أجرى الدراسة علماء رياضيات من جامعة كاليفورنيا (UCI), ونشرت نتائجها هذا الأسبوع بمجلة إنترفيس الصادرة عن الجمعية الملكية. ويظهر هذا الاكتشاف للمرة الأولى سبب حدوث هذا التغير الوراثي لخلايا السرطان, بما يتيح تبصرا بكيفية نمو الأورام السرطانية, وأساسا واعدا لعلاج السرطان في المستقبل.
وتناول كل من ناتاليا كوماروفا وألكسندر سادوفسكي وفردريك وان -علماء الرياضيات بجامعة كاليفورنيا- السرطان باعتباره ورما خبيثا, وسألوا عما يمكن أن يفعله الورم لينمو على النحو الأمثل.
ركز هؤلاء العلماء على ظاهرة عدم الاستقرار (أو الاضطراب) الوراثي, وهي سمة مشتركة بين أنواع السرطان, حيث تتحور الخلايا جينيا بمعدلات سريعة غير معتادة. هذه التحويرات أو الطفرات الوراثية تستطيع أن تتسبب في نمو خلايا السرطان, وتستطيع أيضا أن تتسبب بموتها.
ووجد العلماء أن الأورام السرطانية تحقق أعلى نمو لها عندما تكون في حالة اضطراب شديد في المراحل المبكرة للإصابة, ثم تصبح مستقرة في مراحل لاحقة. بمعنى آخر, تزدهر الأورام الخبيثة عندما تتحور الخلايا السرطانية لتسريع التحولات الخبيثة, ثم تبقى على هذه الحال بتعطيل وتيرة التحورات أو الطفرات.
وقالت ناتاليا كوماروفا أستاذة الرياضيات بجامعة كاليفورنيا إن (النظرية الرياضية يمكنها أن تساعد على فهم أفضل للسرطان, فعندما نعلم جيدا ما يفعله السرطان سيتاح لنا أن نجد سبلا لمكافحته).
وكانت دراسات سابقة قد لاحظت هذه الوتيرة الجينية في سلوك خلايا السرطان, لكن دراسة جامعة كاليفورنيا هذه هي الأولى التي تفسر لماذا تؤدي تلك الوتيرة إلى نمو الأورام. وغالبا ما كان هذا الاضطراب الوراثي الجيني موضع جدل بين علماء السرطان, فمنهم من يعتقد أن السرطان يتغذى من هذا الاضطراب, بينما يعتقد آخرون أنه عرض جانبي للسرطان ذاته.
وللوقوف على وتيرة التغيرات الجينية التي تؤدي إلى أنشط نمو للأورام, استخدمت كوماروفا وزملاؤها منهجا رياضيا يسمى (نظرية التحكم الأمثل), حيث درسوا ورما له عدة سمات أو متغيرات, ثم بدلوا متغير تحويرات الخلايا, ليصلوا إلى قيم المتغيرات والظروف المثلى التي يحقق تحتها الورم أفضل نمو.
وفي سياق هذا النموذج الرياضي التطبيقي لنظرية التحكم, تصف كوماروفا معدل تحور الخلايا. ثم بالإمكان رياضيا حساب الفترة التي يحتاجها الورم, في وجود محددات معينة, ليصل إلى حجم معين.
ولاحظ العلماء في المراحل المبكرة لنمو الورم أن لعدم الاستقرار الجيني فائدة تساعد على النمو, لكنه في المراحل اللاحقة يصبح عائقا للنمو. وهذا ما يفسر سبب إبداء كثير من الأورام مستوى عاليا من عدم الاستقرار في البداية, ثم تصبح مستقرة لاحقا بعد الإصابة.