وهي بعد ذلك مسجلة على لائحة التراث العالمي، ولست هنا بالطبع بصدد سرد تاريخي لهذه القلعة، ولكن ماأحزنني حقا هذا الإهمال الذي تتعرض له وهي تحمل ماتحمله من الإرث الحضاري العريق وتحكي حقبة هامة من تاريخنا.
فالطريق إليها وكأنك تبحث عن إبرة في كومة قش، فلا مؤشرات تهدي إليها، ولا علامات بارزة تساعدك على الوصول، وإذا أسعفك الحظ وحططت رحالك فيها فستجدها خاوية على عروشها إلا من طفيليات النباتات وبعض البقايا الآدمية التي مرت بها، ومايحزن حقا أن لايستثمر هذا الموقع الهام سياحيا ليكون محطة هامة للسياحة الداخلية أولا ومن ثم السياحة العالمية.
وربما ليس هو المعلم الوحيد الذي يتعرض للإهمال، مع العلم أننا جميعا معنيون بالترويج لتلك الأماكن الأثرية العريقة والاهتمام بها، فهي تمثل تاريخ الآباء والأجداد، ومن واجبنا حمايتها ورعايتها والتمثل بمسيرة أجدادنا التي تجاوزت شهرتهم الآفاق ومازالت سيرتهم العطرة أنموذجا في العلم والقيم والبطولات النادرة.
ولأن الآثار هي جزء هام من تراثنا وواحدة من دعامات تشكيل هويتنا وانتمائنا التاريخي، ومن أدوارها ترسيخ معاني الوطنية والاعتزاز بالوطن، وخصوصا أن سورية تعاقبت عليها العديد من الحضارات عبر العصور، وكانت مسرحا للكثير من الأحداث التاريخية الهامة، فكان لزاما علينا حماية هذه الآثار، وهذه مسؤولية وطنية يجب أن يحملها الجميع.
ولاشك أن جهودا كبيرة تبذل من أجل حماية الآثار وخصوصا في ظل الحرب الظالمة على سورية، ونشهد بين الحين والآخر ترميم واستعادة العديد من الآثار، وهي جهود تسجل للجهات المعنية، ولكن هذا لايمنع من الاهتمام بالمواقع الأثرية الهامة وتزويدها بالخدمات اللازمة، والإضاءة عليها وتوجيه أنظار النشء إلى تاريخ أجدادهم وذلك بالتشجيع على الرحلات الهادفة والتعرف على تاريخهم الذي يمتد لآلاف من السنين.
ليس ترفا، بل حاجة وضرورة العناية بإرثنا الحضاري الشاهد الحي على عراقتنا والحامل لهويتنا الثقافية والتاريخية.