السيناريو الطويل يشدني إلى التذكير بحكاية الفرعون الذي يطارده اليهود..
ها قد ثأرنا..
كتاب ربما لم يهتم به الكثيرون صدر في مصر وحمل عنوان: الفرعون الذي يطارده اليهود.. لمؤلفه سعيد أبو العينين.. لن أدخل في تفاصيل الكتاب، بل سأوجز حكايته من بقايا ذاكرتي..
تقول الحكاية: إن اليهود حاولوا إخراج مومياء فرعونية من مصر إلى أوروبا لأمر ما.. وحين لم يفلحوا اتجهوا إلى أعلى المستويات العالمية، طبيب يهودي من بلد عربي ربطته صداقة برئيس فرنسي مطلع سبعينيات القرن الماضي أقنعه أن المومياء تحتاج إلى تعقيم، وبدوره بذل جهوداً لإقناع السادات بذلك وخرجت المومياء من مصر إلى فرنسا.. إلى المشفى وكان المذيع الفرنسي يردد لمشاهديه سنقدم لكم خبراً أهم من وصول الإنسان إلى القمر.. وعرضت المومياء..
ولكن الحدث الأهم كان يجري في الخفاء في كواليس المشفى، جنرال صهيوني مشهور يحمل عصاه ويخاطب الفرعون: أخرجتنا من مصر أحياء، وها نحن نخرجك منها عارياً بعد ثلاثة آلاف عام..؟!
ولن أذهب في التفاصيل أكثر.. فماذا نقول لمن لا يرون أبعد من أنوفهم.. هل نذكرهم كيف قتل عبد المجيد همو الباحث الذي أعد كتاباً مهماً عن الماسونية.. وهو من أبناء إدلب الخضراء.. بعد تهديدات له لثنيه عن نشر الكتاب وحين لم يفعل ذلك.. وجد مقتولاً تقطيعاً وتشويهاً ابحثوا وقارنوا بين أساليبهم وبين ما نراه على أرض الواقع ولاتنسوا أتباع (سبتاي) وما جروه على..
احترام زائد..
في مطلع الثمانينات قمت بزيارة سريعة إلى مدينة دمشق لشراء بعض الكتب، وفي أثناء العودة، وبالتأكيد بباص (الهوب هوب) كان حظي أن أجلس بالقرب من رجل وقور يرتدي أجمل الثياب، نظرته توحي أنه مفكر من طراز رفيع، ربما هضم الفكر الماركسي وما قبله وبعده.. ثلاث ساعات وأنا أخشى أن أتفوه بكلمة معه.. وصلنا حمص وبعدها.. الصمت سيد الموقف اقتربنا من تلكلخ.. ازداد وقاره حين صعد المهربون الباص ولم يقترب أحد منه.. وازددت ظناً أنه خليفة ماركس في الساحل السوري.. سرحت بعيداً وقريباً وشرقت غربت وأنا أتهيب حتى النحنحة.. بعد ست ساعات وصلنا مشارف نبع السن.. تحرك الرجل الوقور.. الهادئ.. تناول علبة برازق وسط وفتحها بطريقة مثيرة للانتباه تناول ثلاثة أقراص التهمها بسرعة غريبة وأشار إليّ أن أشاركه، شكرته على حسن كرمه.. فرد وليته لم يفعل.. بعد أن أصل إلى البيت لن يتركوني أتناول قرصاً واحداً منها سيأكلونها بسرعة.. لم أدر لماذا.
تمنيت لو أنه ظل صامتاً لم يتكلم، لم يتحرك، لم يفعل شيئاً.. ربما، لا أظن أني كنت بالقرب من خليفة ماركس لا.. آه ما أصعب أن يذوب الثلج ولو بعد حين..
مدرس ولكن..
حين قذفت به ريح طيبة لأن يكون مدرساً لمادة اللغة العربية في قرية مجاورة لقريتهم وكان في السنة الدراسية الثانية قسم اللغة العربية، ظن أنه سيصول ويجول ويقدم ما لم يقدمه أحد في التدريس.
أضيفت مادة التربية الإسلامية إلى ماكان يدرسه، وذات يوم انتظر قليلاً في ساحة القرية ليستقل وسيلة نقل تعود به إلى قريته لكنه ضجر من الانتظار، دخل حانوتاً تديره سيدة قروية طيبة، بسيطة، كريمة تحنو على الجميع من الطلاب، تقدم لهم الماء، وتنصحهم بالعلم لأنه الثروة الحقيقية.. حانت منها التفاتة إليّ وسألتني أتدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية، أكدت ذلك لتتابع قائلة: هل تحفظ القرآن..؟!
أسقط في يدي.. قلت: نعم، تابعت كله؟! صمت.. لاكشف أنها تحفظ القرآن الكريم كاملاً عن ظهر القلب.. لم تتباه على مدرس لم يحفظه ومعه الكثيرون كانت أخلاقها ومعاملتها الإنسانية تفوح عطراً وقيماً إنسانية نقية شفافة كالماء كريمة تحنو على الجميع لم أسأل يوماً ما عن اسمها لكن أعلم أنها والدة الأستاذ حسن.م. يوسف.
ربما يسأل من لا يقرأ ما بين السطور لماذا هذه الصور..؟!
أترك الإجابة لصور الحاضر..
dhasan09@gmail.com