في منهجيـــــــة التعامــــــل مــــــع الواقــــــع المعقــــــد
دراسات الاثنين 18-11-2019 د. أحمد الحاج علي تتأكد باستمرار قواعد ومهام أساسية في كل ما يصدر عن الرئيس القائد بشار الأسد من تصريحات وأفكار، وهنا نلاحظ مباشرة أن هذا الفكر هو حالة منهجية بالمقام الأول
أي أنه ينطلق من الحقائق ويربط النتائج بمقدماتها وتتعمق في أصول هذا الفكر الحالة الوطنية السورية وهي تتشابك وتتوحد عضوياً مع كل ما تتطلع إليه الإنسانية المعذبة في هذه المرحلة ومن هنا نرى بأن المنظومة التي ينطلق منها الرئيس القائد تقوم على ثلاثية التحديد والتحليل ومن ثم الحل، والتجديد في إطار موضوعي يقوم على فرز المواقف ومتابعة انتماء هذه المواقف إلى جذورها والاستفادة من الوقائع والأحداث في الاستدلال على طبيعة الهدف الاستعماري، ذلك أن هذا الهدف بالأسلوب الذي يتبعه وبالآليات التي يطلقها إنما يقوم على تزوير الحقائق واختطاف العناوين الكبرى والادعاء كما هو الحال في الثقافة الأميركية بأن أميركا ساهمت في هزيمة النازية وهي التي أرست قواعد للعمل والتعامل بين كل الأمم، بينما الحقيقة تؤكد بأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف تكون أميركا على هذا الدور منذ الحرب العالمية الثانية وهي الآن في زمن الهياج والقتل والتدمير وتجاهل إرادة الشعوب وتبني النهب والسرقة ونشر صيغة الأتباع والعملاء وتغذية هذه المواد الإرهابية التي تعددت صيغها وتمددت في انتشارها ذهاباً وإياباً من أميركا وإليها.
إن التحديد بالعودة إليه هو منهج قائم بذاته وهو الذي يعطي المدى لما هو مبني على التمديد من مقومات وآفاق التحليل، وهنا وفي أعماق التحليل نرى أن كل ما هو شائع ومدرج إنما هو استكمال للتعمية والغش في هذا العالم والتحليل هو الذي يكشف ويكتشف، والاكتفاء بالمظاهر هو الذي يخدع وينتج الكوارث، والأصل في التحليل عبر صيغة المنهج الأميركي والغربي الصهيوني عموماً هو طرح المسارات الأساسية وفي مقدمتها ضبط الوقائع التاريخية ورفض مبدأ الادعاءات المدعمة إعلامياً وسياسياً وثقافياً في منحى تطور الحركة الاستعمارية ذاتها، لذلك بدأ العالم يصحو على أن هذه السياسات الاستعمارية هي امتداد للحالات التي عانى منها العالم منذ منتصف القرن العشرين، وكل الذي جرى هو إضافات بحكم طبيعة المرحلة الراهنة
واهتداء مشبوه ومشوه إلى ضرورة إدخال عوامل خطيرة في هذه الحرب على مواقع الثبات والحق والسلام في العالم، وأخطر ما في ذلك هو هذا الاختطاف للإسلام السمح، إسلام الوحدة والحضارة والخير والتكامل البشري، بحيث تحول في كثير من المشاهد كما نتابع إلى أسلحة مسمومة لا تُجيد سوى سفك الدم وقطع الرؤوس وانتهاك الأعراض ونهب ممتلكات الدولة والأفراد، إن التحليل المنهجي هو الذي يكشف عن هذه الحقائق المسمومة وهو الذي يكتشف الروابط العضوية ما بين عناصر الجريمة الاستعمارية الرجعية، ويلتحق بذلك وعبر التحليل ما أطلقه الرئيس بشار الأسد مؤكداً أن المشاريع الاستعمارية وفي كل مراحل التاريخ لا تنتصر ولا تدوم طويلاً، إلا على قدر ما يتوفر لها وفيها هذا السيل من العملاء ومن الأتباع ومن الأنظمة والحكام الذين يتمثلون الآن بجدارة في النظام السياسي العربي والذي بدأ يتحول إلى جوقة هائجة لإحياء مواكب وحفلات الجريمة الأميركية الراهنة، ولإطلاق موجات الشماتة والفرح في التعامل مع العدوان الصهيوني الخطير ونموذجه الآن ما حدث في دمشق وفي عزة ضد السكان الآمنين وفي الأماكن المكتظة وفي هجعة الهزيع الأخير من الليل، إنه نمط الأتباع والعملاء والذين يظنون في الوطن العربي أنهم بذلك يستحدثون إطاراً واقياً يضمن لهم وجودهم واستمرار هذا الوجود إلى آماد بعيدة وينسى هؤلاء أن تجارب التاريخ تؤكد بأن مهمة الأتباع والعملاء وعبر وجودهم تنتهي مع نهاية المشروع الخارجي وفي النهاية يتم الاستغناء عنهم ويلقون من النوافذ المتآكلة وكأنهم محارم ورقة استنفدت أغراضها ولا بد من التخلص منها ومن قذارتها وعندها أي عبر التحديد والتحليل المنهجي سوف يأتي الدور في ذات السياق لإرساء قواعد الحل على الثوابت من جهة وعلى اعتبارات المصير الموحد والتنبه إلى أن تضامن الشعوب هو المقدمة الكبرى لوقف زحف السموم والنار المشتعلة حول بلدان العالم، هذه بعض الملامح الأساسية في منهج الوعي بما يجري وما يراد لنا وأما الانحراف بعيداً نحو التجذيف والوهم فهو المادة القاتلة المضافة.
|