ستلغى بموجبه كل العقود المبرمة,وكذلك لن تتمكن شركات التأمين الأوروبية من تغطية عمليات شحن النفط .
إيران اعتبرت الخطوات الغربية بمثابة إعلان حرب اقتصادية ونفسية مباشرة على الشعب الإيراني, وأكدت طهران استعدادها لمواجهة هذا العمل الاستفزازي ولو تطلب ذلك إغلاق مضيق هرمز , ورأت طهران أن العقوبات المفروضة عليها إنما هي سياسية و بسبب برنامجها النووي السلمي وبتحريض من واشنطن و تل أبيب.
تشكل العقوبات والحظر المفروضان على إيران فضيحة للغرب لأن ذلك تهديد لأمن الطاقة ما سيؤدي إلى إرباك سوق الطاقة العالمي,والمتضرر الأول من ذلك هو الغرب ذاته, فأسعار النفط سترتفع حتماً إذا ما أغلقت إيران مضيق هرمز, وهذا سيحمل المواطن الأوروبي أعباءً كثيرةً.
المحللون يرون أن الحظر لن يستمر طويلاً,بسبب تراجع الغرب وإعفائه عدداً من البلاد من الالتزام بالعقوبات مثل الصين وسنغافورة والهند وكذلك كوريا واليابان وسويسرا التي أبدت اعترضاً على قرار الحظر الأحادي الجانب. ومن المعلوم أن تعاملات إيران النفطية مع أوروبا ليست كبيرة (20% من الصادرات النفطية) أي 000 600 برميل يومياً ,والقرار سيلحق الضرر بعدد من الدول المستوردة مثل ايطاليا 185000 برميل واسبانيا 161000 واليونان 103000 وفرنسا 58000, بينما تستورد الأسواق الآسيوية 65% من صادرات النفط الإيراني.
لقد استطاعت كل من الصين واليابان والهند ,المستوردون الأساسيون الثلاثة للنفط الإيراني, الالتفاف على قرار الحظر بل وتطوير التبادل التجاري مع إيران وبالنتيجة فإن الضحايا الفعليين للحظر هي الشركات الأوروبية التي يتوجب عليها منذ الآن فصاعداً البحث عن أسواق أخرى لمنتجاتها وخاصة في هذه الظروف التي يعاني فيها الاقتصاد الأوروبي من أزمة خانقة.
إن السياسة الغربية العقابية تتصف بأنها دبلوماسية غبية لأن أثارها الكارثية ستنعكس على المواطن الأوربي والأمريكي نفسه ,ما سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد تحت ضغط تفشي البطالة وتطبيق سياسات التقشف الصارمة,إضافة لإفلاس العديد من المصارف وفقدان الكثيرين لوظائفهم, وفعلاً ها هي شركات التأمين الغربية بدأت تعاني شيئاً فشيئاً من فقدان عملائها ,لأن دولاً كالصين واليابان بما تمتلكان من وسائل بديلة, قادرتان على تغطية عمليات التأمين ( سندات احتياطات الذهب من احتياطي الخزانة الأمريكية ).
الصين مثلاً,أكبر المستوردين للنفط الإيراني,اقترحت على طهران وضع ناقلاتها تحت الاستخدام ,أما اليابان ,فليس لدى الحكومة أي مشكلات بخصوص التأمينات على واردات النفط,حيث صوَت البرلمان الياباني على تخصيص 7.6 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية لكل ناقلة نفط ترسو في موانئها .
وفيما يتعلق بالهند ,المستورد الثاني للنفط الإيراني ,فمنذ العام 2010 وشركات النفط والمصافي الهندية تتعامل مع مصرف Halk Bank التركي لتمويل صفقاتها النفطية (أكثر من 10 مليار دولار),وكذلك لجأت الهند وبالاتفاق مع طهران إلى استخدام العملة الهندية الروبية لتمويل 45% من وارداتها من الخام الإيراني مع وجود تسهيلات وإعفاءات من الضرائب,وذلك كإجراء احترازي لتجنب أي إشكالات في حال رضوخ أنقرة لضغوط الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي كي تكون شريكاً بالحظر.
هذه التسهيلات من جانب إيران دفعت الهند للسعي لتطوير وتنمية التبادل التجاري بينهما بشكل عام وخاصة في ظل فتح السوق الإيرانية (80 مليون نسمة ) أمام المنتجات الهندية والممولة والمدفوعة بالروبية أيضاً ,وبناءً على ذلك تصدِر الهند إلى إيران ما قيمته 2.7 مليار دولار بينما تبلغ قيمة الصادرات النفطية الإيرانية للهند أكثر من10 مليارات دولار, والمشكلة الوحيدة المتبقية بين الجانبين هي فنية بحتة ,إذ إن الموانئ الهندية الصغيرة غير قادرة على استقبال الناقلات الإيرانية العملاقة وبالتالي يتعين على البلدين إيجاد الحلول البديلة.
إن إيران بما تمتلك من موارد طبيعية متنوعة وثروات كثيرة وطاقات بشرية هائلة استطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي وخاصة من مادة البنزين وكذلك في مجال الطاقة النووية السلمية والتصنيع الحربي, فالحظر يبدو أنه شكل لإيران حافزاً للاعتماد على الذات والتقدم اقتصادياً وخاصة أنه ليس لدى الحكومة الإيرانية أي مشكلة في مجال الاحتياطات من العملات الصعبة.
والجدير ذكره أن إيران صدَرت خلال حزيران الماضي مابين 1.2 و1.3 مليون برميل يومياً , وأرباحها من النفط تشكَل80% من أرباحها الخارجية ,وهي تعدُ ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة الأوبك, ويقدَر الاحتياطي النفطي لديها بـ 137 مليار برميل أي 9% من الاحتياطي العالمي, إضافة إلى أن النفط الإيراني يعدُ من أجود الأنواع ومطلوب آسيوياً وأوروبياً.
بقلم : ميريي ديلمار