قرأت مرة أن الملكة فكتوريا ملكة بريطانيا وقفت يوماً تتأمل شيخاً جاوز السبعين.. وكان الرجل أمام باب قصرها يتأمل موكب الملكة وهو يتحرك في ساعة مبكرة من الصباح، وعندما بلغ الموكب الرجل أمرت الملكة حاشيتها بالتوقف، فأدهشهم هذا التصرف..
وفجأة أطلت الملكة من نافذة عربتها الملكية، وأمرت باستدعاء الشيخ إليها.. ترى ماذا صنع؟.
ولكن حيرة الجميع مالبثت أن تبددت عندما ابتسمت الملكة في وجهه، وطلبت إليه أن يعطيها بعضاً من البندق الذي كان يضع حبات منه في فمه، ويحطم بأسنانه قشرتها السميكة بصوت مسموع.. وقدم الرجل بقية كيس البندق كله للملكة وقال: «إنها هدية لك يامولاتي»، قالت: «لا، إني أريد واحدة فقط» ومدت يدها وأخذت واحدة وحاولت أن تفعل بها ماكان يفعله الشيخ المسن، ولكن مالبثت أن أعادتها إلى يدها مرة أخرى..وقالت: «ما أسعد هذا الشيخ بأسنانه، إني على استعداد لأن أدفع أي مبلغ للطبيب الذي يستطيع أن يعيد إلى أسناني قوتها، فأعود إلى تذوق هذا البندق الذي رأيت مثله في فم هذا الشيخ». وكانت الملكة فكتوريا في ريعان شبابها، ولكنها كانت تعاني من أمراض اللثة والأسنان الضعيفة التي نخرها السوس.
إن الأسنان أهم آلة في جسم الإنسان، هذا المصنع الكبير الذي يعمل كل جزء فيه بحساب، ونحن لانحس بقيمة أسناننا إلا عندما نفتقدها ونفتقد معها التلذذ بالطعام.
ختاماً.. إن علم التجميل يعقد أهمية بالغة جداً على الأسنان في إكمال لوحة الجمال، وعلم الطب أيضاً يعقد نفس الأهمية لامن أجل الجمال وحده، وإنما لأنه تبين أن عدداً لايستهان به من الأمراض يكون منشؤه الأول هو الأسنان المريضة..