ولم تأت هذه الهواجس من فراغ، بل هي وليدة مشكلات حقيقية باتت تواجه النظام الاقتصادي خلال هذه المرحلة , حيث برزت مجموعة مخاوف تجاه الدور الاقتصادي للدولة خلال المرحلة القادمة، حيث تم تعيين نحو 450 ألف عامل جديد في الجهاز الحكومي الذي يعاني بطالة مقنعة، ليصل عدد العاملين إلى نحو مليونين ونصف.
وفي وقت كشفت فيه حكومة عصام شرف عن خطوات حاسمة تجاه استمرار سياسة الدعم سواء الموجه للغذاء أو الطاقة, تزايدت بشكل كبير الاحتجاجات العمالية المطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل , وقد اتجهت حكومة شرف إلى وضع حد أدنى للأجور لموظفي الدولة يبلغ 117 دولارا شهريا، على أن يصل الحد الأدنى للراتب 200 دولار شهريا في غضون خمس سنوات. ولكن العقبة هنا أن القطاع الخاص لا يزال بعيدا عن الانخراط في هذه الخطوة بدعوى أنها ستزيد من تكاليف الإنتاج.
تقليص حجم الديون
وصل الدين العام وفق تقديـــرات الموازنة العامة نحو 201 مليار دولار ما يمثل 81% من الناتج المحلي الإجمالي، المقدر له أن يصل في 2011/2012 إلى زهاء 251 مليار دولار.
ومن الخطوات الإيجابية التي اتخذت لتحجيم الدين العام, التراجع عن توقيع اتفاقيات اقتراض بقيمة10 مليارات دولار من البنك وصندوق النقد الدوليين , وقد لقي نبأ استغناء مصر عن القروض «ارتياحا في الأوساط المصرية بعد أن سادت أجواء متشائمة الشهر الماضي بسبب إشارة مشروع الموازنة العامة للدولة 2011/2012 إلى اعتزام اقتراض نحو 10 مليارات دولار من المؤسستين الدوليتين». والاستغناء تم بعد مراجعة مسودة الميزانية , التي تضمنت توقعات بعجز يبلغ 11 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي, وقد تم تعديله الى 8.6 بالمئة «بعد إجراء حوار وطني وبسبب قلق المجلس العسكري الحاكم إزاء مستويات الديون» التي تجاوزت 60 بالمئة من الناتج المحلي .
وبالتالي سيتراجع العجز, وفقا لوزير المالية المصري سمير رضوان, من 170 مليار جنيه الى 134 ملياراً, وستتم تغطية العجز المتوقع «في إطار القروض المحلية وبعض المنح من الدول العربية والأجنبية». كما إن تدفقات «جديدة للنقد الأجنبي من مجموعة من البلدان العربية ,سواء بشكل منح أو شراء سندات الحكومة المصرية أو تقديم قرض لتمويل المشروعات الصغيرة بمصر» ساعد في الابتعاد عن القروض الدولية .
يذكر ان مصر كانت اتفقت أوائل الشهرالماضي مع صندوق النقد على قرض بثلاثة مليارات دولار لأجل 12 شهرا بشروط «أخف من المعتاد في مثل تلك القروض» على حد تعبير القاهرة.
ماذا عن المستقبل؟
يبدو أن خروج الاقتصاد المصري من واقعه الصعب يشكل سؤالا يحتل مرتبة متقدمة بالنسبة للمهتمين عموما وسط مؤشرات لا تبشر بالكثير من التفاؤل خاصة مع استمرار الاحتجاجات وارتفاع حدة المطالبة بزيادة الرواتب والأجور في مختلف قطاعات العمل المصرية وعدم التفكير بفرض أي مطارح ضريبية جديدة على المواطن المصري, لكن هناك من يقول إن الاقتصاد المصري قادر على العودة أفضل مما كان عليه بعشرات المرات إذا نظرت الحكومة المصرية الحالية لمصالح الوطن والشعب وفتحت آفاقا واسعة لمبادرات المصريين وتوظيف العائدات الكبيرة لقناة السويس لمصلحة التنمية والنمو الاقتصادي وليس لمصالح فئات قليلة.