تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


روايـــــة الخالـــــــدات .. البؤس والفقر في مستعمرات فرنسا

عن لومانيتيه
ثقافـــــــة
الأحد 14-4-2013
 ترجمة: مها محفوض محمد

رواية «الخالدات»: فيها صفحات من دفاتر مهنة محظورة عرفتها الأزقة الخلفية وتجارة الرقيق عبر التاريخ.

وقد تناولتها الأقلام وروائع الفنون كقصص ألف ليلة وليلة وملاحم الهنود «المهبراتا» والإغريق «الإلياذة» وكبار الأدباء من شكسبير إلى فيكتور هيغو وقبله فلوبير مروراً بالشاعر بودلير في «أزهار الشر» وصولاً إلى إيمي سيزير وكاتب ياسين.‏

واليوم الروائي الشاب ماكينزي أورسيل المولود في بورتوبرانس عاصمة هاييتي عام 1983 في روايته الجديدة «الخالدات» التي صدرت مؤخراً وضربت أرقام مبيع قياسية في بلاد الفرانكوفونيه.‏

تسلط الرواية الأضواء في جزء كبير منها على عالم العاهرات وفي الجزء الآخر على البؤس والفقر في مجتمع وصل إلى حافة العدم واللامعقول والموت الرحيم في إحدى مستعمرات فرنسا فيما وراء البحار (جزر الآنتيل) في هاييتي الجزيرة الواقعة شرق كوبا وتلقب ببلاد الجبال الاستوائية وهي التي شطرتها فرنسا إلى قسمين: جمهورية الموز (الدومينكان) وجمهورية هاييتي التي تنتج البن والرز والقطن وقصب السكر والبوكسيت وتتعرض للبراكين والهزات الأرضية كالتي أصابتها عام 2010 كما أنها لا تزال تعصف بأهلها العبودية وتجارة الرقيق.‏

تتوقف رواية «الخالدات» عند المعاناة في هذه المنطقة ومرارة الشقاء والفقر الذي خلفه الاستعمار وأزلامه أمثال دوفالييه الملقب «بيبي دوك» الذي تسلم السلطة عام 1957 ولم يكن هو من قاد البلاد إنما الشركات المتعددة الجنسيات ومقاوليها من الأغنياء الذين استعبدوا الطبقة العاملة على غرار ما كان يفعل المستعمر الفرنسي مع العبيد والخلاسيين وقد تميزت فترة حكم دوفالييه بغياب السلطة وانتشار البغاء والاسترقاق وتعاطي المخدرات وبيع الأسلحة المحظورة واستغلال الفقراء الذين يشكلون غالبية عظمى في البلاد إلى أن تم طرده من البلاد عام 1986 واستقبلته فرنسا لمدة ربع قرن وفي آذار الماضي بدأت محاكمته في هاييتي وفي رده على اتهامات كثيرة وجهت له أجاب دوفالييه على أحدها: إن الاغتصاب موجود في كل مكان.‏

وعندما دمرت الهزة الأرضية جزءاً كبيراً من تلك الجزيرة سارع عدد من الأدباء للكتابة عنها وعن المشاكل التي لم تحاول باريس إيجاد حل لأي منها.‏

تلخص رواية الخالدات وجهة نظر ماكينزي أورسيل الذي يرى أن إعادة بناء هاييتي بعد الهزة الأرضية عام 2010 يحتاج أولاً إلى إعادة بناء المجتمع في الجزيرة وذلك انطلاقاً من تنمية الفرد بانتمائه لوطنه أولاً.‏

وحول هذا الموضوع تدور أحداث الرواية التي تحتل الأحلام مساحة هامة منها فالفقراء على غرار أورسيل يقبعون في الأحياء الخلفية من الجزيرة (يعيش أورسيل في حي مارتيسان البائس) حيث الجريمة والرذيلة والجوع والفقر رباعي أضواء مسرح الأحداث في الرواية وفي تلك الأزقة الموحلة تعمل بطلة الرواية شكيرة في أقدم مهنة في العالم بعد أن لفظتها الهزة الأرضية من ريفها البعيد إلى مدينة الأضواء بوتوبرانس رغم الاحتقار الذي تتعرض له يومياً كمثيلاتها من الساقطات إلا أن أورسيل يتفهم دوافعها ودوافع النساء اللواتي يقعن في الوحل وينجبن أطفال خطيئة نتيجة هجر الزوج أو وفاته.‏

وتسرد الرواية قصة شكيرة التي تعقد صفقة مع كاتب شاب تطلعه على يومياتها مع زميلاتها العاهرات في أكبر مواخير عاصمة هاييتي مقابل حفنة من المال وبذلك تتحدث البطلة بثقة كاملة بأنها تؤدي خدمة كبيرة لأخواتها في الشقاء اللواتي قذفتهن الأقدار على قارعة الرصيف علماً أن عدداً منهن قضت عليهن الهزة الأرضية.‏

ويستخدم أورسيل في رواية الخالدات لغة تلك الشريحة من المجتمع الهاييتي الضائع لغة الأزقة المظلمة والأجساد المتعبة السائرة إلى موت محتم بعد أن نهشتها الأمراض الجنسية والنفسية وبعد أن ولدت الهزة الأرضية المذكورة أزمات لا حدود لها رفضت باريس معالجتها في جزيرة الموت البطيء اليوم بعد أن كانت جزيرة الرقص والغناء والسعادة والحياة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية