تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حرب القوقاز والانتهازية الإسرائيلية

شؤون سياسية
الأثنين 25/8/2008
د. محمد البطل

دأبت حكومة الكيان الصهيوني, بمكوناته الحزبية, الحكومية, منذ إنشائها بالتعاون مع الأوساط الصهيونية العالمية, في العمل على الاستفادة القصوى من مصاعب الدول الأخرى وأزماتها,

وصولاً إلى التدخل في الشؤون السيادية لما فيه مصلحة مشروع الدولة العبرية واستمراريته, وأكد هذا النهج الصهيوني طبيعته من جهة, وانتهازيته الفاقعة في التعامل مع الآخرين, وبضمنها مساهمته أحياناً في إحداث هذه المصاعب من جهة أخرى, فضلاً عن جاهزيته للقيام بأدوار رخيصة بغض النظر عن تداعيات هذه الأدوار وتبعاتها.‏

فقد استغلت (إسرائيل )انهيار المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا والمصاعب التي رافقت هذا الانهيار في استقدام عشرات الألوف من اليهود أولا,ً وفي تعزيز النفوذ الصهيوني في المؤسسات الحكومية الجديدة لهذه الدول وخاصة الاقتصادية والإعلامية ثانياً, كذلك فعلت مع جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق بعيد تفككه, وخاصة روسيا وعملت على استجلاب أكثرمن مليون ونصف المليون يهودي.‏

ورغم أن الأمثلة كثيرة بدءاً من أميركا اللاتينية (بعيد التحولات التقدمية في عدد من دولها) إلى إفريقيا وتهجير« اليهود الفالاشا» فإن المثال الأسطع تجلى مؤخراً في الحرب الجيورجية.‏

إذ عملت (إسرائيل) منذ سنوات على تعزيز علاقاتها مع نظام ميخائيل ساكاشفيلي بعيد نجاح ماسمي ب« ثورة الورود» وتلخص ذلك في تدريب الجيش الجيورجي ووحداته الخاصة, وفي تصدير الأسلحة المختلفة إلى جمهورية جيورجيا( طائرات استطلاع دون طيار, صواريخ متوسطة المدى, تحديث أسلحة الجيش الجيورجي.. الخ) وصولاً إلى إقامة وزراء وقادة عسكريين سابقين فيها:(الوزير روني ميلو, الجنرال إسرائيل زيف, الجنرال غال هيرش.. الخ).‏

وتقاطع هذالتغلغل الإسرائيلي في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة مع تعيين الرئيس ساكاشفيلي وزيرين يهوديين في حكومة بلاده: وزير الدفاع دافيد كيزراشفيلي عاش فترة طفولته في إسرائيل ووزير حل الصراعات تيمور يعقوب شفيلي (يتحدث العبرية بطلاقة) يتباهى بهما ساكاشفيلي ونظامه, وهذاماأكده في مؤتمره الصحفي بعيد أحداث 6 آب, مع المراسلين الإسرائيليين في العاصمة تبليسي.‏

ورغم امتعاض روسيا من تزايد النفوذ الصهيوني في مجالها السوفييتي السابق ومن ضمنه جيورجيا, فقد حاولت (إسرائيل) الحفاظ على علاقات أساسية مع روسيا, وعلاقات صداقة مع هذه الجمهوريات ومن ضمنها جيورجيا وتلخص ذلك في إيقاف صفقة 200 دبابة ميركافا (بسبب من ضغط روسي وخلاف بين وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيلتين) مع تأكيد تل أبيب على الاستمرار في بيع جيورجيا أسلحة دفاعية !! وهذا ما أكده إعلان إيهود باراك: ( ينبغي رؤية الأحداث بالمنظار الصائب والمفيد.. روسيا دولة هامة جداً إقليمياً ودولياً, ولدينا علاقات صداقة مع جيورجيا), في الوقت الذي أعلن فيه وزيرالدفاع الجيورجي كيزراشنيلي:(إن جيشنا قادر على هزيمة الجيش الروسي لأن أفراده تدربوا على يد ضباط إسرائيليين)!!.‏

وفي الوقت الذي ينظر فيه الإسرائيليون إلى جيورجيا بوصفها إحدى جمهوريات القفقاس المهمة, وتشكل معبراً بديلاً لشبكة أنابيب النفط السوفييتية سابقاً(الروسية حالياً) ومدخلاً إلى الجمهوريات السوفييتية الآسيوية السابقة, وهي كذلك ورقة ضاغطة في التعامل مع روسيا, فإنهم قد تعاملوا بحذر شديد مع حرب 6 آب بانتظار تبلور ملامح نتائجها الأولية, وتالياً عدم التسرع في إعلان التأييد العلني والمباشر(لساكاشفيلي) ونهجه(خوفاً على مستقبل العلاقة مع روسيا التي شجبت مراراً هذه العلاقة مع نظام ساكاشفيلي), برغم أن حجم التسليح الروسي والتدريبي للجيش الجيورجي كان واضحاً في الحرب الجيورجية, (دمر الجيش الروسي عدة مستودعات أسلحة إسرائيلية).‏

وتوجت القيادة الإسرائيلية انتهازيتها ( احتج ساكاشفيلي عليها, خلال لقائه المراسلين الإسرائيليين) بطلب وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من نظيرها الروسي سيرجي لافروف ضرورة الإبقاء على مطار تبليسي مفتوحاً لإفساح المجال أمام 250 يهودياً جيورجياً من الهجرة إلى إسرائيل!! ) يعد اليهود في جيورجيا بضعة آلاف).‏

(إسرائيل) الحذرة جداً بعد حرب تموز 2006 من القيام بأدوار وكيلة تعاملت مع الحرب الجيورجية رغم علاقاتها الوثيقة مع نظام ساكاشفيلي استناداً إلى المسائل التالية:‏

- عدم إزعاج روسيا خشية على مصالحها وعلاقاتها مع موسكو.‏

- انتظار جلاء المواقف الغربية المتباينة تجاه هذه الأزمة وخاصة الأوروبية- الأميركية.‏

- متابعة التطورات العسكرية وتالياً حدود الصمود لنظام ساكاشفيلي. - إبداء الأعذار لجيورجيا الساكاشفيلية, والتشديد على وحدة الأراضي الجيورجية ومواصلة التعاون العسكري« الدفاعي».‏

- الاستفادة من الحرب الجيورجية باستقدام يهود جيورجيين ما أمكنها ذلك.‏

باحث في الشؤون الدولية‏

batal-m@scs-net .org‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية