وفاته كالتالي: استحدث البشري في أساليب العربية أسلوباً فذاً، أضفى عليه من روحه المرحة وعلمه الواسع وذوقه السليم ما تفرد به بين الكتاب.
وكان البشري من أصدقاء عميد الأدب العربي د.طه حسين حتى إنه نشر كتابه الأهم «قطوف» في جزأين بعد وفاته عن «دار الكاتب المصري سنة 1947» التي كان حسين يديرها، علماً أن له كتابين آخرين «في المرآة» والتربية الوطنية».
وفي كتابه «الظرفاء» يقدمه الكاتب الظريف الآخر محمود السعدني هكذا: «من هذا المعمم الضئيل الذي كان يوزع وقته بين بار اللواء ومجالس الأدب والكتابة في الصحف بأسلوب ضاحك يقطر فلسفة وعمقاً وفهماً أصيلاً لطبائع البشر ودخائل النفس؟».
وهو يصف سخريته بأنها لاذعة تدمي ولا تجرح، وبديهته بأنها حاضرة ولسانه كسيف الله المسلول حتى على نفسه، يقابله رجل في الطريق فيطلب منه أن يقرأ خطاباً وكان الخط رديئاً إلى درجة لم تمكنه من القراءة فاعتذر للرجل وظن الرجل أن الاعتذار كان لجهل الشيخ فصرخ في وجهه متعجباً:
- أمال لابس عمه ليه؟
ونزع البشري عمامته من فوق رأسه وألبسها للرجل وقال:
- طيب لما الحكاية حكاية عمة اقرأ أنت الجواب..بقى!
وكتب البشري مرة يصف صديقاً فقال:
«متكور الوجه، ضيق العينين في ضيق محاجر، مقرون الحاجبين، لو رأيته مع إخوته لحسبته بعض تلك النباتات التي تخرج وحدها، لم يتعهدها منجل البستاني بالتسوية والتهذيب».
ويستطرد الأستاذ السعدني قائلاً:
- هل عرفت الصديق الذي يصفه الظريف البشري؟ إنه الأستاذ فكري أباظة.
وكان فكري أباظة كاتباً كبيراً ومن شيوخ الصحافة في مصر.