تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أطفال تحت التجربة...يزن : دخل بعملية فتاق...وخرج بإصابة المثانة-واختلاطات

تحقيقات
الأثنين 25/8/2008
تحقيق: ميساء الجردي

لم تقصر الدولة في تقديم الدعم لمستشفيات التعليم العالي بل أنفقت عليها المليارات من الليرات السورية,ومع ذلك لم تفلح هذه المشافي باقناع المرضى أنها جيدة.

قصص كثيرة سمعناها وأخرى شهدناها عن الاهمال والاستسهال وغياب الاشراف الطبي الصحي الذي يسري في مفاصل هذه المشافي التي تحول فيها المواطنون المرضى الى عينات للتجارب,ليكون صاحب حظ كبير من تكتب له الحياة من جديد.‏

ويحزننا أن تكون قصة هذا الطفل الذي عمره لم يتجاوز عامين وثلاثة شهور هي احدى القصص التي شهدناها مؤخراً في مشفى المواساة فقد دخل يزن الى غرفة العمليات لاجراء عملية (فتاق) وخرج منها بعد ثلاث ساعات الا ربعا بحالة سيئة ثم وصل حالة اسعافية الى مشفى الرازي.‏

على لسان الأهل‏

كيف جرت القصة المرضية وكيف وصل يزن الى شفا الموت لمجرد أن الطبيب الذي أجرى له العملية كان في حالة تعلم ولم يرد اظهار خطئه !‏

وعلى لسان الأب: أنه وبعد عرض الطفل على طبيبه أحمد خدام,أخذه الى عدد من الأطباء وأكدوا جميعهم أن الطفل لديه (فتاق) بسيط ومن الأفضل أن تجرى له هذه العملية فأرسلهم الطبيب (خدام) الى الدكتور عبد العزيز عبد الفتاح في مشفى المواساة.. والذي بدوره قام بفحص الطفل ثم مساعدتهم في القبول لاجراء العملية على أساس أنه هو من سيقوم باجراء العملية.‏

يقول الأب: كانت أول مشكلة واجهتنا في المشفى هي عدم ثبات موعد العملية والانتظار لمدة ثلاثة أيام في كل يوم يحظر علينا اطعام الطفل أو اعطاؤه الماء الى وقت الظهيرة ثم يقال لنا لا تؤاخذونا اجلت العملية الى يوم غد.‏

في اليوم الرابع أخيراً دخل يزن غرفة العمليات في الساعة 11,45 واعتقدنا أنه سيخرج بعد نصف ساعة كما قال الأطباء باعتبارها عملية سهلة إلا أن الطفل لم يخرج حتى الساعة الثانية والنصف ظهراً.‏

هل حقاً كان وضعه طبيعيا?‏

لم يشعرالأهل بخطورة ما حدث للطفل وانتظروا في المشفى مدة يومين لتخريجه بعد أن أصبح بامكانه (التبول واخراج الفضلات) اعطي خلال هذه الفترة العديد من الحقن وأربع تحاميل غلسرين والكثير من الأدوية حتى تمكن يزن من اخراج بعض الفضلات.‏

ومع أن حالته الصحية كانت تدل بأنه في وضع سيء,إلا أن الأطباء والممرضات الذين كشفوا عليه بعد العملية قالوا أن وضعه طبيعي ويمكن اخراجه من المشفى لكن وبنفس اليوم أعيد الطفل الي المشفى بحالة اسعافية في الساعة العاشرة مساء بعد أن اتصل الأهل بالدكتور عبد العزيز عبدالفتاح الذي يفترض أنه هو من قام بالعملية.‏

في قسم الاسعاف وعلى لسان الأب والأم: لم يأت الطبيب إلا بعد 45 دقيقة من الاتصال به,وكان رأيه أن الطفل يعاني من وذمة وهي حالة طبيعية بعد العمل الجراحي وبالتالي هو لا يحتاج لشيء.‏

هذا الكلام يناقض الحالة الصحية التي يبدو عليها الطفل فذهب الأهل الى عيادة الطبيب احمدالخدام الذي نصحهم باعادته الى قسم الاسعاف.. وبمساعدته أجري للطفل تحاليل دم وايكو بطن وتم استدعاء جميع جراحي البولية الذين كانوا أثناءها في المشفى وبعد مناقشات جانبية طويلة قال أحد الأطباء للأهل لا تخافوا كل ما في الأمر أنه يوجد سائل حر في البطن وسيتم اخراج السائل منه.‏

وسوف نحوله الى مشفى الأطفال .(الكلام للأهل أيضاً) في مشفى الأطفال طلبوا اعادة التحاليل نفسها التي اجريت له في المواساة قبل ساعات فقط,ثم فحصوه فحصاً شرجياً,فكان من الطبيعي ومن شدة الألم أن يصاب الطفل بحالة غيبوبة.‏

شعر الأهل أنهم سيفقدون طفلهم وبخاصة بعد أن نصحهم أحد أطباء مشفى الأطفال باخراجه ونقله الى مشفى أخر.‏

وصل الى الرازي بحالة سيئة‏

قبل أن نسأل عن الوضع الصحي للطفل حين وصوله الى مشفى الرازي وكيف تم انقاذه سألنا العديد من أطباء الجراحة البولية عن مدى صعوبة عملية (الفتاق) فأكدوا أنها عملية بسيطة وميسرة ولا تستغرق أكثر من نصف ساعة وتجرى للكبار والصغار عشرات المرات في اليوم!‏

الدكتور عبد اللطيف خلوف من مشفى الرازي والمشرف على حالة الطفل,وصفها لنا بأنها كانت خطرة جداً أثناء وصوله الى المشفى,وبعد أن أجري له التحاليل والصور ووضع بالعناية المشددة تبين في اليوم الثاني أن لديه (جفاف-سائل حر بالبطن- قصور كلوي-اضطرابات دماغية) وهو بحاجة لعملية اسعافية سريعة لانقاذه من هذه الاختلاطات!‏

التقارير‏

في التقرير الذي خرج من مشفى المواساة مع الطفل قيل أنه شوهدت كميات غزيرة من السائل الحر ضمن البطن وعلى الأغلب فضلات برازية,كما شوهد توسع في العرى المعدية بقياس حوالي 2,3 سم مع توذم شديد في الجدار المعدي.‏

وبحسب التقرير الذي جاء بعد العمل الاسعافي في مشفى الرازي وجدنا أنه اجري فتح بطن استقصاء وكان بداخله سائل بولي حر بكمية أكبر من 300-900 سم3 واعيد فتح الجرح وتبين وجود كيس الفتق كما هو مع وجود غرز عميقة تربط الحالب الأيسر مع غرز في المثانة بالاضافة لجسم أجنبي (شاش).‏

وفي الاستشارة البولية التي اجريت بعد ذلك: تحسن الحالة العامة والوضع بدأ يسير نحو الشفاء?‏

وطبعاً كل هذه التقارير تشير الى مسألة واحدة وهي الخطأ الطبي الذي تعرض له الطفل في العملية الأولى والذي كان سبباً في كل الأعراض السابقة .‏

ثم اكتشف ذلك مؤخراً في مشفى المواساة ولهذا تم تحويله الى مشفى الأطفال ولهذا أيضاً أخذه الأهل لانقاذه في مشفى الرازي.‏

وهي حقيقة أكدها أطباء مشفى الرازي والحالة الصحية للطفل والتقارير الموجودة والشاهد العيان (قطعة الشاش).‏

فتح البطن من جديد‏

الدكتور عبد اللطيف: العمل الجراحي الذي تم في مشفى المواساة فيه اصابة واضحة للمثانة وهذا يسمى اختلاطا جراحيا ,وبالتالي تسرب البول إلى البطن يخلق هذه المشكلة. ولم يكن أمامنا سوى اعادة فتح البطن لانقاذ المثانة والحالب,وكان وارداً جداً موت الطفل بسبب ذلك الاختلاط.‏

ولأننا لا نريد أن يظلم أحد في هذه المسألة سألنا الدكتور أحمد الجراح استاذ في الجراحة البولية والذي أجرى العملية الانقاذية للطفل عن مدى احتمال ورود هذا الخطأ الطبي ومدى خطورته? فقال: وصل الطفل إلى مشفى الرازي بحالة عامة سيئة,بعد عمل جراحي أجري له منذ ثلاثة أيام في مشفى المواساة وبعد التحليل والتصوير تبين أن لديه اختلاطا نتيجة عمل جراحي اصيبت به المثانة وهذه الاصابة ادت الى خروج البول من المثانة الى جوف البطن ولكن عندما أجرينا له العملية الثانية حيث وضعنا قثطرة في المثانة عبر الاحليل وأخرى عبر البطن تحسنت الحالة الصحية خلال 24 ساعة (المشرف في غرفة أخرى).‏

ثم أكد الجراح: أن ماحدث مع الطفل هو اختلاط نادر لكنه ممكن الحدوث أثناء التعلم ونحن طالما نقول أنه مشفى تعليمي فيمكن أن يحدث فيه اختلاطات وأخطاء كثيرة لأنه من لا يخطئ لايتعلم- فالدكتور الذي أجرى العملية للطفل (كما قيل لنا) هو طالب دراسات سنة رابعة.‏

وعن رأيه أيضاً قال: إن السبب هو عدم وجود المشرف على رأس الأطباء لانه يفترض ان يكون المشرف على رأس العملية طبياً وقانونياً وانسانياً وأغلب الأخطاء سببها أن المشرف في الغرفة الأخرى.‏

قطعة الشاش نسيها داخل البطن‏

ولدى سؤالنا له عن تفسير وجود الجسم الغريب (قطعة الشاش) في البطن قال: أثناء التشليخ بالفتق ممكن استعمال قطعة شاش صغيرة (تسمى زيتونة) واذا ارتبك الطبيب يمكن أن ينساها داخل الجرح,وارتباك الجراح ممكن أن يحدث اختلاطات وأخطاء طبية.‏

المكابرة على الخطأ‏

وبحسب الآراء المختلفة التي وردت في هذه المشكلة كان بامكان الدكتور الذي قام بالعملية انقاذ الطفل منذ البداية وهو عرف أنه اخطأ لكنه لم يشأ الاعتراف أو إظهار خطئه ربما لأسباب تعليمية متناسياً مصير الطفل وحياته والعذاب الكبير الذي قد يتعرض له هو وأهله من ألم وقلق وخوف... وحيث أن المهنة انسانية,فيجب التفكير بأرواح الناس قبل كل الحسابات الأخرى.‏

الطبيب المجهول‏

توجهنا الى مشفى المواساة وسألنا الدكتور عبد العزيز عبد الفتاح عن كيفية حدوث الخطأ الطبي (الاختلاط) باعتبار أنه هو من قام بالعملية.‏

لكنه أكد أن دوره انتهى بعد قبول الطفل في المشفى وأنه طالب دراسات وأثناء هذه العملية بالذات كان دوره في العيادات الخارجية ولكن الأهل وجدوني في الواجهة واعتقدوا أنني قمت بالعملية.‏

وحين سألناه عن الطبيب الذي أجرى العملية قال: أنه لا يعرفه وإننا يمكننا أخذ ذلك من سجلات المشفى واضبارة الطفل.‏

سألنا عن المشرف الدكتور عبد خير شمس الدين لمعرفة الطبيب الذي قام بالعملية وكيفية حدوث الاختلاط,إلا أننا لم نجده وكان من الطبيعي التوجه الى ادارة المشفى للسؤال عن هذه التفاصيل وكيف تعاملت الادارة مع هذا الخطأ?‏

وللأسف اعتذر مدير المشفى الدكتور سمير الغزاوي عن الكلام في هذا الموضوع الا بعد انتهاء اللجنة التي كلفها في التحقق من الخطأ الطبي.‏

إلا أنه ركز على موضوع أن المشفى تعليمي والخطأ الطبي وارد ثم اشار الى أنه لا يعرف تفاصيل حول هذه المسألة,ولكن السؤال يبقى قائماً كيف لادارة المشفى أن تكون آخر من يعلم.‏

قطط ورشاوي‏

الخطأ الطبي مسألة تدفع الى البحث والتدقيق اذا كانت ضمن واقع صحي يحمل الكثير من الاهمال لأبسط متطلبات العلاج ألا وهي النظافة والمعاملة الحسنة,ومما أكدته لنا والدة الطفل أثناء حديثها عن العذاب والألم الذي رافقها طوال فترة وجودها في مشفى المواساة.‏

أنها في البداية لم تهتم لمسألة النظافة في الغرفة والحمامات وكان همها هو شفاء طفلها,فحاولت أن تتجاهل القطط الاربع التي تدور في الغرفة ثم تخرجها بالقوة لتعود مرة ثانية وهكذا كما سهرت ثلاث ليال وهي تحرس طفلها من البرغش, وتحملت صراخ وعصبية الممرضات ومعاملتهن السيئة كلما اضطرت لاستشارتهن بمسألة طرأت على الطفل أو حول وضعية السيروم..الخ.‏

أما الرشوة فكان لها قصة أخرى فالحرس وبعض العاملات لا يقومون بواجبهم دون البخشيش فكانت كلما ذهبت الأم لشراء علبة دواء أو حاجة ما من خارج المشفى تدفع 100 ل. س لتعود الى طفلها داخل المشفى.‏

فهل هذه المشاهد يمكن أن تنسبها ادارة المشفى للخطأ الطبي أيضاً!‏

تعليقات الزوار

DR.IBRAHIM |  ibrahim0002@hotmail.com | 25/08/2008 20:42

تحياتي لكم يجب التفريق بين الاختلاط الطبي والاهمال الطبي وهذا تقرره لجنة التحقيق في المشفى ولكن نرجو من المشرفين والاساتذة الاطباء الاشراف على الطلاب حتى ولو كانوا سنة رابعة او خامسة الاختلاطات الجراحية موجودة في كل العالم واكثرها في بريطانيا وامريكا ونصيحتي للطبيب الذي اجرى العملية ان يجتهد اكثر في التعلم وليس عيبا ان يطلب المساعدة من زملاءه ولو كانو ا ادنى منه في الدرجة وفي الجراحة لايوجد كبير وان الاستهانة بالعمليات البسيطة قد ينتج عنه مشاكل كبيرة فالحذر الحذر اخوتي الجراحين وشكرا لكم

ابو الزلف |    | 25/08/2008 22:08

الخط الاعوج من الثور الكبير والله يخلي الصحافة يلي عم تهتم بهل مواضيع ولازم من الوزارة تراقب المشافي كلها وخصوصا مشفى الاطفال

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية