تعليقاً على هذه القواعد الحربية الثلاث حالياً, قد يضع من يقرؤها ملاحظة هامشية تقول: إن إقليمي إبخازيا وأوسيتيا الجنوبيين الجورجيين المتنازع عليهما حالياً, لم يعد هذان الإقليمان جزءاً من الإمبراطورية الروسية. لكن هذه الملاحظة لا تنفي حقيقة أنهما كانا بالأمس القريب جزءاً من روسيا. وسيبقيان كذلك غداً وإلى أبد الآبدين.
فالعديد من سكان الإقليمين يحملون جوازات سفر روسية, وإذا أردنا إضافة قاعدة رابعة إلى قواعد - مونتغمري - قد تكون هذه القاعدة هي التالي:« لا تسمحوا لأحد يخدعكم بغزو روسيا .
حيث إن المؤيدين لساكاشفيلي رئيس جورجيا يرون أن روسيا كانت على جاهزية مسبقة للتصعيد العسكري رداً على الاستفزازات الصادرة عن الهجمات التي شنتها تبليسي على متمردي أوسيتيا الجنوبية.
لكن صحيفة نيويورك تايمز, ذكرت أن مسؤولاً أمريكياً كبيراً قال: « كما يبدو لي فإن ما حصل من الجانب الروسي لم يكن مقصوداً, بدليل أن موسكو كانت تلعب دوراً بناء حتى الليلة السابقة لتصعيدها العسكري ضد جورجياب.
لكن دوافع هذه الحرب, كما تقول الأوساط الروسية, وما صحبها من خيانة مزعومة من جانب ساكاشفيلي لبلاده, فهي أن تشيني نائب الرئيس الأمريكي هو من شجع وحرض الرئيس الجورجي ساكاشفيلي على شن الحرب على أمل أن هذه الحرب تدعم حملة جون ماكين الانتخابية, لأنه لا يوجد أمل بفوزه بالمنصب الرئاسي, إذا لم تكن هناك حرب في أي جهة كانت.
وهذا هو بالضبط رأي مدير معهد الدراسات السياسية في موسكو- سرجي ماركوف - وهو رأي واسع الانتشار في روسيا وله منطقه, وإذا ما ثبتت صحته, يجب توجيه تهمة إساءة استغلال المنصب العام لديك تشيني.
والجدير بالذكر أن هناك من اقترح توجيه اتهام كهذا إلى تشيني من قبل بسبب استغلاله لمنصبه عدة مرات سابقاً.
ويجب أن تكون القاعدة الخامسة للحرب تحذيرية: كن حذراً من أن يخدعك أحد بأنك إذا غامرت بمهاجمة روسيا, فسوف تتحرك الولايات المتحدة أو حلف الناتو لمساعدتك, سواء أكانت هذه الخدعة صادرة عن المعاهد الأميركية المنادية بنشر الحرية والديمقراطية حول العالم, أم صادرة عن مؤسسات البحث العلمي التابعة للمحافظين الجدد - أو صادرة عن كبار كتاب الأعمدة الصحفية ومعلقي التلفزة الأمريكية.
وهنا نصل إلى قاعدة الحرب السادسة التي تتميز بقدر كبير من الواقعية السياسية, وصاحب هذه القاعدة هو - هنري كيسنجر- وزير الخارجية الأمريكية الأسبق والتي تقول: «إن الدول الكبرى لا تقدم على الانتحار العسكري السياسي من أجل حلفائها, هذه القاعدة تكتسب أهمية كبرى ولا سيما عندما تكون الدولة الحليفة صغيرة بحجم جورجيا, وتقول القاعدة السابعة: «لا تقدم ضمانات لا تستطيع الوفاء بها .
وكقارىء للتعليقات الواسعة التي كتبت عن هذه الحرب الأخيرة المهمة بالرغم من صغرها ومحدوديتها فإنني لم أجد إطلاقاً جواباً عن السؤال التالي:
لماذا يجب على جورجيا وأوكرانيا أن تنضما إلى حلف الناتو? فالمعروف والملاحظ أن كلاً من هاتين الدولتين لديهما حروب جاهزة, لايستطيع الناتو تحمل عبئها أو التصدي لها.
والمقصود بهذا أن كلاً منهما منقسمتان على نفسيهما عرقياً وثقافياً, وتاريخهما عبارة عن سلسلة طويلة من التناحر الداخلي وتكويناتهما المتشعبة.
يستمر هذا النزاع في جورجيا بين المجموعات الناطقة باللغة الروسية التي كانت تابعة لروسيا سابقاً ولا تزال ترغب في هذا الانتماء لها وتطمح الأغلبية الجورجية أن تلتحق بالغرب الأوروبي وترغب في الوقت نفسه بفرض هيمنتها على الأقليةالروسية.
وتكمن حرب مشابهة في أوكرانيا بين نصفها الأرثوذكسي والنصف الآخر الذي يتحدث الروسية, وكما هو حاصل في جورجيا, تحاول أوكرانيا الأرثوذكسية أن تستعين بالناتو لدعم مساعي همينتها على شقها الروسي, أخذ الناتو بنصائح المارشال - مونتغمري - آنفة الذكر جيداً, فيجب عليه الابتعاد عن هذه الحروب الكامنة في تلك الدولتين اللتين تطمحان لنيل عضويته وبعد الذي حدث في الآونة الأخيرة, يكون الناتو - محظوظاً إذا عمل لمنع كل من فرنسا وألمانيا انضمام جورجيا إلى عضويته في الوقت المتبقي من العام الجاري.