رغم ذلك فان صناديق الاقتراع فرزت محمد مرسي رئيسا لمصر، إذا المصريين انتخبوا مرسي رئيسا لهم وانتهى الأمر فمن الدكتور محمد مرسي أستاذ الهندسة المدنية في جامعة عين شمس والحائز على شهادة الدكتوراه في الهندسة المدنية من أشهر الجامعات الأميركية هو اليوم رئيسا لكل المصريين بعد فترة حرجة من التناقضات والتجاذبات التي اجتاحت الشارع المصري وكادت تنذر بكارثة حقيقية فيما لو لم يعترف المصريون بنتائج الانتخابات في جولة الإعادة في أول انتخابات ديمقراطية بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة .
مصر التي بقيت تحت حكم المجلس العسكري لمدة عام ونيف ، محمد مرسي الذي واجه منافسة شرسة مع احمد شفيق أخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق مبارك شفيق الذي حاز على نسبة كبيرة من الأصوات في الشارع المصري بالرغم انه يعد من فلول النظام السابق لان كثيراً من المصريين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى انتخاب شفيق خوفا من شبح الإخوان المسلمين الذي بات يسيطر على كامل المشهد السياسي في مصر مرسي وقبل جولة الإعادة للانتخابات حاول طمأنة المسيحيين بضرورة إشراكهم في حكم مصر كما انه تعهد بإعطاء المرأة كامل حقوقها ومشاركتها في كافة مناحي الحياة كما أكد على مشاركة الأقليات في العملية السياسية في مصر ووعد أن يكون نائب الرئيس المنتخب فإن أقواله بحاجة إلى تحويلها إلى أفعال كما يقول معارضوه فما اسهل الكلام على الإسلاميين الذين لايقبلون الأخر بسهولة وما أحوج المصريين الذين بات يحكمهم مرشح الإخوان المسلمين بشكل فعلي إلى الأفعال الصادقة وليس الأقوال وهو الرئيس الذي اعتمد على خطاب ثوري أعاد للأذهان خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليظهر بمظهر الرئيس القوي الذي لن يسمح إلا أن يكون جزءا من الحكم وليس ألعوبة بيد الجيش والبرلمان كما وصفه احد السياسيين المصريين بعد انتخابه رئيسا لمصر .
مرسي الذي خاطب الشعب المصري من ميدان التحرير حاول أن يظهر رجلا بسيطا أكاديميا غير أنيقا وهو يتقمص شخصية الرجل الثوري الواعد بالكثير لمصر ولشعب مصر بدا وهو يتحدى البرتوكولات الرئاسية من حماية أمنية لشخص رئيس الجمهورية وتغطية جوية لموكبه وحاول أكثر من مرة ان يخترق حراسه الشخصيين ويقترب من الشعب أكثر فأكثر في ميدان التحرير بالرغم من ان الشارع المصري مازال يعج بالتناقضات وعدم الأمان لشخص الرئيس الجديد، ومازال ميدان التحرير يحوي بين طياته الكثير من البلطجية الذين لا أمان لهم على حياة رئيس مصر الجديد ورغم ذلك قام مرسي بخلع جاكيته ليظهر للجميع المتواجدين في ميدان التحرير بأنه لايرتدي واقياً من الرصاص وهو يفتح صدره لمن يريد قتله .
وعلى ما يبدو بان هذه الصورة البسيطة لمرسي حاولت تقريبه من الشعب المصري ومن مناوئيه 0 الرئيس المنتخب لم يطمئن المصريين فقط في خطابه الأول بل طمأن جيرانه بعدم نقل الثورة المصرية إلى دول عربية مجاورة .
كما أكد على التزام مصر حكومة وشعبا بالمعاهدات المبرمة بين مصر وحلفائها وهو بذلك يطمئن إسرائيل بالتزام مصر بمعاهداتها مع إسرائيل على ما يبدو أننا سنشهد هذه الأيام وجها أخر للإخوان المسلمين الجدد الذين يواكبون الحضارة وينفتحون عليها ولو بالشكل فقط وهم في الأصل الأكثر تشددا من أي شي اخر0فقبل أيام من جولة الإعادة هدد أعضاء حزب الحرية والعدالة بكثير من الأشياء فيما لو تم استبعاد مرسي وعدم نجاحه في الانتخابات 0 فأي ديمقراطية تلك إذا لم يتم الاعتراف بالآخرين 0 جواب هذا السؤال وغيره ربما تجيب عليه الأيام القادمة التي ستبرهن على مدى قدرة الإخوان على حكم مصر والوصول بها إلى بر الأمان .