والمسؤولون عن قتل المدنيين الأبرياء من أطفال وأمهات وشيوخ ويخشى مجلس الأمن المهيمن عليه من قبل واشنطن،أن تقول لجنة تقصي الحقائق عما يرتكبه حلف الأطلسي من جرائم تعتبر بجميع المقاييس الدولية ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني«عمليات إبادة جماعية» وجرائم ضد الإنسانية خلافاً لما تدعيه، بأنها تقوم بالقصف لحماية المدنيين.
والمسؤولون الأميركيون يفضحون أنفسهم دون خجل،فالجنرال كارتر هام وهو أعلى مسؤول عسكري أميركي في افريقيا قال علناً: إن القذافي قد يسقط سريعاً وستكون قوات برية ضرورية سريعة لحفظ النظام في ليبيا وكأن إدارته الأميركية أوحلفه الأطلسي حريص على حفظ الأمن والنظام في ليبيا أو غيرها بينما الحقيقة من وراء هذا التصريح هوحرص الولايات المتحدة أن تكون في مقدمة المحتلين لهذا البلد العربي تماماً كما فعلت في العراق وأفغانستان،فجل ماتحرص عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو الهيمنة على ليبيا وتوزيع غنائمها على المحتلين الغربيين واستعادة نفقات الحرب التي سيترتب على الحكومة القادمة في حال سقوط القذافي تسديدها رغماً عنها على حساب الشعب الليبي .
ومنذ أن دخل حلف الأطلسي في الشأن الليبي، بناء على قرار من مجلس الأمن وتوصية مؤسفة من أكثرية أعضاء الجامعة العربية أصبح كل من دعا لتدخل الأطلسي مشاركاً في هذه الجريمة البشعة بحق الشعب الليبي، وبحق الشعوب العربية والأفريقية وشعوب العالم.
وهذه الجريمة مزدوجة تطال مصير الشعب الليبي،وتتيح لغزاة العصر الغربيين نهب ثروات وخيرات الشعب الليبي وآخر مايفكر به هؤلاء المستعمرون إنقاذ هذا الشعب أوذاك.
ومن غير الممكن تفسير الخلافات الناشئة اليوم بين دول الأطلسي تجاه الوضع الليبي، ومسألة انسحاب إيطاليا من المشاركة في عمليات الأطلسي إلا خلافات حول تقاسم الحصص مستقبلاً من الكعكة الليبية المتمثلة بثروته النفطيةواحتياطاته من الغاز الطبيعي وربما بما يمتلكه من يورانيوم في بعض مناطقه فكل دولة أطلسية تطالب ومنذ اليوم بأن تكون حصتها متناسبة مع حجم مشاركتها في الحملة العسكرية، وكانت الحكومات الغربية وأميركا قد خططت لإعادة الترتيبات وإعادة بناء وتطوير الموارد النفطية في ليبيا من أجل إرسال المقاولين الغربيين تماماً كما حدث في العراق ومما يقلق الولايات المتحدة وغيرها كيفية استرداد ماأنفقته كدولة على عملياتها العسكرية، وكذلك جني أكبر قدر من الأرباح من خلال نهب الثروات الليبية، فأميركا التي لم تستطع توسيع مشاركتها في غزو ليبيا بسبب مشاركتها بحربين كبيرين في العراق وأفغانستان وتكبدها خسائر فادحة في هاتين الحربين تأمل بأن تساعد ثروات ليبيا على حل أزمتها الماليةوالاقتصادية العميقة، لاسيما وأن عجز ميزانيتها العامة بلغت نحو 15 مليار دولار إذا أضفنا ماأنفقته في ليبيا حتى الآن والبالغ 716 مليون دولار، وقد يصل إلى 1،1 مليار دولار في منتصف أيلول القادم، وفرنسا بدأت تشكو من طول أمد العمليات العسكرية في ليبيا وكلفتها الباهظة على الخزينة الفرنسية ونشرت الصحافة الفرنسية تقارير تؤكدأن التكلفة اليومية للقوات الفرنسية في ليبيا تبلغ مليوني يورو.
وتأمل فرنسا من خلال حماسها واندفاعها في الحرب الليبية أن تعوض خسائرها واقتطاع حصة كبيرة من عقود النفط والغاز الليبي لتحقيق أرباح هائلة لصالح شركاتها الاحتكارية الامبريالية ولديها أحلام بالتحكم بموارد الغاز الطبيعي في مجموع دول شمال أفريقيا وجزء من النفط.
وفي العاصمة البريطانية لندن يسود اعتقاد بأن إطالة أمد العمليات العسكرية سيؤثر على قدرات قواتها المسلحة خاصة في ظل سياسة التقشف المرهقة للشعب البريطاني والتي تعتمدها الحكومة للحد من عجز الموازنة.
وحسب صحيفة الغارديان فإن بريطانيا أنفقت 100 مليون جنيه استرليني 163 مليون دولار على عملياتها العسكرية في ليبيا حتى الآن.
بالطبع إن هذه التكاليف لن تتحملها لاأميركا ولادول حلف الأطلسي بل ستكون بمثابة ديون مستحقة ومسبقة على الليبيين أنفسهم وعليهم تسديدها لاحقاً .
وثمة من يؤكد أن تكاليف الحرب ستصل إلى مليارات الدولارات ما سيضع المحتجين حتى لونجحوا في بسط سلطتهم على ليبيا أمام وضع معقد يجعلهم مرغمين على ارتهان أنفسهم والدولة الليبية للدول الغربية في سياستهم الداخلية والخارجية .
ومن المتوقع أن تتوضح التكلفة الحقيقية للحرب على ليبيا خلال الفترة القريبة القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الدول الاستعمارية التي تطيل أمد الحرب قصداً هدفها زيادة فاتورتها التي ستحصلها لاحقاً من المعارضة، وتكون عادة أضعاف مادفعته فعلاً.
والمثال العراقي واضح بهذا الشأن فالدول الاستعماريةعندما تنوي غزو بلدما تقدر سلفاً إمكانياته وثرواته الطبيعية أوموقعه الاستراتيجي الذي يقربها من موطن هذه الثروات، فالجشع ونهب خيرات الشعوب هو المحرك الرئيسي لسياسة الشعوب من خيراتها وثرواتها مايعيق ولوجها طريق التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي تكون محرومة من قاعدة متينة لسياستها الوطنيةالمستقلة.
فالنهب الاستعماري للبلدان النامية ينسف طموحات الشعوب نحو الحرية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي وهذا هو الهدف النهائي لبرابرة العصر الإمبرياليين الغربيين.