تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العقول النيِّرة تصون ثرى الوطن.. وعزته.. وكرامته

مجتمع
الخميس 30-6-2011
أنيسة أبو غليون

حب الوطن والالتصاق به والإحساس بالانتماء إليه شعور فطري غريزي يعم الكائنات الحية ، فكما أن الإنسان يحب وطنه ويألف العيش فيه ويحن إليه متى بعد عنه ولأن

حب الإنسان لوطنه فطرة مزروعة فيه فإنه ليس من الضروري أن يكون الوطن جنة مفعمة بالجمال الطبيعي تتشابك فيه الأشجار وتمتد على أرضه المساحات الخضراء، وتتفجر في‏‏

جنباته ينابيع الماء، كي يحبه أبناؤه ويتشبثوا به، فقد يكون الوطن مغايراً لذلك.. فيظل في عيون أبنائه حبيباً وعزيزاً وغالياً.‏‏

وكيف إذا اجتمعت كل الصفات في وطننا سورية العزة والكرامة والأصالة والإباء.‏‏

الوطن وحقيقة حب أبنائه‏‏

هل الوطن يعرف حقاً أنه حبيب وعزيز وغال على أهله؟ إن الحب لأي أحد أو لأي شيء لا يكفي فيه أن يكون مكنوناً داخل الصدر ولابد من الإفصاح عنه ليس بالعبارات وحدها‏‏

وإنما بالعمل وبالفعل وذلك كي يعرف المحبوب مكانته ومقدار الحب المكنون له والوطن لا يختلف في هذا الوطن يحتاج إلى سلوك عملي من أبنائه يبرهن على حبهم له وتشبثهم به..‏‏

وإذا كان حب الوطن فطرة فإن التعبير عنه اكتساب وتعلم ومهارة فهل قدمنا لأطفالنا من المعارف ما ينمي عندهم القدرة على الإفصاح عملياً عن حبهم لوطنهم؟‏‏

حب الوطن يطغى على الإنسان بكل مشاعره وأحاسيسه لأن وطنه هو دنياه ورمز سعادته وهناه، وعزته ومبلغ مناه، وهذا ما أكده ابن الرومي بقوله:‏‏

حب أوطان الرجال إليهم‏‏

مآرب قضاها الشباب هنالك‏‏

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم‏‏

عهود الصبا فيها فحنوا لذلك‏‏

حب الوطن فطري جبل الإنسان عليه‏‏

الشعور بالحب نحو الوطن والشوق إليه ليس وقفاً على أرباب العواطف والشعراء.. بل إن جبابرة التاريخ أحسوا بذلك وخير دليل على ذلك قول نابليون بونابرت في منفاه وهو‏‏

على سرير الموت:‏‏

خذوا قلبي ليدفن في فرنسا لذلك كلما ابتعد الإنسان عن وطنه ضاقت به الأرض بما رحبت فيزداد حنينه وشوقه لوطنه يقول أحدهم:‏‏

أخت العروبة هيئي كفني‏‏

أنا عائد لأموت في وطني‏‏

فلاشك أن حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل الإنسان عليها فليس غريباً أبداً أن يحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه وفي كنفه، وشب على ثراه، وترعرع بين جنباته كما‏‏

أنه ليس غريباً أن يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يغادره إلى مكان آخر فما ذلك إلا دليل على قوة الارتباط وصدق الانتماء، ومنذ نعومة أظفارنا ونحن نحفظ ونردد‏‏

كل أناشيد الوطن.. وكان الحديث عن حب الوطن حديثاً نردده مع كل معلم.. كانت علاقتنا بالوطن في طفولتنا نشيداً وأهازيج وفرحاً ومرحاً واحتفالات.. وهذه الصورة الجميلة‏‏

مازالت مطبوعة في مخيلتنا وستظل على مر العصور.. وكم نتمنى أن تنقل ويشعر بها بناة المستقبل دون تزييف أو تشويه.‏‏

إن الذين يرفضون أن يريقوا ماء وجوههم من أجل مصلحة عابرة فلا يؤذون أحداً ولا يزايدون على أحد لاباسم الوطن ولاباسم الدين..! فكيف إذا أرادوا إراقة دماء أطفالهم‏‏

بوضعهم في المقدمة بمخالفة القوانين لتخرج السادية من نفوسهم لتنهش لحم الوطن باسمهم.. وهم لا علاقة لهم بكل هذا العبث! فهم قد غالطوا الفطرة في حب الوطن واقتلعوا‏‏

الغرسة من جذورها وقدموا أطفالهم قرابين من أجل حفنة من الأموال فكانوا ضريبة لجشعهم وتفكيرهم البدائي البعيد كل البعد عن المعتقدات الإنسانية ففقدوا بذلك إنسانيتهم‏‏

وكرامتهم بخيانتهم للحضن الدافئ الذي احتضنهم في وجه العواصف العاتية.. وفي المقابل نجد أن كثيراً من الأمهات وعلى امتداد وطننا الغالي سورية استطعن أن يرضعن أطفالهن‏‏

المعنى الحقيقي لحب الوطن والوفاء له.. وكيف يتحول الوطن إلى قصة حب؟ بمباركة الآباء طبعاً لأن تربية الأبناء مسؤولية الوالدين وصلاحهم يرجع ويعود للتربية السليمة.. لذلك‏‏

نتوجه إلى كل مخلص على امتداد وطننا الحبيب إلى الأم التي تكدح من أجل لقمة شريفة وإلى الأب الذي يكدح ويتعب من أجل مستقبل أطفاله ولكل من يؤدي عمله بصمت‏‏

لاخوفاً من نار أحد ولا طمعاً في جنة أحد سوى ضميره ومحبته للناس وإخلاصه لوطنه.. إلى هؤلاء نقول: إنكم ذهب مكنون في الأرض إنكم أجمل ما فينا وأعظم ما فينا إنكم وسام‏‏

على صدر الوطن .. هي دعوة صادقة للصمود في وجه التحديات.. وللبقاء في مواقعكم أنقياء تؤدون واجبكم بكل إنسانية وتفوق .. لأنكم ميناء سفينتنا حين يتنازعها الريح‏‏

والموج.. أنتم السد الذي يحفظ من الغرق ويمنع الجراد الأصفر من أن تأكل الزرع ويجف الضرع.. إحساسنا بوطننا بأنه أغلى ما نملك يجعلنا باقين.. وعلينا ألا ننساق وراء من‏‏

يغرسون الفتن لأنه خط أحمر.. لذلك وجب علينا أن نمجد الأرض التي نرى فيها حاضرنا ونستطيع أن نطل من خلالها على مستقبلنا.. لأنها الأرض التي ليس لها بديل.. لأن الحب‏‏

الحقيقي هو ألا تجد شبيهاً ولابديلاً لها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية