لماذا جفا النوم عينيّ , رغم أن النوم يغلبني , والنعاس يصارعني ? إنها ليست المرة الأولى فقد تعودت على الأرق , ولكن اليوم أشعر بالدموع تملأ عينيّ ...
لا تمتعضوا ... فالدموع ليست حكراً للنساء , وهي بنظري جزء من التعبير عن إنسانيتنا ولا أراها تعيبني لأنني رجل ...
في حلقي غصة تأبى الخروج , لماذا ينتابني هذا الألم العميق ? ولماذا تصرّ ذاكرتي على عرض مواقف فشلي منذ بداية حياتي إلى الآن ??
لمَ بدأت أحس بأني فئة المستضعفين في الأرض ?
إذا سلمت بذلك فأنا إذاً لم أكن يوماً إنساناً طيباً ولا مسالماً ولا متسامحاً , ولا معطاءً , بل أنا إنسان ضعيف وهش وأناني وسلبي ... نعم فشريط حياتي يقول ذلك , فمنذ أن تعودت أن أتحمل مسؤولية عقلي وتفكيري وتصرفاتي , قررت أن أكون متسامحاً لأقصى الحدود لكل من يسيء لذاتي , فكانت النتيجة أن ظلمني الآخرون , حرصت على عدم إغضابهم فتمادوا في استنزافي , تغاضيت عن حقوقي فسلبت مني , خجلت من إيذاء مشاعر غيري فآذيت مشاعري , منحت الآخرين قيمة أكبر من حجمهم فصغر حجمي أمامهم , فعلت ذلك ليرتاح ضميري , فزدته عناء .. كنت أنام يومي وأنا أحس أنني مظلوم , لكنني كنت في نظرهم الظالم .. معنى ذلك أن كل تلك المعاناة والضغوط التي عصرتني لم يكن لها مبرر .
أعترف أنني فشلت , كنت أتخيل أنني سأكسب الجميع ببساطة تعاملي وطيبتي .. كنت واهماً بأن عطائي وإن طال الأمد سيأتي عليه يوم ويثمر , فبالصبر سأجني الحصاد .. ولكني جنيت خيبة الأمل وتذكرت قانون الغاب الذي رفضته كل عمري : (( إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب )) .
رغم ذلك ما زلت على يقين بأني سوف أجتاز هذه المحنة .. رغم تمزق إرادتي , وما أصاب إنسانيتي من جروح .. ولا أتحدث كي أستدر عطفاً .. ولكنها حاجتي للبوح , ولأنسف ذلك الجبل المثقل على صدري .. ولأطلق صرخة صادقة إلى كل رجل ... وامرأة وأقول لهم : أحبوا بلا حدود , تسامحوا بلا حدود , أعطوا بلا حدود , ولكن تمسكوا بكامل حقوقكم , وبإنسانيتكم لأقصى حدود .