معالجون وأطباء
نفسانيون مختصون اشاروا في هذا السياق بأنهم يمتلكون برهاناً فيزيولوجياً جديداً يثبت امكانية تسبب الكوكائين بمرض خطير للدماغ.
وللتحقيق من هذه النتيجة قام باحثون من جامعة كمبريدج في بريطانيا بتقدير كمية الخلايا العصبية في أدمغة 120 شخصا بينهم 60 مدمناً على الكوكائين تتراوح أعمارهم مابين 18-50 سنة وتلك الموجودة في أدمغة من تعاطوا العقار لسنوات عدة فقط وذلك بالاعتماد على مصورة للدماغ ليخلصوا للقول بأن هناك علاقة بين المدة الزمنية لاستهلاك العقار وتدهور المنطقة الرمادية في الدماغ وتضرر المناطق الصدغية والجبهوية الأمامية له على نحو خاص إلى حد التلف من حيث أنها مراكز مهمة للذاكرة والانتباه واتخاذ القرارات.
ولكن هؤلاء الباحثون لم يتوصلوا كما غيرهم حتى هذه اللحظة لمعرفة مصدر الأثر المتلف لعقار الكوكائين على الدماغ والجهاز العصبي للإنسان المدمن.. لكنهم يقدرون بأن الارهاق المفرط الذي يعاني منه المدمن بسبب نقص الأكسجة أو تأكسد الأوكسجين على مستوى خلاياه العصبية إلى حد تسممها كما لوحظ في الحيوان هو عامل مهم في تدمير الذاكرة ومركز الانتباه واتخاذ القرارات والقدرات الادراكية والمعرفية هذه السمية تضاف إلى جملة المضاعفات الأخرى للإدمان وخاصة على مستوى الجهاز القلبي- الوعائي- والرئة والصدر والحالة النفسية.
الكوكائين عقار مخاتل ومخادع يباشر مسيرته في جسم الإنسان بإطلاق كثيف لمادتي الدوبامين والسيروتونين والنورأدرينالين في جهازه العصبي ليثير فيه موجة من الغبطة والانشراح والاحساس بالقوة والنشوة الوقتية والكاذبة مقابل رحلة أخرى من العذاب تبتدىء في إحداث ارتفاع في التوتر الشرياني وتقبض الأوعية الدموية جميعها وحرمان الأنسجة الحية من الأوكسجين، الوقود الحقيقي لها وتالياً الإحساس المؤلم والحاد في تجويف الصدر وعوارض أخرى كثيرة.
ووجد الباحثون أيضاً سبباً آخر يدفع إنسان مادون غيره للإقبال على المادة المخدرة يتعلق بجيناته الوراثية أي إنه مؤهب وراثياً ليميل نحو ذلك وقد عثروا بالفعل في سير دراستهم على شذوذات في دماغه تضفي عليه طبيعة نزقة وحادة خلال حياته العادية.
ومع ذلك، ارتأى هؤلاء الباحثون ومعهم الأطباء النفسانيون ضرورة تدريب مثل هذا الإنسان وأمثاله على ممارسة التقشف وكيفية الزهد بالمواد المخدرة وأخطرها على الاطلاق الكوكائين وتلقينهم تمارين عقلية وذهنية من شأنها استعادة جزء هام من قدراتهم النفسية المتدهورة لاسيما وأن تعاطي الكوكائين يحفز بشكل أكبر على الانتحار والتسبب بمضاعفات خطرة على الصحة الجسدية والعقلية معاً لايمكن استعادتها على الإطلاق..
وفي النهاية تخلص رئيسة البحث كارين إيرشين للقول بأن التوقف عن استهلاك الكوكائين قد يعيد الدماغ إلى نشاطه المعهود والطبيعي ولكنني أشك في إمكانية تعويض ماتم إتلافه من قبل هذا العقار المخاتل والهدام.
لوموند: بيبر كالدي