .
إن هؤلاء العملاء الذين تباهوا بالتعاطف مع الأميركي والفرنسي والبريطاني وحكمة هنري ليفي اليهودي الصهيوني، وابتكارات أردوغان الإصلاحية الزائفة، والدعم الخليجي المادي والعسكري، نسوا أن المواطن السوري قد جبل على مفهوم العروبة والمقاومة الذي لا يتبدل ولا يتغير، لأن إيمانه بالنضال من صلب عقيدته الوطنية والقومية، لذا ستبقى فلسطين هويته العربية والإيمانية الحقة، التي ستسقط كل وسائل الضغط الاستكبارية العالمية، وستبقى سورية واحدة موحدة بجميع أطيافها لأنها كما قال الرئيس: «.. لأننا أصحاب حق والله دائما وأبدا مع الحق».