تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السلام والتوازن الاستراتيجي

شؤون سياسية
الأثنين 25/8/2008
نبيل فوزات نوفل

بإدراك عميق للتحديات التي تواجه أمتنا العربية وضع القائد الخالد حافظ الأسد نصب عينه تحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني باعتبار هذا التوازن الشرط الأساسي الذي لابد من تحقيقه للوصول إلى سلام عادل وشامل,

باعتباره الضمانة الوحيدة لمستقبل أجيالنا.ويعد هذا بمثابة تحول في التفكير الاستراتيجي يحتمه استيعاب الحقائق الجديدة التي طرأت في المنطقة, فالتوازن الاستراتيجي هو حرب بيننا وبين العدو الصهيوني لكنها حرب شاملة, تتناول الإنسان والاقتصاد والثقافة والقوى العسكرية والتقنية والتكنولوجيا وكل مظاهر الحياة.‏

إن السلام والتوازن أمران متلازمان وبقدر ما نسعى إلى التوازن, فنحن نسعى إلى السلام وهذه حقيقة تؤكدها وقائع التاريخ وقائع الماضي والحاضر في منطقتنا العربية وفي مناطق أخرى من العالم. ومن هنا كانت الرؤية الفذة بأنه في توجهنا نحو السلام نحن جادون, وقد أعلنا ذلك وكررناه, ونعلن ذلك ونكرره ولكن لم نعش أوهاماً في الحاضر أو المستقبل, فالسلام مع الإخلال بالتوازن موضوعياً يصعب تحقيقه.‏

وبالتالي فالتوازن الاستراتيجي ضرورة وطنية وقومية من أجل تحرير الأرض العربية المحتلة والمحافظة على الأمن القومي العربي وكان الأحرى بالدول العربية جميعاً أن تسعى وتعمل جاهدة لتنفيذه, إلا أن الأمر لم يتحقق مع الأسف ومن هنا عزمت سورية العربية والقوى المقاومة في الوطن العربي على النهوض بهذا العبء الثقيل وعملت سورية لتحقيق ذلك, بالسير على ثلاثة صعد بشكل تكاملي شمولي داخلياً وعربياً ودولياً.‏

فركزت على هدم الهوة المعرفية مع العدو, انطلاقاً من أنه على قدر المعرفة يسطع الضوء فنرى الهدف دون أن نخطىء رؤيته ونرى طريقنا إليه ونرى ماذا على الطريق وحولها من ورود وأشواك.‏

إلى جانب الاهتمام بالإنسان واعتباره غاية الحياة ومنطلقهاب وبناء جيش عقائدي قوي مسلح بالعلم والتقانة الحديثة, وحب الوطن. تجسيداً لرؤية القائد الخالد حافظ الأسد إنه في غياب القوة العسكرية والقادرة والتوازن الاستراتيجي يصبح الحديث عن الأهداف والمهام القومية والقضايا المصيرية حديث تطلعات ولا سيما أمام عدو عقيدته مبنية على أساطير وخرافات إرهاب وتوسع, وترافق ذلك مع ثروة في مجالات الحياة كافة - الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية لبناء اقتصاد قوي وكان السلاح الأمضى الذي استطاعت الحفاظ عليه وتعزيزه هوالوحدة الوطنية التي تعد نموذجاً عزَّ نظيره في العالم و في سبيل تعزيز التوازن الاستراتيجي, كان لابد لسورية من إنتهاج سياسة التضامن العربي, الذي يعد بمثابة حجر الأساس في تعزيز التوازن مع العدو, وبقدر ما يقوى التضامن الفعلي والحقيقي بمقدار ما يتعزز الأمن القومي العربي ويستطيع العرب تحقيق انتصارات وتقدم وإزدهار وبمقدار ما يتعثر, كان العدو يربح ويحقق انتصارات.‏

إذاً, فالعلاقة بين التضامن العربي والتوازن الاستراتيجي علاقة متبادلة, بمقدار ما يقوى التضامن يقوى ويتعزز التوازن الاستراتيجي والعكس صحيح.‏

وبالرغم من تعثر هذا التضامن أحياناً إلا أنه يبقى سلاحاً فعالاً وأساسياً في التوازن, وكان السلاح الفّعال الذي أثبت جدواه أيضاً المقاومة ونهج المقاومة, والذي كان لسورية دور أساسي في ولادتها وصلابة عودها, والتي أثبتت أنها عامل أساسي وهام في التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني, وأنها طريق السلام الصحيح, فقد عززت روح الصمود في النفس العربية ووقفت في وجه حملات التيئيس التي تشنها الدوائر المعادية للأمة العربية وما المقاومة الوطنية اللبنانية إلا درساً بليغاً حيث وجهت ضربة قوية للعدو الصهيوني ففي لبنان لم تتلق إسرائيل هزيمة سياسية وعسكرية فحسب, فهزيمتها أخذت طابعاً استراتيجياً أيضاً لأن دورها ممكن في قدرتها على تركيع الشعب العربي وبالتالي إجباره على القبول بالمخططات الامبريالية عامة والأميركية الصهيونية خاصة.‏

ولقد أعترف الكيان الصهيوني بهزيمته السياسية الاستراتيجية في لبنان وهذا ما أثبتته المقاومة عام 2000 وعام 2006 وهذا يثبت أنه كلما تعززت روح المقاومة عند العرب يفوت على الكيان العنصري الصهيوني بعداً استراتيجياً باكتسابه أرضاً جديدة, فالمقاومة اليوم هي أحد الأركان الأساسية للتوازن الاستراتيجي وهي الركن القوي والممكن تحقيقه في ظل غياب التضامن العربي الفعال لذلك, على القوى الوطنية والقومية, المحبة للسلام العادل والشامل أن تعزز ثقافة المقاومة وتطويق النزعات الاستسلامية والعمل على إجهاضها, وخاصة نزعات الانعزال والانقسام والتفتت, تلك الخبائث التي تعبث في جسد الأمة والتي تضعف التوازن الاستراتيجي وتقوي من العدو, والعمل على إحياء روح التضامن والعروبة بين أبناء الأمة والخلاص من حالات الحياد والتبرؤ من الصراع مع العدو والانفتاح على دول العالم وقواه المحبة للسلام من خلال امتلاكنا للسياسة الواقعية المبدئية.‏

إن الأمل بتحقيق التوازن الاستراتيجي ممكن وهو يكمن في:‏

1- امتلاكنا للقيادة الاستراتيجية المتمثلة اليوم بسيادة الرئيس بشار الأسد الذي يعتمد على الشعب ويتخذ منه مصدر قوته, وإيمانه بثوابت الأمة وعدم تفريطه بحق من حقوقها, وامتلاكه البراعة والحنكة في التعامل مع الأحداث. وحرصه على الوحدة الوطنية لأبناء الشعب, ويتجلى ذلك في دور السيد الرئيس في فهم المتغيرات في الحياة العربية والدولية الذي ينطلق من فهم مبدئي ومن رؤية علمية وواقعية ومنعكسات هذه الرؤية بدت واضحة على السياسة في القطر العربي السوري التي ابتعدت عن التجمد والانغلاق وجعلتها قادرة على التفاعل مع التطورات العالمية من دون أن تفقد ذاتها القومية ودوره في النضال الإنساني المعاصر انطلاقاً من فهمه لدور الشعوب وإيمانه بحتمية انتصارها, وتلاقي نضالها, وهو بذلك يكون قائداً استراتيجياً وركناً أساسياً في التوازن الاستراتيجي مع العدو.‏

2- امتلاك الشعب العظيم: فهذا الواقع الشعبي هو كنز هذا الوطن الثمين, هو كنز هذه الأمة, لأنه الدرع الذي لا أروع ولا أقوى, والذي تتمترس به ووراءه أهدافنا فهو الذي نحتمي به والسيف القاطع الذي نضرب به.‏

إن التوازن الاستراتيجي عملية تاريخية بارعة ومذهلة, مكنت سورية أن تهزم كل مؤامرات ومخططات الأعداء وأن تتساعد في نمو وصلابة المقاومة الوطنية اللبنانية, وكل المقاومات العربية, والتي هي أحد الأركان الأساسية لهذا التوازن, ويمكننا القول إنه بقدر سعينا إلى التوازن الاستراتيجي نسعى للسلام العادل والشامل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية