فالأمريكيون وحلفاؤهم في الشرق الأوسط كانوا قد قرروا أن يفعلوا مابوسعهم لمنع حماس من النجاح, وماالوضع في الأراضي المحتلة اليوم سوى تراكم هائل من الأخطاء السياسية والاستراتيجية منذ اتفاق أوسلو الذي تركنا في ريبة حول حقيقة ماتكنه اسرائيل إلى اتفاق مكة الأخير الذي يفتقر إلى إيضاحات كثيرة ولم ينجح في حل النزاع القائم بين فتح وحماس, أما الخطأ الذي ارتكبته الولايات المتحدة وأوروبا بحصارهما الاقتصادي للشعب الفلسطيني فهو خطأ فادح وألحقه الاسرائيليون يتجميد نقل الاعتمادات إلى السلطة الوطنية فلماذا تابعوا سياستهم هذه مع حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت في الشهور الأخيرة والتي كان من المفترض أن يتم التعاون معها بدلاً من المقاطعة?
هذا الحصار ولّد يأساً وأنتج عنفاً وراكم غضباً والوضع في الأراضي الفلسطينية الآن مقلق ومن الضروري جداً معالجته لحماية القضية الفلسطينية, حماس لابد وأنها أخطأت بسيطرتها على غزة أو أنها وقعت في فخ, فتح أيضاً ارتكبت خطأ كبيراً والأسوأ هو دعم اسرائيل والولايات المتحدة للسلطة وتدفق الأموال عليها والالحاح على ضرورة الحوار مع من يسمونهم الفلسطينيين المعتدلين علماً أن اسرائيل منذ اغتيال اسحاق رابين قررت حكوماتها المتعاقبة أن لاحوار مع الفلسطينيين لأنهم غير قادرين على صنع السلام, أربعون عاماً على الاحتلال اللاشرعي واسرائيل تتصرف على أن فلسطين تابعة لها تفرض عليها ماتريد (سلاماً) أو بالأحرى (حرباً) .
جدار تمييز عنصري طوله 680 كم أقيم ليفصل بين الفلسطينيين على أنهم إرهابيون والاسرائيليين على أنهم يمدون يدالسلام لجيرانهم, هذا الاحتلال خنق شعباً بأكمله وأغرقه في البؤس, 88% منه يعيش في مخيمات وأكثر من نصف الشعب عاطل عن العمل, مليون ونصف المليون يعيشون تحت خط الفقر, الاقتصاد الفلسطيني مشلول بسبب الحرب والمقاطعة الاقتصادية والسياسية للحكومة ,وتجميد الايرادات المالية.
لقد تحول الشعب الفلسطيني إلى سجين في أرضه بسماء مفتوحة, 48% من مساحة فلسطين محتلة منذ قرار التقسيم عام ,1947 ولم يبق من الأراضي الفلسطينية حالياً سوى 15% لقد تقلصت فلسطين كجلد الماعز, العدوان الاسرائيلي يتضاعف والمستوطنات تزداد, قطاع غزة هو أكثر المناطق المأهولة بالسكان في العالم 6000 نسمة/كم2 ومفروض عليه الاعتماد على المساعدات الانسانية لإطعام 1.1 مليون شخص من أصل 1.4 مليون, وضمن هذه الظروف المأساوية والإحباط القاتل لاتريد اسرائيل فهم امتداد حماس بل تستنكر آخر وسائل بقيت لدى الفلسطينيين وهي صرخة الظلم إلى العالم بل تعاقبهم كما لو أنهم هم من بدأ العنف, يجب أن يفهم العالم أن هذا العنف ليس طبيعة متلازمة مع العرب إنما هو رد فعل ضد عدو متغطرس يمتلك قوة عسكرية جبارة وخارج عن القانون الدولي , هو ليس عنفاً بل صراع من أجل البقاء واسرائيل هي المسؤولة عن كل مايحدث, كم اغتالت من الفلسطينيين وقادتهم واختطفت وزراء ونواباً علماً أن لاأحد من هؤلاء يهدد أمنها وإذا كانت المجموعة الدولية تقلق من وجود حماس فلماذا لم يثر استنكارها ظهور شخص مثل أفيغدور ليبرمان في حكومة اسرائيل الذي يقوم برنامجه السياسي على التطهير العرقي في الأراضي المحتلة? السؤال المهم هو معرفة الشريك الحقيقي للسلام مع اسرائيل, لقد أثبت مؤتمر قمة الرياض أن الوصول إلى السلام الشامل ممكن لكن اسرائيل لاتريد السلام فكم عملت الحكومة الاسرائيلية على تدمير السلطة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة.
إن التمزق الذي يعيشه الشعب الفلسطيني اليوم هو الأخطر منذ عام 1967 حيث استطاع عرفات أن يجنبه حرباً أهلية على مدى أربعين عاماً لكن الآن هناك خطر العودة إلى ماقبل 67 وبالتالي ألا تقام دولة فلسطينية مستقلة.
الجدير بالاسرائيليين أ ن يباشروا حواراً مع الفلسطينيين ويهدئوا الوضع في غزة, وأن يكون هناك استقرار في غزة فهذا يعني الاستقرار في اسرائيل, الأهم من ذلك بل الملح في الأمر أن تكون هناك صحوة بين الفلسطينيين وأن يستجيبوا جميعهم بمن فيهم فلسطينيو الشتات.