ألم يفهم الغرب الاستعماري أن أزمة الاستعمار والانتداب والوصاية انتهت، وأن سورية انتهجت طريقها الوطني المقاوم ولم تتراجع عنه أبداً، وأن قرارها وشرعية قرارها يقرره الشعب السوري ولا أحد غيره؟؟!
إن تلك السياسات العدوانية تجعل السوريين أكثر تفتحاً ووعياً لما يجري وأكثر تمسكاً بنهجهم القومي، وأكثر التفافاً حول قيادة الرئيس بشار الأسد... و تفتح زمناً آخر من المقاومة والتماسك والصلابة والممانعة، يضاف إلى أزمنة سورية الألقة.
للشعب السوري وحده الحق في هذا العالم كله أن يقرر شرعية أو عدم شرعية أي أمر في بلادنا، فهو شعب واع، لا يحتاج إلى وصاية، ولا إلى من يقرر عنه، ويرفض تطاول أحد في هذا العالم بقول أو فعل على أمر يخص رموز الوطن واستقلاله ووحدته وكرامته، وعلى أصحاب النزعات الاستعمارية والعنصرية والاستعلائية والعدائية التوقف عن ممارساتهم، لأن أزمنة الوصاية والانتداب انتهت، وعلى «آلان جوبيه» أن يفتح ذاكرة التاريخ الفرنسي المتعلق بسورية ليعرف أن الشعب السوري طرد جيوش فرنسا عن أرضنا المقدسة بالمقاومة، ولن يقبل عودة فرنسا والغرب الاستعماري في أي شكل كانت هذه العودة.
على جوبيه وكلنتون وأوباما وكل«المتنطحين» بزج قرونهم وألسنتهم في الشأن السوري أن يدركوا أن الشعب السوري يزداد التفافاً حول قيادته كلما ازدادت الضغوط على هذه القيادة، وهذه سمة مهمة أفشلت رهانات أعداء سورية دائماً، والأمثلة كثيرة على ذلك عبر التاريخ، أقربها إلى الذاكرة اليوم موقف الشعب السوري من التهديدات الأميركية لسورية بعد دخول القوات الأميركية لبغداد عام 2003،حيث التف الشعب السوري حول القيادة بشكل غير مسبوق لأن هذه القيادة رفضت الاحتلال الأميركي للعراق ورفضت إملاءات أميركا على سورية، وحدث الأمر نفسه بعد القرار 1559، وبعد اغتيال الحريري عام 2005 وبعد عدوان إسرائيل على لبنان عام 2006 وكلها محطات مفصلية مهمة.
إن سورية لا تمتلك قيادة استثنائية وحسب بل تمتلك شعباً استثنائياً له خصوصيته القومية والوطنية، وقد أكد ويؤكد استثنائية وعيه ومواقفه وهويته وتاريخه وعروبته وعلاقته بقيادته بمجمل القضايا التي تهم سورية وهذه الاستثنائية في الوعي والانتماء والمواقف والقرار كانت وراء وصول الرئيس بشار الأسد إلى السلطة.
الرئيس بشار الأسد جاء للسلطة في عام 2000 بقرار شعبي سبق أي قرار رسمي، فالجماهير التي نزلت إلى الشوارع في كل المدن السورية وفي الأرياف تطالب بالدكتور بشار الأسد رئيساً، فقدمت نموذجاً جديداً في ديمقراطية القرار وشرعيته، فكان الناتج الجماهيري ترشيح الدكتور بشار الأسد رئيساً وقائداً.
الرئيس بشار الأسد دُفع من جماهير سورية ليكون رئيساً،وهذه حقيقة، صحيح أن احترام وحب الجماهير للرئيس حافظ الأسد كان له دور في خلق قناعة الجماهير بالرئيس بشار الأسد، ولكنه قبل أن يكون رئيساً كان يعيش بين الناس، عرفهم وعرفوه، عرف ظروف حياتهم وطريقة تفكيرهم وخبر خصوصيتهم الوطنية والقومية، وبدورهم عرفوه وخبروه، وعرفوا خصوصيته القومية والوطنية وقدراته القيادية، فاكتسب ثقتهم وقناعاتهم، وتأكد لهم أنه المؤهل لقيادة سورية في مواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية وأنه المؤتمن على سورية قلعة للعروبة.
السوريون يعرفون اليوم لماذا هذه الحرب على الرئيس بشار الأسد، ويعرفون لماذا استنفار طاقات إعلامية هي الأكبر والأقوى عدداً في تاريخ الحروب الإعلامية كلها على أي بلد في العالم، وانطلاقاً من إدراك السوريين لأهداف هذه الحروب الإعلامية القذرة في وسائلها وأهدافها ومنابرها رفضوها، ولم تستطع تلك الوسائل الإعلامية العاهرة التضليلية أن تخترق أدمغتهم، أو أن تمس بسوء علاقتهم بوطنهم وقيادتهم، وإذا كانت ثمة عناصر مخربة في الوطن استجابت وانتظمت في المؤامرة لكنها لم تنجح بالتمدد داخل المجتمع السوري بالرغم من كل وسائل الدعم المالية والإعلامية والعسكرية لها، وهي الآن في انحسار حقيقي، فالشعب قبل الجيش حكم عليهم بالخيانة وطالب باجتثاثهم، وفضح أعمالهم الإجرامية التي لا تصب إلا في خدمة العدو الصهيوني وأميركا.
شرعية الرئيس بشار الأسد لا يقررها الخونة، ولا تقررها أميركا وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا ولا أي قوة في هذا العالم، شرعية الرئيس يقررها الشعب الذي جاء بالرئيس إلى السلطة.
إن مثل تلك التصريحات العدوانية المتعلقة بشرعية الرئيس، مست بالألم والإهانة كرامة شعب سورية الذي نهض في كل المدن السورية ليعلن رفضه التدخل القذر بشؤون دولة ذات سيادة، وذات شعب عمره في التاريخ الحضاري أكثر من سبعة آلاف سنة.
الجماهير السورية اليوم في كل مدينة وقرية تؤكد وتجدد وتمتن ارتباطها وفق مرتكزات وطنية وقومية أنها مع برنامج الإصلاح كما قدمه الرئيس وأنها ترفض أي شكل من أشكال العدوان والتطاول على سورية وقائدها، وأن ما يجري لن يزيد الشعب السوري إلا صلابة وتمسكاً بالرئيس بشار الأسد رئيساً وقائداً.