أما الإنسان المسكين فهو الفقير الذي وصفنا, ولكنه لايشكو ولايحتج ولايتذمر بل إنه يجد الأمور حسنة وجيدة دائماً, ليس لزيادة في الإيمان أو لضعف فيه, ولا لنضج في القناعة أو لضعف فيها, إنما هذه طبيعته وهذه صفته, ولهذا حض الإسلام على إطعام المسكين لأنه لايطلب ولايقبل ولايأخذ, لاالصدقة ولاالحسنة ولاالزكاة.
بل أكثر من ذلك فهو سعيد ومسرور دائماً, مهما تدهورت به الأيام وعزلته الحياة وهو شكور في كل الظروف, لدرجة أنه إذا ألقى التحية على البقال كمثال, أجابه البقال بمثلها فإنه يشعر بالسعادة, بل إنه ينقلها إلى زوجته بفرح وفخر,إن البقال فلان قد رحب بي وقال لي: أهلاً وسهلاً يا أبا فلان! ولقد خلق الله المسكين لتتكامل الحياة فنعرف ونتعلم, فهو لايستطيع أن يكره أحداً, بل لايستطيع أن يكره أصلاً.
وهو يستغرب منك فعلتك إذا أسأت إليه ويظل يلاحقك, فقط لكي يقنعك بأنه لم يسئ إليك, وأنك مخطئ بحقه, ثم لاينسى أن يشكرك.
وإذا شعر أنه يمارس غشاً في عمله أو حياته فإنه يصاب بالذعر فوراً, لأنه لايستطيع أن يحتمل الخطأ أو الغش أو الكذب لافي حياته ولافي عمله.
ومن المؤسف الذي تدمى له القلوب أنه من السهل أن تستغله أو تنتصر عليه في أي حالة اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية, وهو يكتفي بأن يلاحقك فقط لكي يقنعك بأنك مخطئ في حقه, وإذا كان المسكين إمرأة فقد نشتمها ونحتقرها لأنها لاتقول لا..بل إنها تحب دائماً أن تقول نعم.
وهنا تأتي النصيحة, فإذا كانت لديك مشكلة معه أو قضية وانتصرت عليه, وهذا يحدث عادة بسهولة, فأنت قد خسرت ولم تكسب ,فأغلى الناس هم الأقربون, فكيف إذا خسرت أمامهم كل ما تملك من الكرامة والعدالة والسمعة الحسنة.
لقد خلق الله المسكين لكي تسلمه النصر عليك بيدك, لا أن تنتصر عليه!.